نجاة الصغيرة.. تحتفل بعيد ميلادها الـ87
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

نجاة الصغيرة.. تحتفل بعيد ميلادها الـ87.. تعتبر نجاة الصغيرة أكثر من مجرد مطربة، فهي مدرسة في الأداء والإحساس، استطاعت من خلال أعمالها أن تحفر اسمها بحروف من ذهب في تاريخ الغناء العربي. اعتزلت الغناء عام 2002، لتعود بعد 15 عامًا بأغنية جديدة، مؤكدة أن الفن الأصيل لا يشيخ.
بدايات نجاة الصغيرة ومسيرتها الفنية
وُلدت نجاة محمد كمال حسني البابا، الشهيرة بـنجاة الصغيرة، في القاهرة، وسط عائلة فنية حيث كان والدها خطاطًا وفنانًا، وشقيقها هو العندليب الصغير محمد حسني البابا. منذ طفولتها، اكتشف من حولها موهبتها الاستثنائية، لتبدأ مشوارها الفني وهي لم تتجاوز العاشرة من عمرها.
تميزت نجاة الصغيرة بقدرتها الفائقة على التحكم في طبقات صوتها، وأدائها العاطفي العميق، مما جعلها محط إعجاب كبار الملحنين والشعراء، مثل محمد عبد الوهاب، بليغ حمدي، وكمال الطويل.
التعاون مع كبار الشعراء والملحنين
ارتبط اسم نجاة الصغيرة بمجموعة من عمالقة الشعر العربي الحديث، وعلى رأسهم نزار قباني، الذي كتب لها قصائد عاطفية خالدة مثل “أيظن” و”ماذا أقول له”. كما كان تعاونها مع عبد الرحمن الأبنودي علامة فارقة في مسيرتها، حيث كتب لها العديد من الأغنيات التي بقيت محفورة في وجدان الجمهور، ومنها:
- عيون القلب
- ذكرياتي
- قصص الحب الجميلة
- هتسافر
الأبنودي وصف صوتها بأنه “دافئ”، وأكد أن تعاملها مع النص الغنائي كان بدقة متناهية، بحيث تُعطي لكل كلمة إحساسها الخاص.
عودة نجاة الصغيرة بعد الاعتزال
بعد اعتزالها في عام 2002، غابت نجاة عن الساحة الفنية مدة 15 عامًا، لتعود في 2017 بأغنية “كل الكلام قلناه”. جاءت هذه العودة بعد رحيل الأبنودي بعامين، لكن الأغنية حملت بصمة جديدة، حيث كانت من ألحان طلال وتوزيع موسيقي لـيحيى الموجي، وإخراج هاني لاشين.
استغرق تنفيذ الأغنية عامًا كاملًا، وتم تسجيلها بين مصر وفرنسا واليونان، وهو ما يعكس الاهتمام البالغ بجودة العمل. وأكد الموزع يحيى الموجي أن نجاة كانت تتابع جميع مراحل الإنتاج بدقة، وكأنها تغني لأول مرة.
فلسفة نجاة في اختيار الكلمات
كانت نجاة الصغيرة تُعرف بشدة حرصها على جودة الكلمة قبل اللحن، حيث أكدت في مناسبات عديدة أن الكلمة هي الأساس الذي يبنى عليه العمل الغنائي. هذا ما جعلها لا تتعاون إلا مع شعراء يتمتعون بحس مرهف وفهم عميق للعاطفة.
الأبنودي تحدث عنها قائلًا: “أعتقد أن نجاة قادرة على المشي فوق الماء والمشي فوق الأرض دون أن تطأ أقدامها التراب، فهي إنسانة وفنانة تعلمت من الفن شدة الحذر، فكل شطر وكلمة وحرف يمر عبر إحساسها”.
إرث نجاة الصغيرة في الطرب العربي
لا يمكن الحديث عن تاريخ الغناء العربي دون التوقف عند أعمال نجاة الصغيرة، التي أصبحت جزءًا من الهوية الثقافية والفنية للعالم العربي. أغنياتها مثل “أيظن”، “أنا بعشق البحر”، “متى ستعرف كم أهواك” و”ساكن قصادي” لا تزال تُذاع وتُغنى حتى اليوم.
إرثها الفني لم يكن مجرد أغانٍ، بل كان مدرسة في الإحساس، حيث جمعت بين الرقة والقوة في الأداء، وهو ما جعلها أيقونة يصعب تكرارها.
تأثيرها على الأجيال الجديدة
على الرغم من اعتزالها لفترة طويلة، فإن تأثير نجاة الصغيرة امتد إلى أجيال جديدة من الفنانين الذين يعتبرونها مصدر إلهام. فقد تعلم الكثير منهم أهمية الإخلاص للكلمة، واحترام المستمع، والابتعاد عن الابتذال في الفن.
نجاة الصغيرة والهوية الفنية
حافظت نجاة على هوية فنية واضحة طوال مسيرتها، فلم تجرِ وراء الصيحات السريعة أو الأغاني التجارية. كانت تدرك أن مكانتها الحقيقية تأتي من تقديم أعمال خالدة، وليس مجرد نجاحات وقتية.
هذه الفلسفة جعلت اسمها يرتبط بالجودة والذوق الرفيع، ما جعل جمهورها وفيًا لها رغم مرور الزمن.
اليوم، ونحن نحتفل بعيد ميلاد نجاة الصغيرة الـ87، نتذكر مسيرة فنانة استثنائية أعطت للفن العربي أجمل سنوات عمرها، وحافظت على مستوى راقٍ من الغناء. إنها ليست مجرد صوت جميل، بل رمز لحقبة ذهبية من الطرب، ومدرسة في الإحساس والالتزام الفني.
سيظل اسم نجاة الصغيرة محفورًا في ذاكرة الموسيقى العربية، وسيبقى إرثها شاهدًا على أن الفن الحقيقي لا يشيخ، بل يزداد قيمة مع مرور الوقت.