وثائق أمريكية مسربة تؤكد بلينكن مجرم حرب تواطأ في تجويع المدنيين في غزة
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
أثبتت وثائق رسمية مسربة أن وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، تواطأ بشكل صريح في التغطية على نهج الاحتلال الإسرائيلي تجويع المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة بالتزامن مع حرب الإبادة المستمرة منذ نحو عام.
ونشر موقع (بروبابليكا/ProPublica) الأمريكي وثائق مسربة تكشف تورط بلينكن في منع دخول المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة، واعتماده سياسة التجويع كسلاح في الحرب، بالإضافة إلى تضليله للكونجرس الأمريكي حول هذه القضية.
وقد أدت هذه التسريبات إلى موجة من الغضب، حيث دعا مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية وإعلاميون وناشطون أمريكيون وحول العالم إلى إقالة بلينكن من منصبه فورًا بل ومساءلته أمام المحاكم الدولية.
مجرم حرب
بانخراطه في سياسة التجويع الإسرائيلية لأكثر من 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة يمكن اعتبار بلينكن مجرم حرب وينبغي إصدار مذكرات اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية على غرار المسئولين الإسرائيليين.
ففي أيار/مايو الماضي أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان سعيه للحصول على أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانت، للمسؤولية الجنائية عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وتعرف جرائم الحرب على أنها الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة للقوانين والأعراف المطبقة في النزاعات المسلحة، سواء كانت دولية أو غيرها.
وقد تضمنت المادة الثامنة من نظام روما الأساسي طائفة واسعة من الانتهاكات التي تندرج ضمن جرائم الحرب، وبموجب هذا النظام فقد وجه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عددا من التهم إلى كل من نتنياهو وغالانت التي تعتبر بمثابة جرائم حرب.
ومن بين هذه الجرائم استخدام التجويع كأسلوب حرب، والقتل العمد والمعاملة القاسية، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، والتسبب بمعاناة كبيرة أو إصابات خطيرة للجسم أو الصحة.
وبناء على التهم المثبتة فإن ما ينطبق على نتنياهو وجالانت يسري على بلينكن ويؤكد مجددا تورط الإدارة الأمريكية في سياسة التجويع ضد غزة، مما يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والقوانين الدولية.
فضلا عن ذلك يبرز هنا على الصعيد السياسي تورط بلينكن مدعوما باللوبي اليهودي في تضليل الكونجرس والرأي العام الأمريكي حول حقيقة الوضع في غزة وما يجري من انتهاكات صارخة.
تضليل من أجل الإبادة
خلص تقرير (بروبابليكا) إلى أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومكتب اللاجئين التابع لوزارة الخارجية، أكدا أن (إسرائيل) تتعمد عرقلة المساعدات إلى قطاع غزة، بما في ذلك قتل عمال الإغاثة وقصف المستشفيات.
وأصدرت الوكالة مذكرة من 17 صفحة توثق هذه الأفعال، لكن بلينكن نفى هذا التقرير أمام الكونغرس في وقت لاحق، زاعمًا أن الولايات المتحدة لم تجد دليلًا على أن الحكومة الإسرائيلية تمنع شحنات المساعدات.
في المقابل أكدت جهات حكومية أمريكية أخرى أن (إسرائيل) تقيد دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك مكتب السكان واللاجئين والهجرة، الذي طالب بتفعيل قانون المساعدات الخارجية.
ويحظر هذا القانون تقديم الدعم العسكري لأي دولة تمنع المساعدات الإنسانية، و(إسرائيل)، التي تُعَد أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية، تواجه ضغوطًا بسبب الهجمات التي أدت إلى استشهاد أكثر من 41 ألف فلسطيني.
ورغم الدعوات من العديد من المشرعين الأمريكيين، واصلت إدارة بايدن تمرير الصفقات العسكرية وأسلحة بقيمة 20 مليار دولار، بينما كانت الأمم المتحدة على الدوام من المجاعة في قطاع غزة وتفشي شلل الأطفال نتيجة الظروف الصحية المتدهورة.
والوثائق المسربة تعزز من التأكيدات على التورط الأمريكي الصريح وبشكل مباشر في تشديد الحصار على غزة، واستخدام المساعدات كسلاح للضغط السياسي والعسكري، فضلا عن دعمها الاحتلال الإسرائيلي وتعميق معاناة الشعب الفلسطيني من خلال الحصار المتواصل.
مطالب بإقالة بلينكن
على إثر الوثائق المسربة وما وصفوه تأكيدها المؤكد، طالب ناشطون محليون ومؤسسات حقوقية بإقالة بلينكن، الذي تم اعتبار موقفه من قبل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية “كير” بأنه يمثل انتهاكًا للقانون الأمريكي والأعراف الدولية.
وأكد المجلس أن تضليل بلينكن للكونغرس بشأن الحصار الإسرائيلي المتعمَّد للمساعدات الإنسانية إلى غزة هو انتهاك للقانون الأمريكي، وأن “الشعب الأمريكي يستحق قادة يقولون الحقيقة، بناءً عليه حان الوقت لمحاسبة إدارة بايدن على تواطئها المستمر في الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة”.
فيما قالت المرشحة الرئاسية جيل شتاين “كذب أنتوني بلينكن على الكونغرس بالرغم من علمه أن (إسرائيل) كانت تجوّع غزة عمدًا فقط لمواصلة تسليح الإبادة الجماعية. نطالب بلينكن بالاستقالة، كما نحث إدارة بايدن على الكف عن تسليح (إسرائيل) بشكل غير قانوني”.
أما الباحثة آسال راد، فقد استحضرت تغريدة سابقة لبلينكن قال فيها وقتها “إن رفض روسيا تمديد مبادرة البحر الأسود للحبوب يضر بملايين الجياع حول العالم، إن استخدام الغذاء كسلاح أمر غير معقول، ونحن نحث روسيا على عكس هذا المسار”.
وتابعت آسال في تغريدة أخرى “إنه التقرير الثاني على الأقل الذي يغطي فيه بلينكن على إسرائيل في الكونغرس وينتهك القوانين الأمريكية، من خلال إرسال (إسرائيل) أسلحة على الرغم من الأدلة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”.
كما أكد ناشطون ومغردون من جنسيات مختلفة على أن كشف سلوك بلينكن وتواطؤه مع الإبادة الإسرائيلية يعري حقيقة وساطة إدارة بايدن في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وشددوا على أن ذلك يتطلب تحركات جدية من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للضغط على الإدارة الأمريكية لإنهاء سياستها العدوانية تجاه غزة، وفتح تحقيقات شفافة حول تورط المسؤولين الأمريكيين في حرب الإبادة لا سيما حرب التجويع فضلا عن اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الحصار فوراً وفتح جميع المعابر لدخول المساعدات الإنسانية.