الرئيسيةحكايا في زمن الحرب

“زفاف مؤجل إلى السماء”.. هلا عصفور تودّع خطيبها محمد سلامة قبل أيام من فرحهما

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

هلا عصفور تودّع خطيبها محمد سلامة.. حكايا في زمن الحرب إعداد: سهر دهليز

في غزة، لا يُزفُّ العشّاق إلى الفرح، بل يُزفّون إلى الغياب.

هناك، تتقاطع خطوط الحب والموت على ذات الخريطة، وتُكتب القصص الكبرى بدمع ودم.

31 أغسطس 2025 لم يكن موعدًا عاديًا في حياة الصحفية هلا عصفور، بل تاريخًا محفورًا بين حلم مؤجل ووجع مقيم.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

كانت فيه عروسًا تستعد لارتداء الأبيض، لكنها ارتدت الحداد، وبدل الزغاريد، استقبلت التعازي، وبدل أن تُزف إلى محمد، زُف محمد إلى السماء.

رثاء القلب الموجوع

“لا أدري كيف يغمض لي جفن هذه الليلة…”

هكذا بدأت هلا عصفور رثاءها لخطيبها ورفيق روحها المصور الصحفي محمد سلامة، الذي ارتقى شهيدًا قبل أيام من موعد زفافهما المنتظر.

كان كل شيء جاهزًا للفرح وسط الحرب، حتى الفستان الأبيض، وصورتهما في دعوة الزفاف، ولكن الاحتلال قرر أن يسرق اللحظة الأخيرة، وأن يحوّل عرس العمر إلى مأتم.

محمد، الذي لم يفارق الكاميرا حتى اللحظة الأخيرة، استشهد وهو يوثق وجع غزة، وفي قلبه حُبّ لهلا، ومستقبل كانا يحلمان به رغم كل شيء.

كتب لهلا رسائل قصيرة مليئة بالأمل، وأحلام صغيرة كأن يعودا يومًا لبيت دافئ، يملؤه الضحك لا القصف، ويولد فيه أولادهما لا الشهداء.

تقول هلا:

“رحل عني ولم يرحل مني. ترك في قلبي عرسًا مكللًا بالفقد، وزفافًا إلى الحزن.”

بهذه الكلمات لخّصت وجع غزة كلها، حيث الحب لا يكتمل، والفرح لا يُمنح، والحياة لا تُعاش إلا على حافة الموت.

“الحب في زمن الحرب… عرسٌ مكلل بالفقد”

لم تكن الصديقة الصحفية وعد ابو زاهر تعرف المصور الصحفي محمد سلامة “الأسمر” من قبل، لكن الحرب، كما الحب، تفعل ما لا يتوقعه أحد.

رأته أول مرة يحمل فنجان قهوته الصباحي، ويطرق باب غرفتهن في مؤسسة “فلسطينيات”. برفقة خطيبته هلا، يحمل لها كل صباح “لبن العصفور” إن شاءت، وقلبه المتيّم إن شاءت أكثر.

ذات يوم، سألت الصديقة الصحفية وعد أبو زاهر، هلا سؤالًا عفويًا:

“لماذا يلح علينا الحب في الحرب؟”

ضحكت هلا في البداية بسخرية وقالت:

“علشان إحنا نِحسين”

ثم بصوت أكثر وجعًا همست:

“إن لم يكن هناك شيء سينقذنا من الموت، فليُنقذنا الحب من الحياة يا صديقتي”، لكن الموت في غزة لا ينتظر كثيرًا.

عرس مؤجل.. ورحيل لا يؤجل في غزة

أما الصديق الصحفي عمرو طبش في رثاء مؤلم لصديقه الشهيد محمد سلامة، الذي خُطفت روحه قبل لحظات من فرحه المرتقب مع خطيبته الصحفية هلا عصفور:

كان من المفترض أن نزف محمد عريسًا اليوم، أن تملأ الزغاريد المكان، أن نُهدي لهما كلمات حب لا دموع وداع.. لكن في غزة، حتى الفرح يُقصف قبل أن يولد“.

محمد لم يكن مجرد صحفي، كان روحًا طيبة، وقلبًا خفيفًا، وعاشقًا للحياة رغم كل ثقلها.

عرفته زميلًا لا يعرف الكلل، يحمل كاميرته وكأنها جزء من قلبه، يصور الألم لكنه لا ينكسر، يضحك رغم الدمار، ويحب رغم الموت.

هلا عصفور تودّع خطيبها محمد سلامة

رحلت يا محمد قبل أن تكتمل الحكاية.. وتركت خلفك هلا تلبس الحزن بدل الفستان الأبيض، وتنتظر الغائب بدل استقبال المهنئين. رحلت، وبقيت صورتك في قلوبنا، شهيد الكلمة والحب.

في غزة، لا شيء يُستثنى من الفقد، حتى الحب يُذبح على أعتاب الحرب. لكنك يا محمد، ستظل عريسًا.. في السماء، في الجنة، في ذاكرة من أحبّك ولم يودّعك كما يليق بك.”

في هذه المدينة المحاصرة، لا يموت الحُب، بل يُقتل. لكن هلا، مثل كثيرات من نساء غزة، لم تنكسر، بل كتبت حكايتها على جدران الذاكرة لتظل شاهدة على أن الحب كان هنا، وأن الاحتلال لم يقتل الحلم كله.

هلا عصفور تودّع خطيبها محمد سلامة
لقطات من حفل خطوبة هلا عصفور والشهيد الصحفي محمد سلامة
هلا عصفور تودّع خطيبها محمد سلامة
لقطات من حفل خطوبة هلا عصفور والشهيد الصحفي محمد سلامة
هلا عصفور تودّع خطيبها محمد سلامة
لقطات من حفل خطوبة هلا عصفور والشهيد الصحفي محمد سلامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى