تقاريرثابت

مدينة رفح تحت وطأة الركام والإهمال الإغاثي

منذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة...

تقرير خاص

بعد عام ونصف من حرب الابادة، شهد قطاع غزة، ومدينة رفح جنوبي القطاع، الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.

هذا الاتفاق الذي أوقف المواجهات العسكرية، لم يوقف معاناة أهالي المدينة الذين ما زالوا يعانون من آثار الحرب الدامية.

المدينة التي لطالما كانت مسرحًا للعديد من الهجمات والاشتباكات العسكرية، تجد نفسها اليوم تحت وطأة الركام والدمار الشامل الذي لحق بمرافقها الحيوية.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

ورغم إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، يواجه سكان رفح تحديات صعبة في ظل غياب الدعم الإغاثي وارتفاع مستوى الإهمال من قبل الجهات المعنية.

الدمار والركام

مدينة رفح، التي كانت في صدارة الأضرار خلال التصعيد الأخير، تعيش حالة من الركود والدمار. الشوارع التي كانت تعج بالحركة، أصبحت اليوم خاوية من الحياة، حيث تناثرت الأنقاض في كل زاوية. المنازل التي دمرت بالكامل أو تضررت بشكل جزئي باتت ملجأ لعائلات كثيرة تبحث عن مأوى. المدارس والمستشفيات أيضًا تضررت بشدة، ما يفاقم من معاناة الأهالي.

أحد سكان رفح، أبو محمد (45 عامًا)، قال: “لقد دُمرت بيتي بالكامل، وأصبحنا بلا مأوى. حتى بعد وقف إطلاق النار، ما زالت الحياة صعبة للغاية. لم نرَ أي دعم جدي من المؤسسات الدولية، ونحن نعيش على أمل أن تنتهي هذه المعاناة قريبًا”.

إسرائيل تعترف باستهداف فلسطينيين رغم اتفاق وقف إطلاق النار

أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء الماضي بإطلاق النار في عدة مناطق في قطاع غزة، رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 13 يوما.

وزعم جيش الاحتلال في بيان له عبر منصة “إكس” أنه أطلق النار في عدة مناطق في قطاع غزة بهدف إبعاد مشتبه بهم كانوا يتقدمون نحو قوات إسرائيلية، ويشكلون خطرا عليها حسب زعمه.

وكانت قوات الاحتلال انسحبت من عمق مدينة رفح، ولكنها لا تزال تتمركز في معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر، وعلى امتداد الشريط الحدودي المعروف فلسطينيا باسم “محور صلاح الدين” وإسرائيليا باسم “محور فيلادلفيا” وتسيطر على المدينة كلها بقوة النيران عبر الدبابات والآليات ورافعات ضخمة مزودة بأسلحة رشاشة.

ومنذ دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ، وبحسب بيانات فلسطينية رسمية، قتلت قوات الاحتلال 22 فلسطينيا وجرحت عدداً آخر من سكان رفح الذين عادوا للمدينة لتفقد منازلهم وممتلكاتهم المدمرة بنسبة تفوق 80%، رغم أنهم كانوا خارج المنطقة المصنفة إسرائيليا بأنها حمراء ويمنع الاقتراب منها وتبعد نحو 700 متر عن المحور الحدودي.

وتعتبر مدينة رفح، جنوب القطاع، هي أصغر محافظات قطاع غزة الخمس- كلها حمراء والوصول إليها ينطوي على مخاطر كبيرة على الحياة، وينبغي على السكان التريث قبل اتخاذ قرار العودة إليها، حتى لو لمجرد الزيارة وتفقد المنازل والممتلكات.

ورغم خروقاته المتكررة، يزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي التزامه الكامل باتفاق وقف إطلاق النار في غزة الموقع مع المقاومة الفلسطينية، مشيرا إلى استعداده لأي سيناريو في القطاع.

وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت نحو 159 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

بنود الاتفاق التي وردت بها مدينة رفح:

– فتح معبر رفح بعد 7 أيام من بدء تنفيذ المرحلة الأولى.
– إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا عبر المعبر، منها 50 شاحنة وقود.
– عبور 50 جريحًا يوميًا عبر معبر رفح للعلاج، مع السماح لمرافقيهم بعد موافقة إسرائيل ومصر.
– إزالة القيود على المسافرين والبضائع عبر المعبر.
– تشغيل معبر رفح وفق المشاورات التي جرت مع مصر في أغسطس 2024.

الإهمال الإغاثي

ورغم اتفاقات وقف إطلاق النار، يعاني أهالي رفح من إهمال واضح في المجال الإغاثي. نقص المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية والمساعدات الإغاثية التي كانت تصل إلى المدينة، غالبًا ما تكون محدودة أو تصل متأخرة، مما يجعلها غير كافية للتعامل مع حجم الدمار.

أم عبد الله جودة (36 عامًا) من سكان رفح تقول: “لم نحصل على أي مساعدة حقيقية منذ بداية الحرب. الغذاء والماء يكادان يختفيان من الأسواق، والأطفال يعانون من سوء التغذية. أعتقد أن المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤولياته أكثر في دعمنا”.

وقال محمد أبو جزر (25 عامًا): في الوقت الذي يُثمن فيه بعض الأهالي الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار، إلا أن معظمهم يرون أن الاتفاق لا يُترجم إلى تحسن حقيقي في حياتهم اليومية.

رئيس بلدية رفح

وصف رئيس بلدية رفح الدكتور أحمد الصوفي المدينة بأنها “منطقة منكوبة” بعد أن حلت بها أكبر من كارثة، إثر التدمير الممنهج الذي ارتكبته قوات الاحتلال ضد المنازل السكنية والبنى التحتية وكل مقومات الحياة خلال عملية عسكرية برية شنتها في 6 مايو/أيار من العام الماضي، ولا تزال مستمرة، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
رئيس بلدية رفح، السيد محمود أبو علي، أكد في تصريح صحفي أن المدينة بحاجة ماسة إلى دعم دولي عاجل لإعادة إعمار البنية التحتية وتوفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية.

وأضاف: “وقف إطلاق النار خطوة مهمة ولكنها غير كافية. المدينة تحتاج إلى خطة إعادة إعمار شاملة ودعماً مستمراً للأسر التي فقدت كل شيء”.

التحديات المستقبلية

في الوقت الذي تواصل فيه أطراف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي تنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار، يبقى السؤال الأهم: ماذا بعد؟ هل ستتبع هذه الاتفاقات خطوات عملية لرفع معاناة أهالي رفح؟ أم سيظل الوضع على حاله، مع وعود فارغة تذهب أدراج الرياح؟

سكان رفح يطالبون بسرعة تشكيل لجان إغاثية لتنفيذ حملات إنقاذ عاجلة، ودعوات لإعادة تأهيل المناطق التي تضررت بشدة من الحرب.

على الرغم من أن اتفاق وقف إطلاق النار يمثل انفراجة لساكني غزة عامة ورفح خاصة، إلا أن الآثار الإنسانية للدمار التي خلفتها الحرب تتطلب استجابة دولية عاجلة. غياب الدعم الإغاثي الكافي والتأخير في عمليات الإعمار يضاعف معاناة سكان رفح الذين لا يزالون يواجهون حياة مليئة بالصعوبات. إقرار وقف إطلاق النار يجب أن يكون مجرد بداية لمسار طويل من إعادة بناء حياة هؤلاء الذين دمرت الحرب كل ما كان لهم.

اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة
خريطة بالمناطق الآمنة والمحظورة والخطيرة في مدينة رفح
اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة
خريطة بالمناطق الآمنة والمحظورة والخطيرة في مدينة رفح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى