يوم الأسير الفلسطيني.. واقع اعتقالي مرير وأرقام وحقائق مؤلمة
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
يُحيي أبناء شعبنا الفلسطيني، في الوطن والشتات يوم الأسير الفلسطيني، في السابع عشر من نيسان/ أبريل من كل عام، بعد أن اعتمد هذا اليوم المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974 يومًا وطنيًا من أجل حرية الأسرى، وتوحيد الجهود والفعاليات لنصرتهم، ودعم حقّهم المشروع في الحرية.
ومنذ ذلك التاريخ، كان وما زال يوم الأسير يوماً خالدًا يحيه الشعب الفلسطيني سنوياً في كل أماكن وجوده في الداخل والشتات، بوسائل وأشكال متعددة؛ ليذكّروا العالم أجمع بالأسرى الفلسطينيين، وما يتعرضون له بشكل يومي من أبشع صنوف العذاب والانتهاكات والتجاوزات في سجون الاحتلال، التي فاقت وتجاوزت كل الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، وفي مقدمتها القانون الإنساني الدولي، و”اتفاقية جنيف الرابعة”، ومبادئ حقوق الإنسان، و”النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.
واختير هذا التاريخ، للاحتفال بيوم الأسير، كونه شهد إطلاق سراح أول أسير فلسطيني “محمود بكر حجازي” في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
وأقرت القمة العربية العشرين أواخر آذار/ مارس من عام 2008، في العاصمة السورية دمشق، اعتماد هذا اليوم من كل عام للاحتفاء به في الدول العربية كافة، تضامنًا مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في المعتقلات الإسرائيلية.
تنكيل وعزل عن العالم الخارجي
يعيش الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي -منذ شن الحرب على غزة- ظروفا حياتية وإنسانية صعبة، إذ وظفت إسرائيل “طوفان الأقصى” وأنظمة الطوارئ، للتفرد بالحركة الأسيرة وسلب منجزاتها والتنكيل بالأسرى وعزلهم عن العالم الخارجي، عبر منع الزيارات العائلية، وحظر حتى اللقاء بالمحامين.
وتحت مظلة حالة الطوارئ، تمارَس بحق الأسرى بسجون الاحتلال الإسرائيلي جرائم ضد الإنسانية، وتدأب مصلحة السجون الإسرائيلية على التشديد ونهج سياسات انتقامية وقمعية بحق الأسرى.
وقد سحبت من الأسرى كافة منجزاتهم التي حققوها عبر نضال لسنوات وإضرابات، فصودرت كافة الأجهزة الكهربائية منها التلفاز والراديو، وكذلك الكتب والقرآن الكريم، بالإضافة لمصادرة كل ملابس الأسرى وإبقائهم منذ بداية الحرب في نفس الملابس مع غيار واحد فقط لكل أسير.
الاعتقال الإداري
وأفاد البيان أن عدد المعتقلين الإداريين (دون تهمة) ارتفع إلى أكثر من 3660، حتى بداية أبريل الجاري، بينهم 22 سيدة وأكثر من 40 طفلا.
وجدير بالذكر أن إسرائيل هي الوحيدة في العالم التي تستخدم الاعتقال الإداري؛ إذ اعتمدته سياسة للتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين واتخاذهم رهائن سياسيين، خلافًا للقانون الدولي وللشرائع الإنسانية والدولية.
وتتذرع سلطات الاحتلال الإسرائيلي بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها مطلقًا؛ فلا يعرف المعتقل مدة محكوميته ولا التهمة الموجهة إليه؛ وغالبًا ما يتعرض المعتقل الإداري لتجديد مدة اعتقاله أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية؛ وقد تصل أحيانًا إلى سنة كاملة؛ وقد تصل إلى سنوات قابلة أيضًا للتجديد.
أسرى الضفة
وبلغت حصيلة الاعتقالات منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أكثر من 8270، وهذه الحصيلة تشمل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا كرهائن.
ومن الجدير ذكره أن حملات الاعتقال هذه تشكّل أبرز السّياسات الثّابتة، والممنهجة التي تستخدمها قوات الاحتلال، كما أنها من أبرز أدوات سياسة العقاب الجماعي، التي تشكل كذلك أداة مركزية لدى الاحتلال في استهداف الفلسطينيين، في ظل العدوان الشامل على الشعب الفلسطيني، والإبادة المستمرة في غزة، بعد السابع من أكتوبر.
فرسان الحقيقة
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاتها للمواثيق والأعراف الدولية باعتقالها عددًا من الصحفيين الفلسطينيين والزج بهم خلف قضبان سجونها؛ في محاولة منها لتغييب من يوثق جرائمها بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، ولطمس وتزييف الحقائق.
حيث وصل عدد المعتقلين الصحفيين إلى 56، منهم 45 اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر، ولا يزالون رهن الاعتقال، بينهم 4 صحفيات، وفق البيان.
أسيرات الحرية
تتعرض المعتقلات الفلسطينيات كغيرهن من أبناء الشعب الفلسطيني للتعذيب وسوء المعاملة أثناء فترة التحقيق، ويستغل محققو الإحتلال الخصوصية الجندرية للنساء للضغط عليهن والتنكيل بهن، ويتعرضن للتفتيش العاري بهدف إذلالهن وحرمانهن من الإحتياجات الصحية والشخصية.
ورُصد عدد الأسيرات في السجون الإسرائيلية حتى تاريخ 7 أكتوبر 32 أسيرة فلسطينية حُرر منهن18 أسيرة وهن:
الأسيرة ميسون موسى من بيت لحم والمحكومة بالسّجن لمدة 15 عام.
أسيرات مقدسيات (شروق دويات، الطفلة نفوذ حمّاد، نوال فتيحة).
أسيرات من الداخل المحتل (شاتيلا أبو عيادة، أسماء أبو تكفة، آية الخطيب)
أسيرتين من مدينة جنين وهن عطاف جرادات وياسمين شعبان.
أمهات من محافظات مختلفة (إسراء جعابيص، أماني الحشيم، فدوى حمادة، إيمان الأعور، ختام السعافين، شذى عودة، شروق البدن، فاطمة عليان، سعدية فرج الله).
ظروف اعتقال مأساوية
وتعيش الأسيرات أوضاعاً معيشيةً سيئة في سجن الدامون الذي كان بالأساس مخزن دخان ويتكون من عدة أقسام تزدحم الأسيرات فيه ويعانين من سوء التهوية والرطوبة العالية التي تؤثر عليهن سلباً.
وإنعدام المياه الصالحة للإستهلاك الآدمي، حيث تنتشر الأمراض والالتهابات الناتجة عن استخدام المياه الملوثة والتي لم يتم صيانتها منذ سنوات، وكذلك عدم وجود خصوصية لهن باستعمال الحمامات الموجودة خارج الغرف والتي لا يسترها إلا ستار.
فيما تعاني الأسيرات من الإهمال الطبي وسوء المتابعة وانعدام الفحص المخبري وغياب الطواقم الطبية المختصة بالأمراض النسائية وانتشار الإلتهابات مجهولة المصدر، كما إن العلاجات التي تُصرف ليست ذا فعالية علاجية.
وهناك عدد كبير من الأسيرات يعانين من أمراض خطيرة مثل: السرطان، وفقر الدم، وأمراض السكري والضغط.
بالإضافة للعزل الإنفرادي والتنقلات التعسفية دون أدنى مبرر أو سبب، وهو ما يؤثر على مواعيد الزيارات العائلية وانتظامها وعلى الوضع النفسي والعقلي للأسيرات.
موت بطيء
أما فيما يتعلق بالمعتقلين المرضى أشار البيان إلى وجود مئات من المرضى والجرحى المعتقلين، وأن أعدادهم في تصاعد مستمر بعد السابع من أكتوبر جراء “الجرائم والسياسات والإجراءات الانتقامية الممنهجة التي فرضها الاحتلال على الأسرى، وأبرزها التّعذيب والجرائم الطبيّة”، بحسب البيان.
ما قبل أوسلو
وتشير المعطيات الواردة في البيان إلى أن “إسرائيل” تعتقل 21 أسيرا، منذ ما قبل “اتفاقية أوسلو” الموقعة بين منظمة التحرير و”إسرائيل” عام 1993، يضاف لهم 11 أسيرا اعتقلوا قبل الاتفاقية وأفرج عنهم ضمن صفقة “وفاء الأحرار” التي تمت عام 2011 مقابل الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط”، ولكن أعيد اعتقالهم عام 2014.
كما مضى على أسر المئات من المعتقلين أكثر من 21 عاما، جلهم يقضون أحكاما بالسجن المؤبد.
السجن المؤبد
ووفق نادي الأسير يوجد 600 معتقل يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (99 عاما حسب القانون العسكري الإسرائيلي) لمرة واحدة أو عدة مرات، بينهم
الأسير عبد الله البرغوثي المحكوم بالسجن 67 مؤبدا.
أسير بعد الممات
وتشير معطيات نادي الأسير إلى وفاة 252 معتقلا داخل السجون، منذ عام 1967، بينهم 16 بعد السابع من أكتوبر (لا يشمل أسرى قطاع غزة).
وتحتجز سلطات الاحتلال الإسرائيلية جثامين 27 أسيرا، وترفض تسليمهم لذويهم، أقدمهم “أنيس دولة” الذي توفي في سجن عسقلان عام 1980، وفق البيان.
أسرى طوفان الأقصى
وتؤكّد المؤسسات الحقوقية، أنّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة يتعرضون إلى جرائم قتل عمد وإعدام تعسفي وخارج نطاق القانون والقضاء، بما في ذلك القتل تحت التعذيب.
وكانت صحيفة هآرتس العبرية كشفت في وقت سابق، عن فظائع ترتكب بحق الأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة، والذين تم اعتقالهم خلال الحرب الحالية، ونقلوا إلى معتقلات عسكرية وميدانية.
ونقلت الصحيفة حينها شهادة طبيب إسرائيلي يعمل في مستشفى ميداني، أشار فيها إلى تعرّض الأسرى من قطاع غزة لأساليب تعذيب قاسية، أدّت في بعض الأحيان إلى بتر أطرافهم.
وحتى الآن لم يتم التوصل للعدد الفعلي لأسرى قطاع غزة الذين اعتقلهم الاحتلال منذ السابع من أكتوبر نظرًا لتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى جانب التعتيم الإعلامي الذي يمارسه الاحتلال بشأن المعتقلين.
مجهولين الهوية
من جهته أعلن رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدورة فارس، الثلاثاء، أنّ الاحتلال الإسرائيلي قتل 16 أسيراً معلومي الهوية، وعشرات من أسرى غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأضاف فارس أنّ الأسرى الفلسطينيين يواجهون منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول هجمة شرسة هي الأبشع في تاريخ الحركة الأسيرة، مشيراً إلى أنّ حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة تمارس بحق الشعب الفلسطيني اليوم تتخذ صوراً وأشكالاً، مركزها غزة وامتدادها في كل مكان.
وحذّر من الأوضاع الكارثية في السجون الإسرائيلية، حيث قتلت الاحتلال 16 أسيراً معروفين بالاسم، فيما قُتل العشرات من أسرى قطاع غزة دون معرفة أعدادهم وأسمائهم.
جرائم غير مسبوقة
ولفت إلى أنّ إسرائيل تمارس جرائم غير مسبوقة ودخلت حقبة جديدة من الصراع، يقابلها صمت مطبق من المجتمع الدولي.
واتهم فارس الاحتلال باستدراج الأسرى إلى المواجهة من أجل قمعهم وقتلهم، مشيراً إلى تواجد
سجانين مسلحين داخل الأقسام.
وطالب بأن يكون يوم الأسير الفلسطيني منعطفاً على صعيد فعل شعبي في مواجهة الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، عبر مسيرات مندّدة بجرائمها بحق الأسرى.