صبري صيدم: النفق وارتفاع المخزون الاحتياطي للكراهية!
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
عقود طويلة انقضت على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي راكمت معها قدراً كبيراً من الحقد والكراهية. كراهية جعلت من السلام هدفاً صعب المنال، وذلك بفعل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والتي آمنت بالقوة والقمع وسيلة لطمس الهوية الفلسطينية، وتسابقت لتحقيق شعبيتها وزيادتها على حساب الدم العربي دون أن تقرأ التاريخ جيداً وتدرس المسارات التحررية للشعوب المظلومة.
وتحقيقاً لمقولة: مصائب قوم عند قوم فوائد، فقد ساهمت مصائب الاحتلال في زيادة هرمون الإصرار لدى الشعب الفلسطيني فارتفعت وتيرة حفاظه على هويته الوطنية متشبثاً متمسكاً وقابضاً على جمر المعاناة، إيماناً بحريته وخلاصه الأكيدين.
وفوق هذا وذاك فقد زادت حكومات تل أبيب من السعي المحموم لتجذير الكراهية وارتفاع معدلاتها ظناً منها من جديد بأن الضغط سيقود لانكسار الشعب المحتل وتقهقره، لتفاجأ حكومات الحاقدين تلك بتصاعد وتيرة النمو السكاني وزيادة شغف الفلسطيني بالعودة إلى أرضه. هذه الزيادة في التعداد السكاني قد قادت لموجات هيستيرية غير مسبوقة اليوم لدى الاحتلال جعلته يستحدث حرباً جهنمية متصاعدة.
شعب تقتله فيتمسك بأرضه أكثر، شعب تهدّم بيوته فيعيش على ركامها وأطلالها، شعب تنهش أرضه فيتمسك بالبقاء والهوية، ومع ذلك كله ترفض إسرائيل الاتعاظ، بل تلجأ إلى رفع مستويات البطش وبكل الاتجاهات بحثا عن تماسك ائتلاف حكومي صهيوني فج، وتسابق لتحقيق مكاسب شعبوية على حساب دم الشعب الفلسطيني المنكوب.
ومع تتابع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وعبر جولات الانتخابات الخمسة الماضية فإن القاسم المشترك الأعظم فيما بينها إنما قام على تجنب استخدام كلمة «سلام» في نقاشاتها الجماهيرية وأدبياتها الصدئة وحملاتها الانتخابية الصارخة باستثناء الخطابات الدولية النادرة ولأغراض استعراضية فارغة ليس إلا.
ومع صعود بن غفير وسموتريتش وحليفهما نتنياهو تنامت حدة الاستفزازات تجاه الفلسطينيين لتتحول إلى ماراثون كراهية استنزافي إحلالي قائم على أرضية المشاغلة الهجومية في عديد المواقع المتناثرة، والتسابق على زيادة هدر الدم الفلسطيني في جولات استرضاءات حزبية تضمن لدولة الاحتلال ترسيخ مبدأ اقتحام المسجد الأقصى يومياً سعياً لجعله أمراً اعتيادياً على طريق التقسيمين الزماني والمكاني.
ومع صبيحة كل يوم تتفتق قرائح حكومة الطيش الإسرائيلية بالمزيد من الأفكار العدوانية العسكرية والمالية والتشريعية اعتقاداً منها بأن هذا الحال سيوصل الفلسطينيين إلى حالة الإحباط الشامل، إلا أنها تزيد على الكراهية القائمة كراهية إضافية تجعل من تناميها أشبه بمخزون إضافي يضاف إلى ما تسببت به حكومات الظلم المتعاقبة من حقد وتنافر كبيرين.
هذا الحال تتحمل حكومة إسرائيل مسؤوليته بشكل كامل كونها لا ترى ولا تريد أن ترى الشعب الفلسطيني، وكونها تؤمن وكما قال أحدهم بأن العربي الجيد هو العربي الميت.
ولعل سلسلة القوانين والقرارات العنصرية المتواصلة بما فيها قتل الأسرى، وسحب الجنسية، واحتجاز الجثامين، وترحيل الناشطين، وهدم البيوت، والإعدام بدم بارد لتؤكد على أن لغة القوة ومخزن الكراهية إنما سيؤسس حتماً لمواجهة شاملة وسيجعل من احتدام المقاومة الفلسطينية المتدحرجة والمتصاعدة حدثاً يومياً اعتيادياً.
ومع عقد الحكومة اليمينية لاجتماعها الأخير في نفق أسفل المسجد الأقصى فإن مخزون الكراهية قد تعالى وفاض ليكون بمثابة خزان البترول الذي سيزيد النار اشتعالاً.
فالفلسطيني يراقب ولا ينسى وإنما يدّون ويتألم على طريق الانفجار الشامل الذي تتحمل إسرائيل المسؤولية المطلقة عنه. فهل تشهد المنطقة انفجاراً مدوياً أمام سيل الاعتداءات الإجرامية الصهيونية أم يستفيق العالم النائم ليضع حداً لحكومة الظالمين في تل أبيب؟ ننتظر ونرى!