أقمار الصحافةالرئيسية

هبة العبادلة: الصحفية التي ودعت العالم برسالة نجاة لم تصل

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

هبة العبادلة.. أقمار الصحافة إعداد: سهر دهليز

في التاسع من يناير 2024، فقدت غزة واحدة من أبرز الوجوه الإعلامية النسائية، الصحفية هبة فؤاد العبادلة، التي ارتقت شهيدة برفقة طفلتها جودي ووالدتها رويدة الأسطل، إثر قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الأسطل في حي السطر الغربي بمدينة خان يونس، حيث كانت العائلة تأوي مع عدد من النازحين.

مسيرة مهنية حافلة

وُلدت هبة في 14 يوليو 1993 بمدينة خان يونس، ودرست الإعلام في جامعة الأزهر بغزة. بدأت مشوارها الإعلامي كمذيعة في راديو الأزهر، ثم انتقلت للعمل في إذاعة صوت الوطن، قبل أن تشغل لاحقًا منصب منسقة دائرة القبول والتسجيل في جامعة غزة – فرع الجنوب.

كانت هبة أمًا شابة لطفلتها “جودي”، وعضوًا فاعلًا في المجتمع المدني، حيث تولت مسؤولية ملف المرأة العاملة في المكتب الحركي الفرعي للعمال، وشاركت في مجلس إدارة نادي الإعلام الاجتماعي. وكانت تستعد لمناقشة رسالة الماجستير ضمن دراستها العليا، قبل أن تُغتال أحلامها بصاروخ أنهى حياتها مع طفلتها ووالدتها.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

رسالة استغاثة أخيرة

في يناير 2024، أمر جيش الاحتلال سكان بلدة القرارة شمال شرقي خان يونس باللجوء إلى منزلٍ يعود لعائلة الأسطل، بزعم تأمينهم. لجأت الصحفية هبة العبادلة برفقة طفلتها جودي ووالدتها، مع نحو خمس عائلات أخرى، إلى ذلك المنزل الواقع بالقرب من مناطق اشتباكات عنيفة.

وسط أصوات القذائف ورعب الحصار، كتبت هبة مناشدة مؤثرة عبر وسائل التواصل، قالت فيها: “دعواتكم الصادقة لنا. أنا وأهلي ومعنا 5 عائلات، حوالي 30 سيدة و10 أطفال و20 شابًا ورجلًا، موجودون في منطقة السطر الغربي – شارع 5، والدبابات تحيط بنا. ندعو الله السلامة لنا جميعًا، ونُحمّلكم مسؤولية نقل صوتنا في حال كُتبت لنا الشهادة”.

وأضافت: “ثلاثة أيام من أصعب اللحظات التي يمكن أن يمر بها الإنسان، تحت صوت القذائف والاشتباكات، وبقايا البيوت التي تنهار فوق رؤوسنا، ورائحة البارود والغاز… ناهيك عن صوت الدبابات بجوارنا. نحتسب خوفنا وصبرنا عند الله، ونقول إننا لسنا مجرد أرقام”.

لم تمر دقائق، حتى انهالت القذائف على المنزل وانهار فوق رؤوس من فيه. لم تتمكن الطواقم الطبية من الوصول إلا بعد فوات الأوان. وهناك، وُجدت هبة، وجودي، ووالدتها رويدة الأسطل، وقد ارتقين شهيدات.

قال هيثم العبادلة، أحد أقربائها: “رغم مناشدتها للعالم، بقيت هبة محاصرة في بيت أخوالها، حتى سقط الصاروخ على الجميع”.

وأضاف: “نخسر في غزة كل يوم من يشبهن هبة: المبدعات، الطموحات، الحالمات بالنجاة وسط ركام الموت. نخسرهن مع أحلامهن التي أطفأها القصف”.

نعي مؤثر

كتب الصحفي علي بخيت نعيًا مؤثرًا في رفيقة دربه الإعلامية هبة العبادلة، قال فيه: “كل يوم نفقد أرواحًا لا تُعوّض، جمعتنا بهم أجمل اللحظات، والأنشطة، والمبادرات، والأفكار. هبة العبادلة كانت صبية استثنائية، كنت أسميها ‘الجوكر’، أينما وضعتها كانت تُبهر الجميع؛ في اللقاءات، المقابلات، إدارة الجلسات أو حتى التدريبات… دائمًا تقدم أفضل ما لديها”.

وأضاف: “هبة من مؤسسي نادي الإعلام الاجتماعي، والعمل معها كان ممتعًا ومليئًا بالحيوية والطاقة. ولهذا كانت تتولى مناصب تنظيمية وأكاديمية ومجتمعية عديدة. خسارتنا بها لا توصف؛ فقد استُشهدت إثر قصفٍ غادر، وهي تحتضن طفلتها الصغيرة الجميلة”.

وتابع: “من الصعب نسيان شخصية مثل هبة، بإبداعها وروحها. سنذكرك دائمًا زميلتنا العزيزة، رحمكِ الله أنتِ وجودي وكل من فقدناهم… خسارتنا فادحة يا هبوش”.

رحلت هبة، لكن صوتها سيبقى حاضرًا في ذاكرة غزة، شاهدًا على حربٍ لم تفرّق بين الكاميرا والرصاصة، ولا بين الحلم والحطام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى