التبرع بالقرنية: صدقةٌ جاريةٌ تُعيد الأمل لفاقدي البصر بغزة “مجاناً”
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
الخامسة للأنباء – تقارير:
لم يكن الأمر سهلاً، فالتبرع بجزء من شخص توفاه الله قد يكون الأصعب على نفسك، لكن عندما تعلم أن التبرع سبيل لإحياء حياة أخرى، وفرصة لإعطاء حياة جديدة لشخص قد فقد ذلك الجزء، فيكون ذلك قمة السعادة واللطف، وهذا ما صنعته وزارة الصحة في قطاع غزة عندما أطلقت حملة “ومن أحياها” للتبرع بالقرنية.
ففي نهاية شهر أغسطس/ آب أطلقت وزارة الصحة بغزة، برنامجاً وطنياً للتبرع وزراعة “قرنيّات العيون”، في حالة لم تكن شائعة في قطاع غزة تحديداً، احتاجت لدراسات معمقة وكبيرة مع الجهات المختصة لتعميم الفكرة.
وبسبب الحصار الخانق على قطاع غزة، فيعتمد الكثير من المرضى على التحويل للخارج كالمستشفيات بالقدس والضفة الغربية وإسرائيل، لتلقّي العلاج وإجراء العمليات غير المتوفرة في القطاع، حيث تماطل “إسرائيل” في إصدار تحويلات وتصاريح المرضى، أو ترفض إصدارها بشكل يهدد حياتهم.
توالي التبرع بالقرنيات
الدكتور ماجد حمادة، مدير مستشفى العيون أكد في تصريح خاص لـ”وكالة فلسطين اليوم الإخبارية”، أن الحملة التي أطلقتها وزارة الصحة للتبرع بالقرنية لاقت صدىً واستجابة كبيرة لدى أبناء شعبنا، خاصةً من سكان منطقة الشمال.
وبين د. حمادة، أن أولى هذه العائلات كانت عائلة الشاب المتوفى “عزام”، الذي تبرع بقرنتيه لشابين آخرين كانا يُعانيان من مشاكل صحية، أفقدتهم القدرة على النظر، ثم تلاها العديد من العائلات.
وأوضح د. حمادة أن الوزارة أجرت 9 عمليات زراعة للقرنيات فيما يجري 4 عمليات من قوائم الانتظار تبرعت بها عائلتين من الشمال مؤخراً، حيث أعادت هذه العمليات الحياة لأشخاص آخرين، حيث تكللت العمليات بنجاح وبعد تقييم فإن وضعهم بخير.
ولفت إلى أن زراعة القرنيات في غزة، كانت تعتمد على استيرادها من دول مثل كندا والولايات المتحدة الأمريكية، بتكلفة عالية، حيث تبلغ تكلفتها مايقارب من 5000 دولار، فيما تقوم الوزارة بتحويل أكثر من 250 حالة سنوياً، لزراعة القرنيات في الخارج، وهي أكثر تكلفة وصعوبة.
وأوضح د. حمادة، أن مايقارب من 550 مريضاً على قوائم الانتظار، حيث سيتم الانتهاء من 14 حالة بعد إجراء العمليات لهم، حيث يتم اجراء العمليات داخل المستشفيات الحكومية بشكل مجاني.
طبيعة القرنية والتعامل معها..؟
وبخصوص طريقة التعامل مع “القرنية”، أوضح د. حمادة أن القرنية هي عبارة عن غشاء بسيط، فهي ليست عضو كامل، لذا عندما يتم استئصاله فلن يسبب تشوهاً لجسم المتوفاة، لذا فيتم الحفاظ على كرامة الميت.
وبين أنه في بعض الأوقات كانت تصل القرنيات إلى القطاع في وقت متأخر، ولا تكون بالحيوية التي هي عليها حينما يتم نقلها فوراً من متوفَى، فيما تتعرض أحيانا لتلف جزئي بسبب ظروف النقل، لذا فالتبرع بالقرنية داخل القطاع وفر الوقت والجهد وجعل من السهولة زراعتها بعد فحصها.
وأشار إلى أنه حين تلقي المستشفى رسالة بوجود متبرع جديد بقرنيته، فإن الطواقم الطبية تتوجه لمكانه ويجري الفريق فحصاً سريعاً لتقييمها وبعد ثبوت صلاحيتها، كون أن القرنية نسيج وليس عضواً ولا تحتاج لمطابقة، يتم استئصالها لزراعتها لشخص آخر، حيث تقدم الوزارة الدعم اللوجستي والفني لعملية النقل والزراعة.
وحول طريقة حفظ القرنيات، نوه د. حمادة إلى أن القرنيات يتم احتفاظها في مواد خاصة، فيتم توفيرها، حيث تم توفير 100 عبوة للاحتفاظ بهذه القرنيات التي تبلغ تكلفتها من 70-100 دولار للعبوة الواحدة.
معايير اختيار المرضى
وبخصوص المرضى، فإن القرنية تعيد البصر لمن يعاني من مشكلة في القرنية ويكون فقدان البصر بسبب مشكلة في القرنية وفقدان وظيفتها.
أما اختيار المرضى ، فيجري وفق معايير محددة، حيث تم تشكيل لجنة معايير شفافة وذات نزاهة لتحديد الأولويات بالتشاور مع دائرة زراعة الأعضاء في وزارة الصحة ومستشفى العيون.
ودعا د. حمادة، المواطنين إلى الاستجابة لهذه الحملة من أجل “مد المرضى بالأمل بحياة جديدة، والتأكيد على أهمية التبرع بالقرنيات من الأشخاص المتوفين، لصالح المرضى الذين هم بحاجة للزراعة”، كونها تُعيد الأمل للمرضى بحياة أفضل”.
وشدد على أهمية دور وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لتعزيز فكرة التبرع بالقرنيات لإحياء حياة جديدة للمرضى بمشاركة الجميع، ونشر ثقافة التبرع، فهي صدقة جارية للمتوفي وذويه.
عن -فلسطين اليوم-