عملية الشجاعية الثالثة: إسرائيل تواصل البحث عن المحتجزين وسط مقاومة شرسة

تدخل عملية الجيش الإسرائيلي في حي الشجاعية شرق مدينة غزة يومها التاسع، في ثالث توغل بري تشهده المنطقة منذ اندلاع الحرب في أعقاب هجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023. وتُشير التقديرات إلى أن الهدف الأساسي من العملية هو البحث عن رهائن إسرائيليين يُعتقد أنهم لا يزالون محتجزين في الحي، رغم فشل العمليتين السابقتين في تحقيق أي نتائج على هذا الصعيد.
توسيع رقعة الإخلاء
مع تصاعد العملية، وسّعت إسرائيل صباح الجمعة نطاق الإخلاء ليشمل كافة أرجاء الحي، من شارع صلاح الدين غربًا وحتى شرق الشجاعية حيث تتمركز القوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى امتدادات نحو حي التفاح شمالًا وجنوب الحي. وعلى الرغم من بدء التوغل فعليًا قبل نحو أسبوع، فإن القوات لا تزال تسيطر من تلة المنطار، وهي نقطة مرتفعة تمنحها تفوقًا ناريًا دون الحاجة للدخول العميق بريًا حتى الآن.
عمليات سابقة دون إنجازات ملموسة
العملية الحالية تأتي بعد عمليتين سابقتين لم تحقق إسرائيل من خلالهما أي تقدم في تحرير رهائن. ففي العملية الأولى التي نُفذت في ديسمبر 2023، قتل الجيش الإسرائيلي ثلاثة رهائن بالخطأ أثناء محاولتهم تسليم أنفسهم وهم يرفعون راية بيضاء، معتقدًا أنهم من عناصر المقاومة. وأسفرت تلك العملية أيضًا عن مقتل نحو 15 جنديًا إسرائيليًا.
أما العملية الثانية، التي جرت في يوليو 2024، فركزت على البحث عن جثث رهائن يُعتقد أنهم دُفنوا في الحي. وتم خلالها نبش مقابر عدة، إلا أن جميع الجثث التي تم نقلها لإسرائيل كانت لفلسطينيين، ما كشف ضعف المعلومات الاستخباراتية التي بُنيت عليها العملية.
اغتيالات ومواجهات دموية
استهدفت إسرائيل خلال العمليات المتكررة قادة بارزين في «كتائب القسام» الذراع العسكري لـ«حماس»، بينهم وسام فرحات قائد «كتيبة الشجاعية» الذي قُتل مع أربعة رهائن في قصف استهدف مبنى سكنيًا. كما اغتيل خليفته جميل الوادية، ثم نائبه هيثم الشيخ خليل، في غارات استهدفت مواقع متفرقة بالحي، دون أن يتضح إن كان برفقتهم أي رهائن وقت مقتلهم.
مصادر ميدانية أفادت أن بعض القادة أشرفوا على عمليات تسليم رهائن خلال فترات وقف إطلاق النار، ما يزيد من تعقيد الصورة الميدانية، ويطرح تساؤلات حول مصير بقية المختطفين.
الحي المقاوم… وتاريخ من المواجهة
يُعتبر حي الشجاعية أحد أبرز معاقل الفصائل الفلسطينية، وخصوصًا «حماس» و«الجهاد الإسلامي». على مدى العقود الماضية، شكّل الحي مركزًا للنشاط المسلح منذ الانتفاضة الأولى عام 1987، وتوالت عليه التوغلات الإسرائيلية التي واجهتها مقاومة عنيفة.
الحي معروف بكونه أحد أوائل المناطق التي شُيّدت فيها شبكة أنفاق قتالية، ويضم شخصيات بارزة مثل رمضان شلح، وخليل الحية، وأحمد الجعبري، وبهاء أبو العطا، ممن لعبوا أدوارًا محورية في تطوير العمل العسكري الفلسطيني.
النتائج: دمار بلا إنجاز
تشير المصادر الميدانية إلى أن العمليات الثلاث في الشجاعية لم تحقق أي هدف استراتيجي حقيقي لإسرائيل، إذ لم تُستعد أي رهائن أحياء أو جثث مفقودين. وبدلاً من ذلك، خلّفت العمليات دمارًا واسعًا في البنية التحتية، وأجبرت آلاف السكان على النزوح، فيما لا تزال المقاومة في الحي تُبدي صمودًا واضحًا.
وتختم المصادر بالقول: «الحي، رغم كل ما مر به، لا يزال عصيًا على السيطرة، ويبقى رمزًا للمقاومة المستمرة».