يديعوت أحرونوت: زيارة ترمب كشفت عزلة إسرائيل وتراجع تأثيرها في المنطقة

رأت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، في تقرير نشرته الجمعة، أن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة إلى الشرق الأوسط أظهرت تراجع مكانة إسرائيل الإقليمية وتزايد عزلتها، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات استراتيجية تقودها قوى إقليمية بارزة، بمباركة أميركية.
وبحسب الصحيفة، فإن الأسابيع الأخيرة كرّست صعود زعيميْن إقليمييْن هما ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اللذَين باتا يحددان، بالتنسيق مع ترمب، معالم المرحلة المقبلة في ملفات محورية كـالتسوية في سوريا، والمواجهة مع إيران، بينما تُركت إسرائيل على الهامش، منشغلة بأزماتها الداخلية وحربها المستمرة في غزة.
الائتلاف الإسرائيلي المأزوم والحرب التي طالت
أشارت الصحيفة إلى أن الانشغال السياسي داخل إسرائيل في إدارة ائتلاف حكومي متعثر، إلى جانب حالة التململ الشعبي من استمرار الحرب في غزة، أضعف قدرة الحكومة على التأثير في المستجدات الإقليمية. وتزايدت في إسرائيل، بحسب الصحيفة، أصوات تطالب بوضع حد للحرب، في ظل غياب رؤية واضحة للمخرج السياسي أو العسكري منها.
هل “تخلى” ترمب عن إسرائيل؟
طرحت يديعوت أحرونوت تساؤلاً لافتاً: “هل ألقى ترمب إسرائيل تحت الحافلة؟”، معتبرة أن الإجابة “معقدة”، لكنها تعكس واقعًا لم يعد ينسجم مع التوقعات الإسرائيلية السابقة بوصول “رئيس أميركي داعم دون شروط”.
وأوضحت أن الحكومة الإسرائيلية علقت آمالاً كبيرة على ولاية ترمب، ظنًا منها أنه سيحقق لها كل ما تطمح إليه. وفي البداية، تحقق لإسرائيل عدد من المكاسب، منها رفع الحظر على الأسلحة، وقف دعم الأونروا، وقف التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، والترويج لخطط تهجير سكان غزة، وهي خطوات اعتُبرت حينها انتصارًا كبيرًا للتيار اليميني في إسرائيل.
صدمات متتالية من إدارة ترمب
لكن سرعان ما بدأت الخيبات تتوالى، بحسب الصحيفة. فقد فوجئت إسرائيل بالمحادثات التي أجراها مبعوث ترمب لشؤون الرهائن آدم بوهلر مباشرة مع حماس، دون علم مسبق من تل أبيب، ما دفع الأخيرة للتنصل من الخطوة وادعاء أن بوهلر “تصرف دون تفويض”. إلا أن الصفقة التي أفضت إلى إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر بعد 584 يومًا من الأسر بفضل جنسيته الأميركية، أكدت أن المبعوث كان يتحرك بتنسيق كامل مع البيت الأبيض.
وأثارت هذه الصفقة موجة انتقادات داخلية في إسرائيل، حيث تساءل كثيرون عن الرسالة التي توجهها هذه الخطوة لبقية الرهائن الإسرائيليين، خاصة من لا يحملون جنسية مزدوجة.
مفاجآت إقليمية تُربك إسرائيل
وواصل ترمب، وفق الصحيفة، مفاجآته لحليفته التقليدية، إذ شرع في مفاوضات مع إيران، وأبرم اتفاقًا مع الحوثيين دون ضمانات بوقف الهجمات ضد إسرائيل، ما شكل صدمة لقيادتها.
كما زار ثلاث دول خليجية دون المرور بتل أبيب، والتقى بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، الذي كانت إسرائيل تصفه بـ”الإرهابي”، في ما اعتُبر تجاهلاً واضحًا للموقف الإسرائيلي.
قلق إسرائيلي من صفقة F-35
وأبدت يديعوت أحرونوت خشيتها من تقارير أميركية تشير إلى نية واشنطن تزويد السعودية وتركيا بطائرات F-35 المتطورة، ما قد يهدد “التفوق النوعي” الذي تحتفظ به إسرائيل في المنطقة، ويُعد ركيزة أساسية في استراتيجيتها الأمنية.
واشنطن: مستمرون حتى بدون إسرائيل
وتختتم الصحيفة بالإشارة إلى تصريحات أميركية تؤكد أن واشنطن ماضية في تنفيذ رؤيتها للمنطقة حتى بدون إسرائيل، إذا ما استمرت الأخيرة في رفض الانخراط في المبادرات المطروحة. وترى الصحيفة أن هذه الرسالة الصريحة تُنذر بأن إسرائيل قد تكون الخاسر الأكبر إن لم تعِ المتغيرات الجارية وتتكيف معها.