مقالات الخامسة

سفيان أبو زايدة: الأسیر أبو ھواش یختطف المشھد الفلسطیني

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

اسیر فلسطیني معتقل إداریا من قبل الاحتلال الإسرائیلي قرر ان ینتزع حریتھ من خلال الاضراب عن الطعام وھو السلاح الأكثر فعالیة الذي یستخدمھ الاسرى من اجل انتزاع حریتھم وحقوقھم. لم یكن الأسیر أبو ھواش اول انسان یتم اعتقالھ إداریا وفقا لقانون الطوارئ الذي فرضھ الانتداب البریطاني عام ١٩٤٥ و تمسك بھ الاحتلال حتى یومنا ھذا بعد اجراء التكییفات اللازمة التي تعزز من قمعھ و ظلمھ ، حیث منذ العام ٦٧ اعتقل عشرات الالاف من أبناء شعب الفلسطیني وفقا لھذا القانون و منھم من تم التمدید لھ لسنوات.
ولم یكن الأسیر أبو ھواش اول اسیر یتمرد على ھذا القانون ویعلن اضرابھ عن الطعام ولا یوقفھ الا بعد تعھد سلطات الاحتلال بعدم تمدید اعتقالھ الإداري بعد انتھاء المدة التي ستكون بعد شھرین. لقد وقف الاحتلال حائرا وعاجزا امام إرادة ھذا الانسان الذي صمد ١٤١ یوما لم یتبق خلالھا من جسده سوى جلده الذي التصق بعظمھ وكان اقرب الى الموت اكثر من قربھ الى الحیاة قبل ان یخضع الاحتلال الى ارادتھ الحدیدیة و یستسلم لمطلبھ العادل بعدم تجدید اعتقالھ.
على الرغم من ذلك، ولكي نكون واقعیین ، لو بقي الأسیر أبو ھواش لوحده ربما لاستشھد على سریره في المستشفى دون ان یشعر بھ سوى عائلتھ و بعض المؤسسات العاملة في مجال الاسرى. أبو ھواش انتصر بعد ان تجند الشعب الفلسطیني بكل مكوناتھ السیاسیة و التنظیمیة و الشعبیة و الإعلامیة و الحقوقیة و العسكریة . الجمیع عمل خاصة في الأسبوعین الأخیرین عندما اصبح وضعھ الصحي في خطر و شبح الموت اصبح یحوم من حولھ. لقد تحولت قضیتھ الى قضیة اجماع وطني عابر للتنظیمات و عابر للجغرافیا و عابر للمناكفات السیاسیة باستثناء بعض ضیقي الأفق .
الأسیر الذي اوشك جسده على الانھیار و اوشكت روحھ الاستسلام الى بارئھا استطاع من على سریره في المستشفى ان یسیطر على المشھد الفلسطیني بأكملھ. مسیرات في الضفة و غزة و الداخل الفلسطیني تطالب بالافراج عنھ، كل المسؤولین الفلسطینیین من قیادات سلطة الى قیادات تنظیمات تجندوا لاسناده بما في ذلك القیادات الفلسطینیة من الداخل خاصة أعضاء الكنیست الفلسطینیین . التنظیمات الفلسطینیة المسلحة في غزة ھددت باستخدام ما لدیھا من إمكانیات اذا ما فقد الأسیر أبو ھواش حیاتھ، و الوضع في الضفة لا ینقصھ مزیدا من المحفزات لكي ینفجر. الاحتلال الإسرائیلي الذي فشل رھانھ على كسر إرادة الأسیر كان یدرك ان استشھاده سیحدث انفجار سواء كان في الضفة او في غزة و سینعكس بالتأكید على الوضع في الداخل الفلسطیني كمان حدث في العدوان الأخیر على غزة . لكي لا یحدث ھذا یجب ان لا یستشھد الأسیر أبو ھواش. لذلك لم یكن لدى الاحتلال أي خیارات أخرى من اجل منع الانفجار سوى نزع الفتیل من خلال الاستسلام لمطلب الأسیر العادل. ردود الفعل من بعض القیادات الإسرائیلیة ، خاصة الیمینیة منھا تعكس حجم الانتصار الذي حققھ أبو ھواش بمساندة و دعم كل مكونات الشعب الفلسطیني . وھناك من أشار الى خطورة ھذا الوضع على قوة الردع الإسرائیلیة وان كان بعض ھذه التصریحات لھ علاقة بالمناكفات الداخلیة لدیھم. إسرائیل الدولة النوویة الوحیدة في المنطقة و التي تملك قوة عسكریة تقول انھا جاھزة للقتال على اكثر من جبھة في نفس الوقت وقفت عاجزة امام إرادة اسیر قرر ان یقھر ھذا الجبروت باستعداده للموت البطیئ من خلال استخدامھ ھذا السلاح النووي الذي یسمى الاضراب عن الطعام. الماكینة الإعلامیة الإسرائیلیة أصیبت بالشلل و أصیبت بالخرس امام إرادة ھذا الأسیر و ارداة شعب مقھور لانھا لا تستطیع ان تبرر اعتقال انسان عشرات المرات وفقا لقانون طوارئ فرضھ الانتداب البریطاني عام ١٩٤٥ وھي تدعي امام العالم انھا الدولة الدیموقراطیة الوحیدة في المنطقة. و لم تستطع ان تبرر كیف تمكن انسان ان یصمد ١٤١ یوما مضربا عن الطعام دون ان تنكسر روحھ المعنویة. المؤسسة الأمنیة الإسرائیلیة من جیش و جھاز مخابرات حیث الأسیر أبو ھواش معتقل على ذمتھ كان علیھم ان یتخذوا القرار بعد تقدیرھم القاطع ان استشھاد أبو ھواش سیجرھم الى عدوان جدید في غزة و سیفجر الوضع في كافة الأراضي الفلسطينية.

لذلك كان علیھم ان یقدموا توصیھ بالاستجابة لمطلب الأسیر كأقل الخیارات سوء. انتصار الأسیر أبو ھواش لا یتمثل فقط في انتزاعھ حریتھ من براثن الاحتلال بل ھو ابعد من ذلك بكثیر. أبو ھواش استطاع ان ینتزع محبة و تعاطف كل الشعب الفلسطیني المتعطش الى نموذج جدید من القیادات التي تضحي بنفسھا من اجل شعبھا وقضیتھ العادلة بعد ان سئم النموذج الذي یرید ان یضحي الشعب من اجلھ. انتصار أبو ھواش تجسد من خلال توحید كل مكونات الشعب الفلسطیني حتى لو كان لأیام معدودات بعد ان اثخنتھ جروح الانقسام و التشرذم و الضیاع السیاسي و الوطني. انطوت صفحة الأسیر ھشام أبو ھواش و بدأت صفحة جدیدة لا تقل أھمیة وھي قضیة الأسیر ناصر أبو حمید الذي یعاني من وضع صحي خطیر تم نقلھ على اثرھا من سجن عسقلان الى مستشفى برزیلاي ھناك. و كما احتلت قضیة أبو ھواش المشھد ستحتل قضیة الأسیر ناصر أبو حمید المشھد خلال الأیام و ربما الأسابیع المقبلة تحت شعار انقذوا حیاة الأسیر ناصر أبو حمید.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى