صحة

هل يساعد علاج الحمض النووي على كبح “السرطانات الشرسة”؟

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

يتسم السرطان بنمو غير طبيعي للخلايا في الجسم، ويعد من أخطر الأمراض التي تهدد صحة الإنسان، ويمكن أن ينشأ السرطان في أي جزء من الجسم، ويؤدي في بعض الحالات إلى انتشار الخلايا السرطانية إلى أجزاء أخرى، وهي حالة تعرف بالانتقال أو “الميتاستاز”، كما أنه يعد ثاني أكبر سبب للوفاة في العالم.

ونشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمحرر الشؤون العلمية، إيان سامبل، قال فيه إن العلماء رفعوا الأمل في علاج بعض أكثر حالات السرطان شراسة من خلال استهداف أجزاء صغيرة من الحمض النووي المارق الذي يساعد الأورام على النمو ومقاومة العلاج الكيميائي.

وظهر هذا الاختراق من دراسة أمريكية بريطانية وجدت أن العديد من أنواع السرطان التي يصعب علاجها تحتوي على حلقات من المواد الوراثية الخبيثة التي كانت ضرورية لبقاء الأورام وتحمل العلاج.

وكشفت الاختبارات التي أجريت على 39 نوعا مختلفا من الأورام لدى ما يقرب من 15000 مريض في المملكة المتحدة أن أكثر من واحد من كل ستة أنواع من السرطانات يحتوي على حمض نووي خارج الكروموسومات، أو ecDNA – وهي حلقات الشفرة الجينية التي يمكن أن تجعل الأورام أكثر صعوبة في العلاج.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

سلّط التحليل الضوء على كيفية دفع ecDNA لنمو السرطان ومقاومته وقاد الباحثين إلى تحديد دواء جديد، بالفعل في مرحلة مبكرة من التجارب السريرية، لديه القدرة على تدمير الخلايا المصابة بشكل انتقائي ومنع الأورام من تطوير مقاومة سريعة.

قال بول ميشيل، أستاذ علم الأمراض في جامعة ستانفورد: “إنه اكتشاف مهم لأن هذا يؤثر على الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم. هؤلاء هم المرضى الذين يعانون حقا لأنهم لا يستجيبون لعلاجاتنا الحالية وأورامهم عدوانية للغاية”.

تُحمل معظم الجينات في الخلايا البشرية على 23 زوجا من الكروموسومات الموجودة داخل نواة الخلية. ولكن في بعض الأحيان تنفصل شظايا عن الكروموسومات وتشكل دوائر من ecDNA تجلس بعيدا عن الكروموسومات. وحتى وقت قريب، كان ecDNA يُعتبر نادرا وغير مهم في تطور السرطان.

في ثلاث أوراق بحثية نُشرت في مجلة Nature، يفصل الباحثون غوصا عميقا في أصول وتأثيرات ecDNA. وجد الباحثون أن 17.1% من الأورام التي تمت دراستها تحتوي على ecDNA، مع شيوع المادة الوراثية المارقة في أشكال معينة من سرطان الثدي والدماغ والرئة.

تحمل شظايا ecDNA جينات مسببة للسرطان وجينات أخرى تعمل على قمع الجهاز المناعي. تشجع الأولى نمو الورم بينما يمكن للأخيرة أن تساعد الأورام على التهرب من دفاعات الجسم الطبيعية ومقاومة العلاجات المناعية الحديثة التي تهدف إلى توجيه قوة الجهاز المناعي نحو الخلايا السرطانية.

 

ووجد الباحثون أن التكاثر السريع والفوضوي لـ ecDNA يحفز الأورام أيضا. عندما تنقسم خلية السرطان، ترث كل خلية ناتجة نفس عدد الكروموسومات. ولكن إذا كانت الخلية الأولية تحتوي على عدة حلقات ecDNA، فيمكن تمريرها بشكل غير متساوٍ، حيث ترث إحدى الخلايا التي تشكلت بالانقسام عددا أكبر من الخلايا الأخرى. وهذا يزيد من التنوع الجيني للورم، ويعزز مرونته في مواجهة الأدوية المضادة للسرطان.

وتشير الأبحاث، التي تم تمويلها من خلال Cancer Grand Challenges، وهي مبادرة شارك في تأسيسها مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة والمعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة، إلى أن الأدوية التي تسمى مثبطات CHK1 قد تدمر بشكل انتقائي الخلايا السرطانية التي تحتوي على ecDNA. وفي التجارب التي أجريت على عدد صغير من الفئران، ساعد مثبط CHK1 الذي طورته Boundless Bio، وهي شركة ناشئة شارك في تأسيسها ميشيل، في تقليل الأورام ومنع المقاومة عند إعطائه جنبا إلى جنب مع عقار تقليدي مضاد للسرطان.

وقال ميشيل: “هذا ليس مجرد اكتشاف حول ما يمكن أن يجعل السرطان سيئا للغاية، بل إنه يشير في الواقع إلى مجموعة جديدة من العلاجات. هناك مسار للمضي قدما لتطوير علاجات جديدة لأن هذا النوع من الحمض النووي مختلف ويخلق نقاط ضعف مختلفة”.

تغطية مستمرة.. تابعونا على قناة شبكة الخامسة للأنباء في تيلجرام

وقال ديفيد سكوت، مدير Cancer Grand Challenges في مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة : “تعتمد العديد من أكثر أنواع السرطان شراسة على ecDNA من أجل البقاء، ومع تقدم هذه السرطانات، فإن ecDNA يقود مقاومتها للعلاج، مما يترك المرضى مع خيارات قليلة. “من خلال استهداف ecDNA، يمكننا قطع شريان الحياة لهذه الأورام التي لا هوادة فيها، وتحويل التشخيص الرهيب إلى تشخيص قابل للعلاج”.

قال تشارلز سوانتون، نائب المدير السريري في معهد فرانسيس كريك في لندن والمؤلف الرئيسي لإحدى الأوراق البحثية: “يوضح هذا العمل أهمية عناصر الحمض النووي الدائرية هذه في السرطان، ودورها الناشئ في دفع لياقة الخلايا السرطانية ودعم قدرتها على التهرب من الجهاز المناعي. نأمل أن يساعد العمل المفصل في هذه الأوراق الثلاث في تمهيد الطريق لأساليب جديدة للحد من أصولها وتأثيرها، لتحسين حساسية أدوية السرطان ونتائجها للمرضى في نهاية المطاف”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى