أشرف العجرمي: اللغط الإسرائيلي.. لقاءات «ميرتس» مع الرئيس
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
أثار لقاء الرئيس محمود عباس، مع وزيري حركة “ميرتس” تمار زاندبرغ وعيساوي فريج لغطا كبيرا في إسرائيل. وقد هوجم اللقاء من حزب “الليكود” المعارض ومن شخصيات يمينية عديدة. واعتبر المعارضون لفكرة اللقاء ان “ميرتس” تتصرف كحركة سلام أكثر من كونها حركة في الائتلاف الحكومي. ومنهم من ذهب بعيدا في اتهام “ميرتس” بدعم “الإرهاب” الفلسطيني كون أن السلطة تدفع رواتب لعائلات الأسرى والشهداء، وتحرض على العنف ضد الإسرائيليين وترفع ضدهم قضايا في المحاكم الدولية وتطالب بمعاقبة إسرائيل.
في المقابل، تعتبر “ميرتس” نفسها عنصرا داعما لحل الدولتين وربما عنصر توازن في الحكومة لمنع انزياحها نحو اليمين المتطرف على غرار حكومات اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو. والحركة ترى نفسها شريك الفلسطينيين في صنع السلام وهي بانتظار أن تتغير الخارطة السياسية والحزبية في إسرائيل لجهة إقامة حكومة معتدلة يمكنها أن تذهب نحو عملية سياسية جادة تفضي إلى تسوية مقبولة للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس حل “الدولتين”.
وفي الواقع، هناك 4 أحزاب في الحكومة مع حل الدولتين، وهي بالإضافة إلى “ميرتس”، حزب “العمل” برئاسة ميراف ميخائيلي التي تتبنى موقفا معتدلا ويساريا من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وتطالب حتى الأمس القريب، بالتعجيل في وضع حل نهائي وجذري له. وحزب “هناك مستقبل” بزعامة وزير الخارجية ورئيس الحكومة البديل يائير لابيد الذي يؤيد فكرة حل الدولتين ولكنه يعتقد أن الظرف الفلسطيني والإسرائيلي غير ناضج، الآن، لمثل هذا الخيار. وهو لم يحدد رؤية واضحة لكيفية تطبيق الحل. والطرف الرابع بطبيعة الحال هو الحركة الإسلامية أو “القائمة العربية الموحدة” التي هي جزء من الائتلاف الحكومي. ولكن في المقابل، هناك ثلاثة أحزاب يمينية ترفض الفكرة من الأساس وهي “يمينا” بزعامة نفتالي بينيت رئيس الحكومة و”أمل جديد” برئاسة جدعون ساعر، و”إسرائيل بيتنا” برئاسة أفيغدور ليبرمان. أما حزب “أزرق – أبيض” الذي يترأسه وزير الأمن (الدفاع) بيني غانتس فهو موجود في مكان ما في الوسط وأقرب إلى اليمين.
الجدال القائم في إسرائيل حول اللقاءات مع الجانب الفلسطيني في الواقع لا يرتبط بالحكومة بصورة خاصة فهناك قرار بالتواصل مع السلطة الفلسطينية وقد حصلت لقاءات بين الوزراء من الجانبين. وهناك ضغط أميركي من أجل أن يتم التعاون بين الطرفين على أساس تغيير الشروط على الأرض وتهدئة الأمور وخلق مناخات مؤاتية لتهيئة الظروف لدفع التسوية السياسية. ولكنه يرتبط أكثر بمشروع اليمين الاستيطاني الذي لا يريد تهدئة ولو مؤقتة في عملية البناء الاستيطاني والاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية. وأطراف هذا المشروع لا يريدون اتصالا فلسطينيا – إسرائيليا أو أي تدخل أميركي يمكن أن يقود إلى تجميد هذا المشروع أو تخفيف وتيرته. وهم بالتالي يعارضون اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية. وهذه في الواقع معضلة رئيس الحكومة وحزبه فهم في موقف متناقض كجزء من حكومة بأجندة غريبة لا تستطيع أن تذهب يميناً بشكل كامل ولا يساراً كذلك ومضطرة للوقوف في الوسط.
والمعارضة لا تقتصر على الجانب الإسرائيلي بل هناك معارضة فلسطينية شرسة. فالذين يعارضون اللقاء لا يريدون الاستمرار في التمسك بسياسة فلسطينية نابعة من اتفاق “أوسلو” بل يريدون التخلص من أعباء هذا الاتفاق ويعتبرون أن الحكومة الحالية في إسرائيل حكومة يمينية تقتل الفلسطينيين وتواصل الاستيطان وانتهاك الاتفاقات. وفي الحقيقة تعبر المعارضة الفلسطينية عن ردة فعل أقرب إلى الشعارات منها إلى مواقف تستند إلى طرح بدائل واقعية حقيقية. وحتى “حماس” تحاول التكيف مع اتفاق “أوسلو” بطريقتها. وفصائل منظمة التحرير تريد تغيير الواقع على طريقتها ولكن دون تقديم برنامج واقعي يمكن الذهاب إليه دون دفع ثمن باهظ. والرئيس أبو مازن يشعر بأنه لا يمتلك خيارات كثيرة. وهكذا نظل جميعا في دائرة يصعب الخروج منها طالما لا ينتهي الانقسام ولا نتوحد على برنامج وطني يتوافق الجميع عليه.