مقالات الخامسة

سوريا بين الاسد والشرع: كالمستجير من الرمضاء بالنار

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الكاتب: السفير حكمت عجوري

الانقلاب الصهيوعربي العثماني ضد نظام الحكم الاسدي في سوريا سيبقى حديث الساعة طالما ان العقل المدبر والداعم الاساسي للانقلاب او بالاحرى المايسترو الامريكي يريد ذلك من اجل مسح ما تراكم في اذهان الغرب وتحديدا الامريكيين من حقائق صاعقة كانت غائبة عنهم فيما يتعلق بحرب الابادة والتطهير العرقي التي يمارسها حلفائهم من الناجين من المحرقة النازية في الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الفلسطينية مباشرة امام مرأى ومسمع العالم كله. 

حافظ الاسد ديكتاتور مستبد استولى على الحكم في سوريا بالقوة سنة 1971 بعد ان انقلب على رفاقه نورالدين الاتاسي وصلاح جديد بان حاصر اجتماعهم بالدبابات وسجنهم وكان في حينه وزيرا للدفاع وذلك بقرار ومباركة امريكية كعقاب امريكي لنظام الاتاسي بسبب تدخله لصالح قوات الثورة الفلسطينية الصاعدة في حينه في الحرب الاهلية في الاردن سنة 1970 وهذا ليس مبالغة او تجني وانما هو حقيقة لانه جاء بعد تهديد علني من واشنطن لسوريا بعدم التدخل وما زلت اذكر عبارة صلاح جديد تقول “تعق الغراب في واشنطن ليقول بان الجيش السوري تدخل”.

ألاسد وبحكم انتماءه لاقلية سورية ومن اجل ان ينجح في انقلابه الذي اطلق عليه الحركة التصحيحية استخدم وصوليين ومنتفعين من حثالات السنة في سوريا وعلى راسهم مصطفى طلاس وشرع منذ اليوم الاول بتاسيس اجهزة امن تجاوزت العشرة وكلف كل جهاز فيها التجسس على الاخر درألاي محاولة انقلابية كسابقاتها وهن كثر في الحكم في سوريا لدرجة ان الانقلابات السابقة في سوريا اصبحت مكان تندر حتى للاسرائيليين حيث قال احدهم ان من يريد ان يكون رئيس لسوريا “يروح يصف على الدور”وهنا لن ادخل في تفاصيل جرائم و انتهاكات نظام حافظ الاسد بحق الشعب السوري والذي تتوج بمذبحة حماة في فبراير سنة 1982 ومحاصرتها لمدة 27 استخدمت قوات الاسد بقيادة اخيه رفعت في حينه سياسة الارض المحروقة والتي انتهت بقتل اكثر من 20 الف سوري وما زالت رائحة الدم تفوح منها الى يومنا هذا اما جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وثورته فهي حدث ولا حرج بدأها بمذبحة تل الزعتر في منتصف سبعينات القرن الماضي مرورا بحرب المخيمات في شمال لبنان(البداوي ونهر البارد ) سنة 1983 من اجل استكمال ما فشلت به اسرائيلفي اجتياحها للبنان في اخراج قوات الثورة من هناك قبل ذلك بسنة

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

نجح الاسد بدمويته وعشقه للقتل والقمع في وقف مسلسل الانقلابات في سوريا بحيث حكم لغاية موته كما نجح في تاسيس نظام التوريث في الحكم وكان يعد ابنه باسل من اجل ان يكون خليفته الا ان القدرحال دون ذلك بمقتل باسل في حادث سير وهو ما تطلب عودة بشار من بريطانيا حيث كان يتخصص في طب العيون وبحسب ما تراكم من معلومات فان بشار الاسد كان يفضل الطب على السياسة ولم يرجع الا بعد تهديد من السيد الوالد.

بشار الاسد كشخص في اعتقادي وربما بحكم مهنته من غير الممكن ان يكون دموي بالفطرة كما والده وقد تسلم الحكم في سن مبكرة لم يسمح بها الدستور الذي تم تعديله في لحظة وفاة الاسد الاب ليسمح لبشار ابن الستة والثلاثون عام من ان يصبح رئيس وهذا يثبت حقيقة ظاهرة الانتفاع لاعوان الاسد من السنة الذين ساهموا بتغيير الدستور واستمرار نظام القمع من اجل تحقيق غاياتهم في سرقة مقدرات وثروات الشعب السوري.

بشار الاسد بالتاكيد خضع لعمليات غسيل دماغ من اجل ان يتحول من طبيب عيون الى طاغية ومستبد وبسبب ذلك كان فاشلا في الحكم وفاشلافي السياسة لان من الواضح ان السياسة لم تكن ضالته في الحياة على الرغم من ان العرق دساس وعلى ذمة المرحوم الرئيس المصري مبارك فان ام بشار الاسد هي التي كانت تتحكم فيه وتحكمه وهو الامر الذي جعل من بشار مفصول تماما عن الواقع وعدم المامه بحقيقة ما كان يجري في المجتمع السوري الكاظم للغيظ على مدار اكثر من خمسين سنة من حكم العائلة الاسدية الاستبدادي وهو الامر الذي ساعد كثيرا على انجاح الانقلاب الذي نحن بصدده.

الى كل ماسبق نضيف بالخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه بشار في الاستعانة بقوى خارجية ( روسيا وايران وحزب الله) بعد ان تبين امره جليا بعد ذلك بانه استقواء من اجل الحفاظ على النظام وليس حماية سوريا كوطن ارض وشعب والدليل على ذلك هو عدم قيامه باي مبادرة ومن اي نوع لاصلاح ما افسده النظام الاسدي بحق الشعب السوري وذلك بعد ان هدأ غبار الحرب الاهلية او الحرب الارهابية او الخارجية التي اشتعل فتيلها في سنة 2011 بذريعة تطبيق الديمقراطية تارة والقضاء على الاستبداد تارة اخرى.

فَشل بشار الاسد في اصلاح ذات البين بينه وبين شعبه بعد توقف حرب الارهاب التي ذكرناها انفا وعودة سوريا الى محيطها وبيئتها العربية والجامعة العربية والذي كان ممكنا ورهن اشارته لو اراد سواء بعودة ملايينالسوريين المهجرين او باطلاق سراح الاف السجناء السياسيين او اطلاق سراح بعض الحريات .

هذا الفشل في اعتقادي تسبب في تشويه معنى المواطنة لدى معظم السوريين وهو الامر الذي بسببه تمكنت نفس قوى حرب الارهاب من الاطاحة بنظامه وبسرعة البرق بدليل هذه الفرحة العارمة التي نراها بين ابناء الشعب السوري مع اني على قناعة بان الشعب السوري اذكى بكثير من حكامه من عائلة الاسد سابقا اومن ابناء القاعدة الجدد برئاسة الجولاني الذي وجد في احمد الشرع اسما تسويقيا افضل يليق برئيس .

الشرع او الجولاني او ايا كان اسمه فهذا ليس هو المهم في هذه المرحلة ولكن المهم هو انه خليفة ابومصعب الزرقاوي زعيم القاعدة ، الا انه وللاسف كسب في سوق بورصة المصالح الامريكية ليكون الجندي الامريكي الجديد المكلف مرحليا ليكون بديلا لنظام الطغيان الاسدي. بعد ان كان يتربع لسنين على راس قائمة التصنيف الارهابي الامريكي.

ما حدث في سوريا حتى وان طرب له السوريين وهم اهلنا بالدم والجينات الا انه في الحقيقة مجرد استبدال حجارة على رقعة الشطرنج الامريكي ارهابي مكان طاغية خدمة لاهداف استراتيجية صهيونية لتسهيل التمدد الصهيوني من الفرات الى النيل وليس ادل على ذلك هو ما نشهده من تدميرللجيش السوري واسلحته وبنيته التحتية وهو استكمال لما حدث في العراق في سنة 2003 ولو بوسائل مختلفة من اجل تحويل دول الطوق الى كيانات تلهث وراء لقمة العيش على الرغم من كل ما انعم الله على هذين البلدين من ثروات في باطن الارض وفي ظاهرها وهو ما يعني ان ما حصل في سوريا هو كالمستغيث من الرمضاء بالنار.

ختاما اقول وبكل ثقة بانه وعلى الرغم من كل ما ذكرناه انفا بان الشعب السوري الذي كان ممسكا على الجمر ايام الاسدين الاب والابن وبما يملكه من ذكاء فطري وطني وعروبي فانه وبدون شك سوف يعيد سوريا الى موقعها الريادي و مكانها الطبيعي كمنارة حضارة كما كانت وهي اصل الحضارة في المنطقة.

تغطية مستمرة.. تابعونا على قناة شبكة الخامسة للأنباء في تيلجرام

حمى الله بلاد الشام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى