تقاريرثابت

غزة في قبضة الجوع: كيف تحولت المساعدات إلى ساحة حرب؟

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

كيف تحولت المساعدات إلى ساحة حرب.. تقرير خاص إعداد: وسام إسماعيل

منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، يعيش السكان تحت حصار مركّب يجمع بين سلاح الاحتلال اللاإنساني ومخططات التجويع الممنهج عبر التحكم الكامل بالمساعدات، إغلاق المعابر والمنافذ بشكل كلي، جعل من المساعدات الإنسانية أداة ابتزاز لا وسيلة إنقاذ، تُستخدم لإخضاع المدنيين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم فلسطينيون.

غزة بلا مخزون منذ اللحظة الأولى

منذ الساعات الأولى للحرب، دخل قطاع غزة في حالة استنزاف حاد للمخزون الغذائي والدوائي، دون وجود أي خطط احترازية لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات، في وقت كان يعتمد الاحتلال سياسة تتبع عدد الشاحنات المُدخلة إلى قطاع غزة ومعدلات استهلاكها، ما حال دون تمكّن السكان من تأمين احتياجاتهم أو تخزين ما يكفي من الغذاء، وعند بدء الحرب، ظهرت آثار هذا الحصار بشكل فوري، إذ نفد المخزون خلال الأيام الأولى، ووقعت أزمة غذائية خانقة منذ اللحظة الأولى.

يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا خانقًا على قطاع غزة، وكعادته في كل حرب همجية، يُغلق المعابر ويمنع إدخال الطعام والدواء، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية، دون أي اكتراث أو محاسبة.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

ومما فاقم الأزمة، دخول حركة حماس الحرب دون تقدير مسبق لتبعات الحصار الكامل، ترك المدنيين في مواجهة مباشرة مع الجوع والمرض، بينما سارع الاحتلال إلى إغلاق المعابر وعزل القطاع عن العالم الخارجي.

المعابر في قبضة الاحتلال

كل ما يدخل غزة يمر تحت رقابة الاحتلال، ومع بدء الحرب، أُغلقت كافة المعابر البرية، وتحوّلت غزة إلى سجن مغلق من الجهات الأربع، إسرائيل تحكم السيطرة على الحياة في القطاع، وتستخدم المساعدات كورقة ضغط ومساومة، لا يدخل شيء إلا بموافقة أمنية إسرائيلية، حتى الماء والطعام، وهو ما جعل حياة مليوني إنسان مرهونة بتوقيع من الكابينيت.

 شمال غزة: شهور من الجوع وحرب البقاء

عاش سكان شمال غزة شهورًا في جحيم الجوع المطلق، بعدما مُنع دخول أي مساعدات لتلك المناطق، وجرى استهداف كل محاولات الإغاثة، الأطفال أكلوا أوراق الشجر، وتم طحنّ علف الحيوانات لصناعة الخبز.

لم يكن الجوع مجرد حالة إنسانية، بل سياسة متعمدة، ورسالة واضحة: “لن تصلكم المساعدات إلا بعد أن تنكسروا تمامًا وتخرجوا من شمال القطاع“، حيث يطلب الاحتلال منهم الخروج والنزوح إلى جنوب القطاع، يضيق عليهم سُبل الحياة ويحرمهم من أدنى المقومات، ليجبرهم على الخروج.

بالرغم من ذلك، فشل الاحتلال فشلًا ذريعًا في تحقيق أهدافه، إذ لم تؤدِ سياساته التجويعية إلا إلى صمودٍ أشد، وكشفٍ أوضح لجرائمه أمام العالم،. نتيجة صمود السكان الأسطوري في الشمال ورفضهم الخضوع وتنفيذ مخططات الاحتلال رغم ما مروا به.

المجاعة الكاملة بعد قرار الكابينيت

مؤخرًا بعد اختراق الاحتلال لهدنة يناير، صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت) على وقف إدخال المساعدات بالكامل، وإغلاق جميع المعابر دون استثناء، القرار لم يكن فقط عقوبة جماعية، بل إعلان حرب على ما تبقى من الحياة، لا دواء، لا طحين، لا ماء، كل شيء ممنوع من دخول غزة، والنتيجة: مجاعة رسمية تهدد الجميع، ولا صوت يسمع سوى صرخات الجوع.

كيف تحولت المساعدات إلى ساحة حرب…

مراكز المساعدات: أفلام موت لا إنقاذ

بعد مطالبات دولية وهجوم واسع نتيجة المجاعة التي يعاني منها سكان قطاع غزة، أنشأت الحكومة الإسرائيلية مراكز توزيع مساعدات أمريكية في عدة مناطق في قطاع غزة، بحجة تقديم المساعدات للسكان، لكن ما يحصل هو عكس ذلك، حيث تُوجه أسلحة الجيش الإسرائيلي ضد طالبي المساعدات والمتوجهين لتلك المراكز، حيث  ذكرت وزارة الصحة بغزة أن حصيلة الضحايا من منتظري بلغ ألفا و655 شهيدا، وأكثر من 10 آلاف إصابة” منذ 27 مايو/ أيار الماضي.

ما سُمّي بـ”مراكز توزيع المساعدات الأمريكية” التي أنشأها الاحتلال والجيش الأمريكي لم تكن سوى فخاخ موت، من يقترب منها قد يُقتل برصاص القناصة، هذه المراكز التي يُفترض أن تحمي أرواح الجوعى، تحوّلت إلى مسارح دامية ومصائد موت، لا تختلف كثيرًا عن خطوط النار، من يريد المساعدة لا يرفع السلاح في وجه من يبحث عن رغيف.

فوضى متعمدة

في ظل غياب أي ضمانات أو ترتيبات إنسانية حقيقية، سمحت إسرائيل بدخول المساعدات في مناطق عشوائية دون تنسيق وتأمين، حيث تعمد الاحتلال استهداف قوات التأمين المخولة بتوصيل المساعدات إلى مستودعات المنظمات والمؤسسات لتوزيعها بشكل منتظم، مما شكل حالة من الفوضى والفلتان.

الاحتلال تعمد إدخالها دون تأمين لتصبح في متناول الناس بشكل مباشر، حيث يتواجد السكان بالقرب من مناطق دخول الشحنات، ما يحوّل مشاهد دخولها إلى فوضى دموية، الجوعى يركضون خلف الشاحنات، منهم من يحصل على بعض منها ومنهم من يموت دهساً وطعناً، ، في وقت يراقب الاحتلال ويُصوّر ويُحكم السيطرة على المشهد، هكذا تحوّلت المساعدات من طوق نجاة إلى فخ محكم لإدامة الجوع والفوضى.

حالة التوزيع الذاتي التي أقرها الاحتلال ضمن مخططاته، خلقت حالة من الفوضى حيث يتوجه الناس يومياً إلى أماكن دخول المساعدات “كيسوفيم، زكيم، مراج”، لاستقبال الشاحنات وأخذ ما عليها من طحين ومواد غذائية، وهذا ما لا يستطيع فعله كل فئات المجتمع، حيث يُحرم نسبة كبيرة من الناس من الغذاء نتيجة عدم توجههم لاعتراض الشاحنات في تلك المناطق.

ومن جهة أخرى، ظهرت بعض الظواهر السلبية في المجتمع، منها حالة بيع المساعدات والاستغلال لحاجة الناس، وعشوائية البيع في الأسواق، حيث يستغل بعض الفئات حصولهم على كميات من المساعدات يتم بيعها بأسعار فلكية لا يستطيع الجميع شرائها، وههذا ما يزيد من المعاناة ومن المجاعة اليومية.

كيف تحولت المساعدات إلى ساحة حرب… ميليشيات: أذرع إسرائيل الجديدة

وسط هذا الانهيار، ظهرت مجموعات مسلحة تدّعي توزيع المساعدات، لكنها في الحقيقة تلعب دورًا في تعزيز الحصار، أسماء مثل “ياسر أبو شباب” أصبحت معروفة كمجندين ميدانيين لتضييق الخناق على غزة من الداخل، ومنح الاحتلال أدوات جديدة لتقويض أي إدارة مدنية أو مقاومة فعلية، السيطرة على الشحنات وتوزيعها باتت وسيلة لتركيع الناس، لا لإنقاذهم.

كل ما يحصل اليوم هو مخطط إسرائيلي لتجويع الفلسطينيين وتركيعهم، كل المخططات هدفها واحد، وهو استمرار الفوضى والجوع وحالة التيه في قطاع غزة، وهذا لن ينتهي الا بحل شامل ووقف الحرب ودخول المساعدات بشكل منظم وبشكل كافي، وهذا ما لا ينوي الاحتلال فعله لإشباع رغباته الدموية اللاإنسانية، التي يمولها نتنياهو والوزراء المتطرفين بن غفير وسموتريتش وغيرهم، من حكموا على غزة بالإعدام ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى