مقالات الخامسة

غزّة على حافة الموت.. تقاوم

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

سليمان أبو ارشيد
بعد أن كسرت “السيوف الحديدية” وحطّمت “عربات جدعون” تقف غزّة على حافة الموت، تربط “عصابات” الصبر على بطون أطفالها الجوعى، وهي تخوض المعركة الأخيرة من حرب الوجود، معركة البقاء على قيد الحياة وكسر طوق سلاح التجويع، الذي تمارسه إسرائيل بتواطؤ ومشاركة أميركية، وبأسلوب لم يعرف تاريخ “الشرف العسكري” أكثر منه خِسّة ونذالة، وذلك بعد أن نُفّذت جميع أساليب القصف والتدمير والتهجير في تركيع الشعب الفلسطيني في غزّة وإجباره على رفع الراية البيضاء.

برغم التدمير والتهجير والقصف والقتل والتجويع المتواصل منذ زهاء السنتين في أبشع حرب إبادة عرفها التاريخ الحديث، فإنّ الجيش الإسرائيلي موجود في غزّة و”ذنبه بين رجليه”، بتعبير الجنرال احتياط يتسحاق بريك، وهو يناشد القيادة السياسية إنهاء الحرب، بادعاء أنّه قد أنهى المهمة، في وقت ما زال 30 ألف مقاتل من حماس يواصلون حرب “الغِريلا” من تحت الأرض، دون أن يؤثر كل الدمار الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي فوق الأرض على أدائهم، بينما فشلت عملية مركبات جدعون، على حدّ قول بريك، في هزم حماس أو تحرير المخطوفين كما وعد رئيس الأركان الجديد.

بريك، الذي حذّر من بداية الحرب من عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على هزم حماس وتحرير المخطوفين بالوسائل العسكرية، يكتب في مقال بعنوان: “الدمية، القزم، الهَوَس – الثلاثة الذين يقودون إسرائيل إلى الهاوية”، في إشارة إلى بنيامين نتنياهو ويسرائيل كاتس وأيال زمير، الذين يقودون إلى قتل الجنود وإهدار حياة المخطوفين تحت غطاء تصريحات فارغة ليس لها أي رصيد، ويدعو بريك رئيس الأركان إلى الاستقالة، في حال رفض نتنياهو وقف الحرب، عوضًا عن مواصلة قيادة الجنود إلى موتهم، خاصة أنّه يعرف جيدًا بأنّهم يموتون دون طائل، وأنّه يخدم “متطرفين مسيانيين” لا تعنيهم الوقائع على الأرض لأنّهم يركنون إلى أنّ الله سيصنع لهم المعجزات، وهم من يتحكّمون بقرارات نتنياهو.

وبالطبع فإنّ بريك وغيره من المحللين السياسيين والعسكريين لا يهمّهم ما يحدث لغزّة وأهاليها من دمار وموت وتجويع لو كان ذلك يحقّق غايات الحرب السياسية والعسكرية، وهم يتحدثون فقط من منطلق مصلحة إسرائيل والحرص على حياة جنودها ومخطوفيها، الذين يعرّض استمرار هذه الحرب العبثية حياتهم للخطر دون طائل.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

ولا غرابة أن تنقلب حالة التأييد الجارف للحرب التي ميّزت المجتمع الإسرائيلي في بداياتها إلى معارضة واسعة تتمثل – وفق استطلاعات الرأي – بتأييد أكثر من 80% من الإسرائيليين بوقفها وتحرير الرهائن من خلال صفقة سياسية، وأن تتزايد وتتعالى الأصوات التي تتهم نتنياهو بإطالة أمد الحرب للحفاظ على ائتلافه الحكومي والإفلات من العقاب في ملفاته الجنائية، وإن كان تأثيرها الفعلي ما زال محدودًا.

المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” تسفي برئيل يزيل أقواس الاقتباس عن أقوال أيمن عودة: “غزّة انتصرت، غزّة ستنتصر”، لأنّ انتصار غزّة، كما يقول، بدأ يتجلّى كحقيقة، وغزّة بأهلها الضعفاء، المُجوّعين، المقتولين، المجروحين والميتمين تُكمِل ما بدأته حماس في السابع من أكتوبر، وانتصارها يزداد تعاظمًا كلما وسّع الجيش الإسرائيلي من سيطرته على الأرض وقام بحشر المليونين وربع من سكانها في معازل التجويع، وهو يواصل في غضون ذلك تعبئة جداول الموت بأعداد القتلى.

ولا شكّ أنّ لعنة غزّة ستُطارد الصهاينة والإسرائيليين عبر التاريخ وفي جميع أنحاء العالم، وبتعبير رجل الموساد السابق رامي إيجرا، فإنّ العالم سيجد سببًا لكراهية الإسرائيليين واليهود، “وستقول الصور الخارجة من غزّة ما لم يقله العالم لنا دائمًا، رجال أعمال أو لصوص، بل تحوّلنا إلى قتلة أطفال ومُجوّعي بشر.. وهو ثمن سندفعه نحن وأحفادنا”. ويُضيف: “من الممكن أن نحارب حتى نتمكن من قتل آخر مقاتلي حماس، أي مليون شخص تقريبًا، ولكن لن نبقى عندها ضمن أسرة الأمم، ثمّ أي دولة ستكون؟”!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى