محمد مشارقة: انتخابات محلية فلسطينية، بأجندة إسرائيلية
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
بكل فرح وحماس توجه الفلسطينيون في الضفة الغربية، لصناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم للمجالس المحلية بعد حرمانهم من انتخاب ممثليهم للمؤسسة التشريعية الأولى وللرئاسة، ويحضر الاحتفال ممثلون عن منظمات دولية. من الصعب اثقال هذا الفرح وإفساد التنظير الذي يرافقه على اعتبار ان ما يجري هو تمرين على الديمقراطية، حتى لو كانت منقوصة.
ولا ينسى البعض إرفاق مشاعر الاحتفال الزائف، بإدانة سلطة حماس في غزة مقارنة بديمقراطية سلطة حركة فتح في الضفة الغربية لمنعها اجراء الانتخابات المحلية في القطاع. وكأن الشروط التي بررت فيها سلطة رام الله بها الغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية قد زالت بين ليلة وضحاها.
مع ذلك لا يمكنني تجاهل حقيقة ان الانتخابات اليوم تجري بتنسيق وترتيب وتوجيه من إدارة الاحتلال وتحقيقا لأهدافه ومخططاته بعيدة المدى، فهذه الإدارة هي التي تتحكم بكل تفاصيل الحالة الفلسطينية وتضبط ايقاعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. والانتخابات الجارية اليوم هي الخطة الإسرائيلية ب ، في حال ترنحت السلطة الفلسطينية الحالية وفقدت أجهزتها الأمنية ومؤسساتها قدرتها على ضبط الحالة الداخلية ، عندها ستنتقل السلطة الى البلديات المنتخبة وتنقل لها كل الصلاحيات العدلية والشرطية والإدارية ، وهي التي تشكل بدورها مجلسا تنسيقيا للسلطات المحلية الفلسطينية ، بديلا منتظرا للسلطة الفلسطينية ، ولا يحسبن احد ان هذا المخطط جديد ، بل المصادر المتوفرة والمتاحة ان هذا المخطط اعدت وثائقه الكاملة واليات تطبيقه بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي الفلسطينية منذ ما يزيد على خمسة عشر عاما وبتمويل اوربي ، تحت مسمى ” نظام اللامركزية الإدارية “، بحيث تنقل كل صلاحيات وزارات ودوائر السلطة الى البلديات تسهيلا لحياة السكان بعد الاغلاقات المستمرة .
الاحتلال يحقق عدة اهداف من هذه الانتخابات التي يشارك الناس بها بكل ما تستدعي الاحتفالية المطلوبة ، ومن بينها غير الهدف الأول انها تجري على أسس غير سياسية ، بل يغلب عليها الطابع القبلي والعشائري ، فحركة فتح وحلفائها ومنافسيها يخوضون المعركة تحت عناوين متعددة عشائرية وعائلية متنافسة . مشروع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة يظل على حالة دون تبديل، وجوهره، منع الحالة الكيانية الدولاتية الفلسطينية، بحث لا تتجاوز سلطة أقرب الى روابط قرى وبلدات، تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية .
والفلسطينيون ينفذن مشروع حتفهم بأيديهم، سلطة واحزابا وجمهورا بكل فرح واحتفال، ويعدونه انتصارا للديمقراطية .