من هو اليد اليمنى للضيف.. القائد الشهيد مروان عيسى؟

في قلب المقاومة الفلسطينية، أصبح اسم مروان عيسى رمزًا للصمود والشجاعة، حيث انتقل بين الأجيال كأحد أبرز القادة العسكريين لحركة حماس. نشأ في مواجهة تحديات الاحتلال، وتحول من خلف الكواليس إلى مهندس رئيسي للمقاومة، محولًا أفكارها إلى واقع ملموس.
قاد العديد من العمليات النوعية التي هزّت الاحتلال، وكان له دور محوري في معادلة القوة في قطاع غزة. ورغم محاولات الاحتلال المتكررة لاغتياله، استمر في صموده، مؤكدًا أنه رمزٌ لا يُقهر.
وفي مساء اليوم الخميس، أعلن الناطق العسكري باسم “كتائب القسام”، أبو عبيدة، استشهاد القائد العام محمد الضيف ونائبه مروان عيسى “أبو البراء”، إلى جانب عدد من القادة البارزين في صفوف المقاومة، وذلك خلال الهجمة الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.
مـن هو اليد اليمنى لمحمد الضيف؟
مروان عيسى، وُلد في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة عام 1965، ونشأ في بيئة مليئة بالتحديات، حيث نشأت لديه أحلام العودة إلى قريته المهجرة “بيت طيما” في فلسطين المحتلة.
ومنذ صغره، كانت معاناة الاحتلال الإسرائيلي جزءًا لا يتجزأ من حياته اليومية، مما دفعه للانخراط في العمل الدعوي والسياسي، ويُعرف بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين في شبابه.
وتميز في شبابه ببنية قوية واهتم بالرياضة، حيث برز كلاعب كرة سلة في فريق “نادي خدمات البريج”، وكان يُلقب بـ”كوماندوز فلسطين” بسبب روحه القتالية.
والرغم من شغفه بالرياضة، لم يكن له نصيب في استكمال مسيرته الرياضية بسبب اعتقاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي في عام 1987، هذا الاعتقال شكل نقطة تحوّل في مسيرته، حيث بدأت فترة جديدة في حياته، وهي مرحلة العمل المقاوم.
التجربة العسكرية والقيادية:
تعتبر تجربة مروان عيسى في السجون، وخاصة في زنازين الاحتلال، نقطة مفصلية في تطوير فكره العسكري.
وفور خروجه من السجن، بدأ في التدرج داخل صفوف كتائب القسام حتى أصبح أحد القيادات المؤثرة. في عام 1996، شارك في سلسلة العمليات الاستشهادية التي جاءت انتقامًا لاغتيال المهندس يحيى عياش، حيث تم اعتقاله على إثرها مرة أخرى، ومع ذلك، استمر في النضال ولم يتوقف.
ومنذ ذلك الحين، بدأ في تطوير هيكلية كتائب القسام وتحويلها من خلايا شبه عسكرية إلى قوة عسكرية منظمة على مستوى عالٍ، كما كان له دور رئيسي في عمليات اقتحام المستوطنات الإسرائيلية ونقل المعركة إلى داخل الأراضي المحتلة، وهو ما أعلنه في عدة تصريحات، مؤكدًا على ضرورة استهداف المستوطنات والمواقع الأمنية الإسرائيلية.
دور مروان عيسى في تطوير القسام:
تحت قيادته، تطورت كتائب القسام بشكل كبير، حيث استطاع أن يؤسس هيكلًا عسكريًا متطورًا يتضمن ألوية وكتائب ومجموعات تنظيمية، وخلال فترة الانتفاضة الثانية، تمكن من سد الفراغ الناتج عن اغتيال القائد عدنان الغول في عام 2004، وأطلق مشروع التصنيع المحلي لتطوير أسلحة الحركة، هذا التصنيع المحلي أسهم في تعزيز قدرات المقاومة الفلسطينية، وأدى إلى تطوير صواريخ وقذائف متطورة تم استخدامها في المعارك المختلفة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
التحديات والتصعيد العسكري:
ظل مروان عيسى الهدف الأول للاحتلال الإسرائيلي، الذي حاول مرارًا اغتياله، لكنه نجا من عدة محاولات. في عام 2006، تعرض لمحاولة اغتيال خلال اجتماع لقيادات حماس في غزة، لكنه خرج مصابًا دون أن تتحقق أهداف الاحتلال، كما تعرض منزله للدمار مرتين في العدوان الإسرائيلي على غزة عامي 2014 و2021.
وخلال الحصار المفروض على غزة، تعرضت عائلته لعدد من المآسي، أبرزها وفاة ابنه براء جراء فشل كلوي في عام 2009 بسبب منع الاحتلال له من السفر لتلقي العلاج. ورغم هذه التحديات، بقي مروان عيسى ثابتًا في مواقفه وكان له دور بارز في تعزيز قوة المقاومة الفلسطينية.
الظهور العام والتأثير السياسي:
رغم أن وجهه كان مجهولًا حتى عام 2011، عندما ظهرت صورته في استقبال الأسرى المفرج عنهم ضمن صفقة “وفاء الأحرار”، إلا أن دوره العسكري كان محوريًا في جميع المعارك التي خاضتها حركة حماس.
أظهر عيسى براعته العسكرية في معركة “حجارة السجيل” عام 2012، ثم في معركة “طوفان الأقصى” في 2023، حيث وضعت خطط اقتحام المستوطنات الإسرائيليّة نصب عينيه، وصولًا إلى اختراق السياج الحدودي مع غزة بعمق 40 كيلومترًا.
التطورات العسكرية تحت قيادته:
كان له الفضل في تطوير أسلحة حماس، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة، وزيّنت هذه التحسينات القوة العسكرية للمقاومة الفلسطينية، بحيث انتقلت حماس من الدفاع إلى الهجوم في العديد من المرات.
وساهم في تأسيس وحدة كوماندوز بحرية نفذت العديد من الهجمات البحرية ضد قوات الاحتلال. هذا التطور جعل من حركة حماس قوة عسكرية أكثر تنظيمًا وفعالية.
الحضور السياسي:
على الصعيد السياسي، كان لمروان عيسى دورًا بارزًا في تعزيز قوة حماس، حيث شارك في مفاوضات سياسية هامة مع مصر حول تبادل الأسرى، كما عبر عن موقفه الرافض لمحاولات تصنيف حركة حماس كـ”تنظيم إرهابي”.
وفي عام 2017، تم انتخابه عضواً في المكتب السياسي لحركة حماس، حيث واصل لعب دورًا كبيرًا في المشهد السياسي الفلسطيني.
الاستشهاد:
في 30 يناير 2025، أعلنت كتائب القسام عن استشهاد محمد الضيف ونائبه مروان عيسى مع عدد من القادة العسكريين في المقاومة، في ضربة قاسية للمقاومة الفلسطينية، ومع ذلك، أكدت الكتائب أن المقاومة ستستمر على نفس الدرب، ولن يتوقف النضال حتى تحرير فلسطين.