مقالات الخامسة

غموض القرار بقانون بشأن ضريبة القيمة المضافة يُثير تساؤلات حول التبعية الاقتصادية للاحتلال والثمن الذي يدفعه المواطن

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

بقلم: ديمتري دلياني

نَشْر خبر صادر عن وكالة وفا للأنباء اليوم بعنوان: “الرئيس يُصدر قرارًا بقانون بشأن ضريبة القيمة المضافة”، متحدثًا عن “فوائد” القرار دون إرفاق نصّه، يثير تساؤلات عميقة حول شفافية القرار وأهدافه الحقيقية. وبالرغم من البحث المستفيض، لم يظهر أي مصدر رسمي يتضمن نص القرار، مما يعزز الشكوك بشأن دوافع هذا الغموض.

إن القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2003 المعدل يمنح رئيس السلطة الفلسطينية صلاحية استثنائية لإصدار قرارات بقوانين، بشرط وجود حالة استثنائية أو ضرورة ملحّة لا تحتمل التأخير. ومع ذلك، فإن المادة 47 من القانون الأساسي تضع تنظيم الضرائب، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، ضمن صلاحيات المجلس التشريعي، باعتباره الجهة الحصرية المخوّلة بالتشريع. كما أن المادة 43 تشترط عرض أي قرار بقانون يصدره الرئيس على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها، لتتم المصادقة عليه أو رفضه.

أما ضريبة القيمة المضافة تحديدًا، فتخضع لتعقيدات قانونية وسياسية في السياق الفلسطيني، نتيجة ارتباطها ببروتوكول باريس الاقتصادي الموقع مع دولة الاحتلال. هذا البروتوكول يفرض على السلطة الفلسطينية مواءمة معدلاتها الضريبية مع تلك التي تعتمدها إسرائيل، مع تفاوت هامشي. وبالتالي، أي تعديل على ضريبة القيمة المضافة في إسرائيل يلزم السلطة بإجراء تعديل مشابه.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

في هذا السياق، فإن قرار الكنيست الإسرائيلي في 12 مارس/آذار 2024، برفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 17% إلى 18% اعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني 2025، يضع السلطة الفلسطينية أمام خطوة اقتصادية ذات ابعاد سياسية وقانونية إذاما اختارت ان تلتزم بالبروتوكولات التي تخلّت عنها دولة الاحتلال منذ زمن. إن إصدار الرئيس قرارًا بقانون بشأن ضريبة القيمة المضافة، في جوهره، ما هو إلا استجابة مباشرة لقرار حكومة نتنياهو، مما يعكس مرة أخرى التبعية الاقتصادية التي تفرضها الالتزامات من طرف واحد بهذه الاتفاقيات.

إن النقطة الجوهرية تكمن في أن قرار رفع الضريبة، الذي تم تمريره دون الإعلان عن تفاصيله، يُظهر مدى تغلغل السيطرة الإسرائيلية في تفاصيل الحياة الاقتصادية الفلسطينية، ليصبح المواطن الفلسطيني مُجبرًا على تحمل تبعات قرارات حكومات الاحتلال، بما في ذلك الاقتصادية الداخلية، دون أن يكون له أي رأي أو سلطة على مجريات الأمور.

ان الغموض المتعمد في نشر القرار قبل يوم من تنفيذه اسرائيلياً وبالتالي فرضه فلسطينياً لا يعكس سوى محاولة لتجنب مواجهة شعبية مع واقع مرير من التبعية الاقتصادية والمأساة السياسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى