عـن الـعـدالـة الـبـيـئـيـة الـمـفـقـودة
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

كتب: عقل أبو قرع:
في تقرير للامين العام للأمم المتحدة قام بعرضه أمام مجلس الأمن الدولي قبل عدة أيام، بين الخطر الحقيقي الذي يواجه العالم بسبب التغيرات المناخية المتصاعدة التي تجتاح العالم هذه الأيام. وأشار التقرير الى الخطر الداهم على الأمن والسلام في العالم بفعل ارتفاع مستوى المياه في المحيطات والبحار، الناتج عن ذوبان الجليد بسبب ارتفاع حرارة الأرض، وما لذلك من تداعيات وخيمة على الناس في بقاع متعددة في العالم.
وأوضح التقرير أن ارتفاع مستوى المياه في المحيطات يهدد فعلاً باختفاء مدن مثل شنغهاي في الصين وميامي في الولايات المتحدة والإسكندرية في مصر، ويشكل خطراً داهماً على دول مثل بنغلادش والهند والصين وهولندا، وذلك بسبب الفيضانات المتوقعة، وفي نفس الوقت سوف يؤدي الى تسرب المياه المالحة من البحار والمحيطات الى خزانات المياه الجوفية ومصادر المياه الحلوة، وما لذلك من تداعيات هائلة على التربة والزراعة والمياه والأمن الغذائي والهجرات القسرية والعنف، وبالتالي على السلام والأمن في العالم.
وفي تقرير دولي آخر صدر قبل فترة وتم تقديمه الى الأمين العام للأمم المتحدة، تم تبيان الصورة القاتمة التي سوف يؤدي إليها التغير المناخي خلال السنوات القادمة، ومنها إلحاق المجاعة بحوالي 180 مليون إنسان، حيث تكون المرأة هي الأكثر هشاشة.
ويحذر التقرير من تصاعد انتشار الحرائق والفيضانات وفقدان التربة الزراعية أي التصحر وارتفاع حرارة الأرض وشحّ المياه والتلوث بأنواعه، سواء تلوث الهواء أو المياه أو التربة أو الطعام، والتصاعد الكبير في نسبة الأمراض وحتى ظهور آفات جديدة وبالتالي أمراض أو أوبئة جديدة، والإخلال بالتوازن الطبيعي البيئي والتنوع الحيوي.
وهذه التداعيات للتغيرات المناخية تعمق غياب ما يُعرف بـ «العدالة المناخية أو البيئية»، في العالم، حيث تعاني الفئات الأكثر هشاشة أو الأشد فقراً أو الأكثر ضعفاً، بما تحدثه الفئات الأكثر قوةً أو الأغنى أو المحصنة أكثر، حيث ستكون تأثيرات التداعيات البيئية والمناخية أكثر على هذه الفئات من الدول والمجتمعات والمناطق، وفي داخل المجتمع الواحد، سوف تتأثر الفئات الأكثر هشاشةً أو الأقل قدرةً على الوصول الى المصادر والفرص وتحقيق الإمكانيات وملاءمة الظروف حسب المتغيرات، وهذه الفئات سوف تتأثر من منطلق النوع الاجتماعي، بحيث يكون وقع التأثيرات أكثر حدةً على النساء بشكل فردي أو جماعي، ومن ضمنها المرأة الفلسطينية.
وغياب العدالة البيئية والمناخية من منظور النوع الاجتماعي، يعني أن تكون آثارها أكثر شدةً على المرأة، وبالأخص المرأة العاملة في الزراعة، التي تفقد مصدر رزقها الوحيد في الزراعة بسبب استنزاف الأرض والمياه، أو المرأة ربة البيت التي تكون الأكثر تأثراً بسبب شحّ وجودة المياه أو بسبب فقدان الأمن الغذائي أو تداعي جودة وسلامة الطعام عليها وعلى عائلتها، أو التداعيات الصحية عليها، حين تتعرض إلى الملوثات المتعددة ومنها المبيدات الكيميائية، بسبب خصوصيتها خلال فترات الحمل أو الرضاعة أو تربية والاعتناء بالأطفال.



