سعيد الطويل: فشة غل.. التيك توك بيخلنا نراهق على كبر
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

في هذا العالم الّذي قارب مقياس درجة الجنون فيه حدّ الانفجار، يبقى أن أحييّ النّسبة القليلة التي تبقّت من العقلاء.. ولن أدعي أنني ممن تبقوا ،فلعل عدوى الجنون والانحدار قد يصيبني مثل طوفان يغمر كل ما يراه في طريقه دون رحمة.
التيك توك هو عنوان المرحلة ،يبرز من يحلو له ويطمس ما يشاء ، لم أعد أعرفُ إن كانت الكتابة مازالتْ تسمى موهبةً ما، فهاهو طوفانٌ جديد من المواهب الّتي لا معنى لها ولا هدف ولا رسالة ولا مبادئ، تصبح هي في الصّدارة المحلية و العالميّة لهذا التَّطبيق الدخيل ، إنه باختصار عالم المواهب الخرقاء الّذين قال عن أمثالهم نيتشه: ” هؤلاء يكدّرون مياههم، كي تبدو عميقةً”
بسرعةٍ خياليّة، أصبح تيك توك الأهمَّ والأكثر زيارةً من الرّواد الافتراضيين، ما جعل هذا الانتشار يغزوا عقول شبابنا وأطفالنا ومراهقينا
ها أنا أرى كلمتي تيك توك تركضان كفكّ مفتوح يزدرد ويبتلع ما يرى من شباب.. وها أنا أفقد القدرة على عدّ الضَّحايا الجدد
بعيدا عن تفاصيل من برز اسمه ومن زار ومن رحل ومن غنى ومن نافس ومن أصبح ترند بمفهوم هذا العالم الافتراضي
لكني أحب أن أقول بأننا نواجه خطرا حقيقياً ألا وهو تعظيم التفاهة، والانصراف عن كل ما هو نافع، والبعد عن القدوات الحقيقية النافعة..
إن المتأمل في اهتمامات الناس يفزع من المستقبل القريب ويتيقن بأن الحمل ثقيل على كاهل الأهالي والمصلحين وأصحاب المبادئ ليسود نظام التّفاهة وسيادة الرّداءة
هنا أستعيرُ بما قاله “آلان دونو” في كتابه نظام التّفاهة الذي أطلقه قبل شعبية تيك توك كما الآن: “زادت شبكات التواصل الاجتماعي من التّفاهة، وصنعتْ عقلاً جماعيًّا من التّفاهة، وصار بإمكان التّافهين أن يكونوا رموزا من خلال عدد الإعجابات التي يحصلون عليها، ويلاحظ هنا تقلّص صور النّجاح التي تعارفت عليها البشرية والتي كانت معاييرها العمل الجاد والصّالح أو التّفوق، لصالح معيار واحد هو: المال أو اللامهم
بالاضافة لإطالة زمن المراهقة
فما نراه هو تسخيف لقيمة العقل، وإطالة «زمن المراهقة» إلى ما فوق الثَّلاثين من خلال هذا التّطبيق، فقد كانت سياسة تيك توك تعبيدًا لطريق لشهرة بأقلّ الوسائل الممكنة أو بالأحرى بلا وسائل، حيث يمكن لأيّ مستخدمٍ التّمتّع بمنصّة تداوليّة تضعه في الحال أمام الآلاف، وهاهم أكثر الناس تفاهةً يحملون بسرعة حسابات موثقة بالشّارات الزّرقاء كما لو كانوا حسابات شخصيات كبيرة، وهو ما يجعلهم يُغرقونَ في تقديم جديد الإتفاه كلّ يوم، وغدت بعض الشركات والمؤسسات والفنادق والمطاعم تستقبل أكثرهم شعبيّة من أجل التّرويج