شؤون (إسرائيلية)

نيويورك تايمز: نتنياهو يعود إلى الإستراتيجية الفاشلة لتحقيق شعار القضاء على حماس

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده مراسلها باتريك كينغزلي، قال فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلجأ من خلال السيطرة على مدينة غزة إلى إستراتيجية عسكرية فاشلة. وطالما تعهد نتنياهو بهزيمة حماس بالقوة، إلا أن قراره بالسيطرة على القطاع كاملا ينذر بالطريق المسدود المألوف.

وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو تحدث أكثر من مرة طوال الحرب، أنه لا يحتاج إلا إلى عملية عسكرية واحدة لهزيمة حماس. وفي نيسان/ أبريل من العام الماضي، قال إن إسرائيل على بعد خطوة واحدة من النصر إذا فرضت سيطرتها على مدينة رفح في جنوب غزة.

وفي آذار/مارس من هذا العام، ومع دمار رفح منذ فترة طويلة ورفض حماس الاستسلام، بدأ نتنياهو حملة وعد فيها بأنها ستمنح إسرائيل النصر أخيرا. وعندما لم يتحقق ذلك، شن عملية أوسع نطاقًا في أيار/ مايو، والتي فشلت بعد ثلاثة أشهر في القضاء على ما تبقى من مقاتلي حماس، ولكنها خلفت العديد من المدنيين الفلسطينيين على شفا المجاعة.

ويخطط نتنياهو الآن لعملية أخرى بعدما صوتت الحكومة المصغرة يوم الجمعة على خطة السيطرة على مدينة غزة، وهي المدينة الرئيسية في القطاع. وجاء هذا في أعقاب إعلانه يوم الخميس بأن إسرائيل ستهزم حماس في النهاية من خلال احتلال غزة بالكامل ثم تسليمها إلى “قوات عربية ستحكمها بشكل صحيح دون تهديدنا”.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

ومن المؤكد أن تنتهي المغامرة الأخيرة مثل المغامرات الأخرى إلى طريق مسدود. وهي عملية قد تحتاج إلى أسابيع من أجل التحضير لها. ولكن النتيجة ستكون استمرار حماس في السيطرة على الوضع، وبقاء الأسرى الإسرائيليين في قبضتها واستمرار معاناة المدنيين الفلسطينيين من كابوس مرعب. وقد استولت إسرائيل على جزء كبير من مدينة غزة في الأشهر الأولى من الحرب، واستولت على بعض المناطق أكثر من مرة، قبل أن تتخلى عنها بالكامل على افتراض خاطئ بأن حماس قد هزمت.

وتضيف الصحيفة أن قرار نتنياهو توسيع الحرب، على الرغم من الضغوط الدولية المكثفة لإنهاء الحرب، يتعارض حتى مع آراء القيادة العسكرية الإسرائيلية.

فالجيش منهَك بعد خوض ما هو بالفعل أطول حرب شديدة وقاسية في تاريخ إسرائيل. كما أن عدد جنود الاحتياط، الذين يشكلون الجزء الأكبر من القوة المقاتلة الإسرائيلية، الذين يؤدون الخدمة، بات أقل.

ويقول المسؤولون إن مخزون الجيش من الذخيرة وقطع الغيار آخذ في النفاد. وكان هناك ارتفاع في الوفيات بسبب الانتحار بين الجنود المسرّحين. ومرة أخرى، أعطى نتنياهو الأولوية لاحتياجاته السياسية باختياره تمديد الحرب. وتجاوز رئيس الوزراء الإسرائيلي كبار الجنرالات، الذين يقول بعضهم إن حماس قد تضررت بما فيه الكفاية، وأعطى الأولوية لحلفائه في الائتلاف اليميني المتطرف، الذين يقولون إن الحرب يجب أن تستمر حتى تدمير حماس بالكامل.

ونقلت الصحيفة عن توماس أر.نايدز، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، قوله إن “نتنياهو وضع لنفسه هدفا غير قابل للتحقيق، وبالتالي لن تنجح العملية أبدا”، وأضاف: “ينبغي أن يكون تعريف النجاح هو أن حماس لن تتمكن أبدا من مهاجمة إسرائيل كما فعلت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهذا قد تحقق بالفعل. وما يعرّفه نتنياهو على أنه نجاح -القضاء التام على آخر عضو في حماس- هو ببساطة أمر غير قابل للتحقيق”.

وفي تعهده باحتلال غزة بالكامل، بدا نتنياهو وكأنه يستبق هذه الانتقادات ويحاول تخفيفها من خلال الوعد المتزامن بأن إسرائيل لن تسعى للسيطرة على القطاع على المدى الطويل. وفي تنازل للمنتقدين الأجانب، قال إن إسرائيل ستتنازل في النهاية عن غزة لشركائها العرب، وهي خطوة من شأنها أن تثير غضب شركائه في الائتلاف، الذين يريدون من إسرائيل ضم القطاع وإعادة توطين اليهود فيه.

وإذا كان نتنياهو جادا، فقد تقدم خطته صورة عن اليوم التالي للقطاع الذي لا تسيطر فيه حماس ولا إسرائيل. كما سيكون مثالا على انخراط نتنياهو علنا في نوع من التخطيط المحفوف بالمخاطر لما بعد الحرب والذي ينفر جزءا كبيرا من قاعدته الشعبية ولكنه ضروري لإنهاء الحرب، حسب قول الصحيفة.

ومع ذلك، لا تزال رؤية نتنياهو غير مقبولة للدول العربية، حيث قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، هذا الأسبوع بأن بلاده منفتحة على فكرة السماح لقوة دولية بحفظ السلام في غزة. لكنه أشار أيضا إلى أن مثل هذه الخطوة يجب أن تكون في سياق عملية دبلوماسية، لا تجدد الأعمال العدائية وتؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.

وبشكل عام، يقول المحللون إن الحكومات العربية لا ترغب في التدخل بغزة إلا بدعوة من السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وليس كذريعة لحملة عسكرية إسرائيلية دموية أخرى.

ومع ذلك، أعلنت الحكومة الإسرائيلية المصغرة يوم الجمعة بأنه إلى جانب الاستيلاء على مدينة غزة، ستحتفظ إسرائيل دائما “بالسيطرة الأمنية” ولن تسمح للسلطة الفلسطينية بحكم القطاع. وما لم يخفف نتنياهو من حدة الخطة أو يلغيها، فإن الحملة الإسرائيلية المتجددة ستضعف على الأرجح رغبة القادة العرب في الانخراط مع إسرائيل بشأن مستقبل غزة بعد الحرب، كما يقول إبراهيم دلالشة، المحلل الفلسطيني.

وأضاف أن تلك الفرصة كانت سانحة حتى خرج نتنياهو من المفاوضات. وهناك إمكانية لعدم احتلال إسرائيل غزة بالكامل وحتى بداية الاحتلال. فرغم إعلان الحكومة المصغرة عن نية التحضير للاحتلال، إلا أن العملية تحتاج إلى أسابيع، وبخاصة أن الخطة واسعة وتحتاج لدعوة جنود الاحتياط، وعندها تبدأ.

ويرى معلقون إسرائيليون أن الحديث عن احتلال كامل قد تكون تكتيكا تفاوضيا لدفع حماس على الاستسلام دون أي قتال. ويقول نداف شراوشلر، مستشار نتنياهو السابق إنه “لا يعتقد أنه سيمضي في الخطة، وهو يريد صفقة. ومن منظوره، فكلما وضع ضغطا عسكريا على حماس كان لديه خيار أفضل لصفقة”.

وسواء مضى في العملية أم لا، فإن التهديد بالعملية أعطى نتنياهو مساحة للتحرك في الداخل نظرا للضغوط التي يتعرض لها. فقد أرضى اليمين الذي يريد المضي بالعملية وأغضب عائلات الأسرى الذين يريدون صفقة ونهاية للحرب.

وترى الصحيفة ان اختيار نتنياهو التصعيد وفي ظل العطلة الصيفية للكنيست التي تمكنه من التصرف بدون ضغط حلفائه، هو إشارة عن رغبته في الحفاظ على ائتلافه حتى بعد نهاية العطلة الصيفية في الخريف.

ويرى المفاوض الأمريكي السابق أرون ديفيد ميلر أن نتنياهو لديه الوقت والمساحة لتجريب خيارات عدة. و”ربما أرضى الجناح اليميني وحافظ عليه وأجبر حماس على العودة إلى طاولة المفاوضات وأظهر لرئيس هيئة الأركان من هو القائد”. وفي النهاية يقول ميلر إن نتنياهو ليست لديه نهاية للعبة وقليل من المخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى