شبكة الخامسة للأنباء - غزة
تقرير: سهر دهليز
لم تكن “طوفان الأقصى” عملية عابرة، لتطفو على كافة مناحي الحياة لعام كامل من الويلات التي مر بها قطاع غزة، بنزوح مستمر إلى خيام مهترئة وملاجئ غير آمنه وسط صمت عالمي يرفع شعار العدالة واحترام حقوق الإنسان، تحت سماء تمطر باروداً لكشف زيف ادعاءاتهم حينما تركت تلك الدول الاحتلال الإسرائيلي يعيث في الأرض فساداً، قتلاً وتدميراً وانتهاكاً وخراباً، مرة بسلاح إطلاق النار ومرة أخرى بسلاح الجوع والعطش.
الباحث والمحلل السياسي د.طلال أبو ركبة قال: “إن الرؤية باتت أكثر وضوحاً بعد مرور عام كامل للحرب على قطاع غزة، وأن إسرائيل ماضية في إطار حسم القضية الفلسطينية بشكل واضح جدا مستغلة أحداث السابع من أكتوبر لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية برمتها، وفق المنظور الإسرائيلي القائم على التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، ومحاولة إخراج غزة خارج سياقه الوطني وتشكيل هيئة حكم محلي في قطاع غزة بمنأى عن السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنأى عن حركة المقاومة الاسلامية “حماس” لإنهاء الحقوق الفلسطينية بشكل كامل بهذا الشأن”.
تهجير قسري وانهاء الوجود الفلسطيني
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي فرض واقع التهجير القسري للسكان في قطاع غزة وتقسيمه إلى شمال وجنوب، وذلك محاولة لخلق واقع سكاني مأساوي في جنوب القطاع، والعمل على قصف وتدمير شمال القطاع بحجة تنظيفه من جنود المقاومة بعد عمليات الخطف للجنرالات الإسرائيلية من قبل المقاومة كما هو معلن، مؤكداً أن الهدف الحقيقي لعملية تقسيم القطاع هو انشاء منطقة عازلة توفر الأمن للوجود الإسرائيلي بعد تعرضها للطمة كبيرة جدا في عملية السابع من أكتوبر، وتصحيح الخطأ التاريخي لحكومات إسرائيل السابقة في انهاء الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية والبداية من غزة مروراً بالضفة ثم إلى أراضي الداخل المحتل عام ٤٨.
وأضاف أبو ركبة: “أن إسرائيل لا تريد انهاء المفاوضات دون تحقيق أهدافها وتحقيق صورة النصر المطلق بتفكيك واستسلام لكافة فصائل المقاومة في قطاع غزة واستعادة أسراها من المقاومة وخلق مستوى حكم من منظور إسرائيل، وهذا ما فشلت به ومازالت تقوم بإفشال جميع محاولات التفاوض لاستخدامها كورقة لإطالة الوقت من أجل تمرير رؤيتها لليوم التالي للحرب على غزة الذي مازال الصراع قائماً عليه، وأن نتائج المعركة النهائية على الأرض وحدها فقط من ستحسم أي رؤية سيتم اعتمادها سواء كانت رؤية الاحتلال أم رؤية فصائل المقاومة والسلطة الفلسطينية”.
وأكد أبو ركبة أن هذه الحرب لم تكن عشوائية وإنما جاءت ضمن مخطط مدروس لا يفصل بين حرب غزة أو لبنان وأن الحرب على لبنان جاءت لتحييد حزب الله عن إسناد جبهة غزة، فإسرائيل تسوق نفسها باعتبارها شرطي المنطقة وسيد الإقليم وتريد إنهاء جميع مسببات الصداع المزمن لها في الإقليم والذي يعتبر حزب الله واحداً منها تريد الإجهاز عليه بتبديد قواه وتحيده عن أي فعل مقاوم حقيقي للسياسات الإسرائيلية في الإقليم
الانتخابات الأمريكية
وبالحديث حول الانتخابات الأمريكية ومفاوضات إنهاء الحرب على غزة أكد المحلل السياسي والناطق باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح د.عماد محسن على انعدام الأفق لإبرام صفقات حقيقية لوقف اطلاق النار في قطاع غزة، وأن الإدارة الأميركية كالبطة العرجاء مع اقتراب موعد الانتخابات، ونتنياهو متمسك بتحالفه الذي يرغب في اشعال المزيد من الحروب وإنهاء القضية الفلسطينية برمتها، وأن البيئة السياسية في المنطقة لا تشير إلى رغبة مرتبطة بإرادة حقيقية لإبرام صفقات قريبة.
وأوضح أن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لن تحُدث فارقاً في القضية الفلسطينية والحرب على قطاع غزة، وأن المرشحين للرئاسة كمالا هاريس ترغب بتقطيع الفلسطينيين بسكين الزبدة، والرئيس السابق دونالد ترامب يريد تقطيعهم بمنشارٍ خشِن، ولا فروق جوهرية بين المتنافسين فيما يخص الصراع والموقف من فلسطين وقضيتها، فهاريس تعتبر أن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها وتنادي بوقف الحرب وإعادة الرهائن، بينما يدعم ترامب إسرائيل في حربها على قطاع غزة ويدعو لاستمرار الدعم كي تحقق إسرائيل أهدافها.
وأشار محسن لعدم الاختلاف في نظرة مرشحي الرئاسة لملف الحرب على قطاع غزة، وأنه لا يوجد أي فروق بين الجمهوريين والديمقراطيين فيما يخص العلاقة مع إسرائيل والموقف من الصراع على الأرض، فمعادلة المصالح في أميركا تجعل القرار السياسي رهين اللوبيات، وأقواها على الإطلاق اللوبي اليهودي، لذلك فلا فروق ولا خلافات بين الحزبين الكبيرين فيما يخص القضية الفلسطينية والحرب على غزة.
ولفت محسن إلى عدم رضوخ نتنياهو للدعوات الدولية بوقف اطلاق النار إلا إذا استشعر أن هناك ضغط حقيقي، وهو غير موجود اليوم، وأنه قال للعالم من على منبر الأمم المتحدة أنه بالقوة، وفقط بالقوة، يستطيع أن يجلب الأمن لشعبه، وبالتالي فإن وقف النار سيتحقق في حالة واحدة فقط، هي عندما يطلب نتنياهو من الولايات المتحدة أن تدفع باتجاه وقف إطلاق النار على قطاع غزة، وفقط في هذه الحالة سيتحقق شرط الانصياع للدعوات الدولية.
توسيع العدوان ونذر حرب إقليمية
وقال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” د.صلاح عبد العاطي: “إن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله و رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أثر كبير على توسيع العدوان في المنطقة ونذر الحرب الاقليمية، وخاصة أن هذا تجاوز لكل الخطوط الحمراء والذي أدي إلى رد إيران على اغتيال هنية ونصر الله”، مشيراً إلى أنه لم يعد هناك حديث عن مفاوضات وقف إطلاق النار بقدر الحديث عن توسيع الصراع خاصة في ظل عدم رغبة إسرائيل بوقف العدوان وهي تدرك أن جوهر وقف العدوان واستقرار منطقة الشرق الاوسط يبدأ بوقف الاحتلال الإسرائيلي الحرب على غزة، وهذا ما أعلنته كل الجبهات التي فُتحت لإسناد قطاع غزة.
وأضاف: “أن نتنياهو ماضي في مخططه الذي فشل فيه بالسابق وهو رؤيته (إسرائيل تحت الشمس) لبناء شرق أوسط جديد تستند فيه إسرائيل على المنطقة وتشمل ذراعاً أمنياً أو ناتو أمني في المنطقة بموجبه تسيطر إسرائيل على الدور الإقليمي وعلى مواقع الملاحة وحقول الغاز وتسمح لها بأن تكون القوى الإقليمية الرئيسية”، مؤكداً أن نتنياهو يسعى إلى توريط الولايات المتحدة الأمريكية في حرب مع إيران بهدف القضاء على التهديدات التي تواجهها، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل، ولكن هل هذا يمكن أن يتحقق؟؟
وأوضح عبد العاطي أن كل ما يمكن تحقيقه من مساعي إسرائيل يتوقف على نتائج الحرب وقدرة حزب الله وفصائل المقاومة والشعب الفلسطيني على الصمود وقدرة إسرائيل ورغبتها في مواصلة عدوانها بدعم أمريكي، وطالما هناك دعم أمريكي وأوروبي ستستمر في هذا العدوان، لافتاً بتقديراته لفشل المساعي الإسرائيلية في حال استمرار عملية الممانعة والتصدي لها رغم كم الخسائر الفادحة التي لحق بأرواح المدنيين والأعيان المدنية، فإسرائيل باتت عباءً على المجتمع الدولي والبشرية هي والولايات المتحدة التي ترسخ شريعة الغاب بعيداً عن القانون الدولي والإنساني، وأننا أمام احتمالات جوهرها الأساسي التصعيد وليس وقف إطلاق النار وستستمر هذه الأوضاع إلى حين نتائج الانتخابات الأمريكية واستلام الرئيس الجديد الحكم.
بعد عام كامل من الصمت والخذلان عاشه الغزيون في ظل حرب مسعورة طالت الأخضر واليابس… ألم يحن الأوان ليتوقف العالم عن اتباع سياسة الكيل بمكيالين ليضع حداً لسلوك وسياسة إسرائيل العدائية التي ستدفع المنطقة لحرب شاملة لن تضر فقط بأمن واستقرار شعوب الشرق الأوسط بل ستؤثر على السلم والأمن العالميين.