شبكة الخامسة للأنباء - غزة
خاص الخامسة للأنباء – تقرير محمد الذهبي:
“نقاط تعبئة الغاز العشوائية”.. عدد من الاسطوانات كبيرة الحجم المركونة إلى جِدار، وموتور صغير.. من لا يعرفه في قطاع غزة! إنه جهاز تعبئة الغاز البدائي الشهير، والذي قد يفتك بين لحظة وأخرى بروحٍ بريئةٍ أو اثنتين، أو أكثر..
نقاط تعبئة الغاز المنزلي وغاز مركبات الأجرة التي انتشرت بشكلٍ واسع في غزة خلال السنوات الماضية، أدت إلى وقوع عدد من حوادث الحرائق مؤخراً، مما أسفر عن إصابة عدد من المواطنين؛ نتيجة عدم اتخاذها إجراءات الأمن والسلامة ووجودها بين المباني السكنية.
آخر تلك الحوادث كان الحريق الكبير الذي شبَّ في إحدى النقاط العشوائية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة أول أمس الثلاثاء، وأدى لإصابة أربعة من عناصر الدفاع المدني إثر انفجار اسطوانة غاز أثناء قيام الطواقم بواجبهم في السيطرة على الحريق.
إجراءات حكومية عاجلة..
في خطوةٍ أولى تبعت الانفجار الذي لولا لطف الله لأزهق عشرات الأرواح، حذر المكتب الإعلام الحكومي بغزة، من أن النيابة العامة ستتخذ إجراءات قانونية بحق أي شركة أو محطة غاز يثبت تزويدها لنقاط البيع العشوائية بمادة غاز الطهي، بما في ذلك الإغلاق لمدة ثلاثة أشهر.
وقال المكتب الإعلامي على لسان رئيسه سلامة معروف، أن الأجهزة الحكومية المختصة تتابع دورها في ملاحقة وضبط نقاط الغاز العشوائية المخالفة، بوصفها تشكل خطراً داهماً على سلامة وأمن المواطنين.
وأكد على أن تعليمات مشددة صدرت من رئاسة العمل الحكومي لجهات الاختصاص بعدم التهاون أو التقاعس في إنفاذ القانون والتعامل الميداني بإغلاق هذه النقاط العشوائية واتخاذ المقتضى القانوني بحق مُلّاكها.
إغلاق النقاط العشوائية المخالفة..
وأوضح المكتب الحكومي أنه جرى إغلاق وضبط عدد (150) نقطة غاز مخالفة عقب انفجار النصيرات بنحو أربعٍ وعشرين ساعة.
وأضاف أن الطواقم الميدانية المختصة تعمل على قدمٍ وساق حتى يتم إنهاء هذه الظاهرة بشكل تام، وذلك ضمن استخلاص العبر من حادثة حريق النصيرات، والتي كان من الممكن أن تتسبب بكارثة لولا لطف المولى وبسالة رجال الدفاع المدني وتعاملهم السريع.
وأشار الإعلامي الحكومي إلى أن النيابة العامة تقوم بمتابعة الإجراءات القانونية بحق أصحاب هذه النقاط المخالفة، وإلى أنها بصدد تشديد العقوبة بحقهم تحقيقاً لمبدأ الردع ولحفظ أرواح المواطنين من هذا العبث غير المسئول.
إجراءات صارمة لوقف الظاهرة..
وتابع “سيتم اتخاذ إجراءات قانونية بحق أي شركة أو محطة غاز يثبت تزويدها لهذه النقاط بالغاز، بما في ذلك الإغلاق لمدة ثلاثة أشهر”.
أما جهاز الدفاع المدني، فقد أكد على لسان المتحدث الرسمي باسمه الرائد محمود بصل، على أن إجراءات محاربة ظاهرة نقاط تعبئة الغاز العشوائية ليست حديثة ومعمول بها منذ بداية نشأة هذه الظاهرة وانتشارها في أحياء القطاع.
وقال في حديثٍ للخامسة للأنباء أن الجهات المختصة تغلق وتصادر بشكل يومي العشرات من هذه النقاط العشوائية، بالإضافة لاتخاذ الإجراءات القانونية والمتمثلة بـ (سحب جهاز التعبئة ومصادرة كافة الموجودات في هذه النقاط، وإعطاء تنبيه لصاحب النقطة من قبل النيابة العامة مقتضاه عدم العودة لممارسة هذا العمل والالتزام بإغلاق النقطة).
وبين أن الإجراءات المتخذة تكون كإجراء أولي، وفي حال عدم الانصياع لذلك، يتم إعطاء المخالف، مخالفة مالية، ثم يتم استصدار مذكرة بحبس صاحب النقطة لستة أشهر أو أكثر.
دعوات للإبلاغ عن النقاط العشوائية..
ودعا جهاز الدفاع المدني المواطنين للإبلاغ فوراً عن أي نقطة غاز عشوائية وعدم التستر على أصحابها، مشيراً إلى أن المواطن هو المتضرر الأول من تلك النقاط.
وأكد الرائد بصل على أن اجتماعاً عقد بين جهاز الدفاع المدني والنيابة العامة ووزارة الداخلية ولجنة العمل الحكومي، لمتابعة ودراسة هذه الظاهرة، وأفضى لاتخاذ قرار حكومي بالتحرك بكافة الوسائل لإنهاء هذه الظاهرة بمساعدة كافة الجهات المختصة بما فيها جهاز المباحث العامة التابع لوزارة الداخلية.
وأشار إلى أن الجهات المختصة والنيابة العامة لا تزال تجري تحقيقاتها بشأن الحادثة التي تسببت في إصابة أربعة من عناصر جهاز الدفاع المدني.
مصدر رزق لا بديل له..
وفي السياق، قال محمود. س، وهو أحد أصحاب نقاط تعبئة الغاز العشوائية، أن هذا مصدر رزقه الوحيد في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها قطاع غزة، وأنه لا يمتلك مصدراً آخر لسد رمقه ورمق أسرته المكونة من خمسة أفراد.
وأشار محمود، والذي يقوم يضع جهازاً بدائياً لتعبئة الغاز المنزلي عند مدخل منزله وميزان، إلى أن لديه نحو خمس عبوات غاز سعة 48 كيلوغراماً يقوم بملئها بالغاز كلما فرغت، ليكسب بعض الشواكل التي تعينه على ظروف الحياة القاسية ومسئولياته كرب أسرة من فارق التعبئة الذي يحصّله ما بين الشراء من المحطات المرخصة بسعر الجملة والبيع بسعر التجزئة.
خطرٌ كامنٌ بين منازل الآمنين..
المهندس نضال منصور يقول “لا أعرف كيف تُبقي الحكومة على هذا الخطر الكامن بين منازل الآمنين، يجب وضع حد وبشكلٍ عاجل لهذه المأساة، قبل أن تقع كارثة إنسانية كبيرة قد تودي بحياة عشرات الأبرياء”.
وتابع “صحيح أن نقاط التعبئة العشوائية هذه تخفف على المواطنين عناء الذهاب إلى محطات التعبئة الرسمية، نظراً لبعدها عن الأحياء والمناطق السكنية، وتوفر وقت انتظار الموزع الجوال، إلا أنه لا مبرر تحت أي ظرف من الظروف للاستهتار بحياة المواطنين، وقد لامسنا خطر كبير وحقيقي لهذه المحطات عقب الحوادث المتفرقة التي وقعت خلال الفترة الماضية”.
التداول الرقمي.. فرصة مالية أم انسياق خلف وهم المال والثراء؟
ورغم ما يحف هذه النقاط غير الخاضعة للرقابة من مخاطر، والتي تحاول الجهات الحكومية ذات العلاقة السيطرة عليها وإنهاء وجودها في قطاع غزة منذ أشهر، إلا أن عدداً من المواطنين ما زال يستهين بخطورتها ويتعاطى معها على أنها أمرٌ طبيعي، بل ولازم الوجود لتسهيل الحياة، بينما هي قنابلُ موتٌ تحُفُّ الآمنين، قد تقتل كهلاً أو مُعيلاً، أو تُنفِذُ كلمة القدر في أي لحظة في جسد طفلٍ بريءٍ لا ذنب له في أن شخصاً رغِب بجمع حفنةِ شواكل!