76 عاما من “أم النكبات” الى “شقيقتها”..”سيف التكوين الوطني” لن ينكسر
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
كتب حسن عصفور
منذ أن تمكنت قوى الاستعمار عبر أداتهم الحركة الصهيونية من نصب دولة الكيان اغتصابا فوق أرض فلسطين في 15 مايو /أيار 1948، وشعبها الذي استمر بها أو تشردا بقوة القهر الإمبريالي والخديعة المترافقة معها، وهو يعيد التفاعل مع تلك اللحظة بطريقة “فريدة”، رافعا راية الوطن، التي تلوثت حينا برايات مستفزة، مؤكدا أنه لن يكون شعبا منسيا، أي كان تآمر البعض غدرا أو غباء.
يوم 15 مايو سنويا، وطوال الـ 76 عاما، يقف مستذكرا دروس النكبة ودروس مقاومتها، مسيرتها بكل ظلامها ومحطات شروقها الكفاحية، التي أنجبت ثورة معاصرة نقلتها من حال “تيه سياسي” الى حال “فعل سياسي”، لتصبح ضمن منظومة الشرعية العالمية برقم 194، وتقترب لاستكمال أضلع الحقيقة باستكمال بعضا مما تعمل الإمبريالية الأمريكية اعاقته، لتبقى فلسطين في دائرة “الشرود السياسي”.
الحديث الفلسطيني في مناسبة “أم النكبات” التي شهدها تاريخ الشعب والقضية، يبدأ دوما، من قراءة خطايا قيادات زمنها، بكل ما لهم “نوايا طيبة جدا” و”رغبة ثورية جدا، في مقاومة المشروع المعادي، وحماية البلد أرضا وشعبا من غزوة استعمارية حضرت بقوة ودعم فاق كل المتوقع، فكانت خطيئة الحسابات السياسية لقيادة اللحظة، وعدم إدراك المتغيرات التي أصابت المنظومة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وهزيمة المحور الفاشي، فكانت الهزيمة التي أنتجت “أم النكبات” عام 1948.
بعد 76 عاما يوم 7 أكتوبر 2023، حدث ما يمكن اعتباره وصفا سياسيا، ومنتجا إنسانيا، في ولادة الشقيقة الصغرى لـ “أم النكبات”، بمظاهر أكثر دموية عبر حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي، وجرائم حرب، فتحت ذاكرة البشرية على متحف جرائم “المحور الفاشي” خلال مسار الحرب العالمية الثانية، بمقاس مضاعف بحكم المساحة المكانية لأرض المعركة وعدد ساكنيها، وإغلاق كل منافذ “الإنقاذ الذاتي”، بحثا عن راحة مستقطعة “من موت” يطل بكل لحظة دون انتظار.
ما حدث في يوم 7 أكتوبر 2023، أنتج “أم نكبات” مضافة، رغم كل أشكال “البطولة” التي يريدها البعض تعويضا عما أصاب “بقايا الوطن” كارثة إنسانية وسياسية، لكن الواقع لا يتوافق مع تلك التمنيات التي يروجها بعضهم لغايات خادعة.
الخطايا الكبرى في حسابات من قام بعمل دون “أهداف محددة” وبحسابات ضيقة جدا لا تزيد عن فتحة نفق يراه نصرا، تعيد مشهد الخسارة الكبرى التي نتجت عن جهالة رفض قرار التقسيم نوفمبر 1947 من قبل ممثلي الحركة الوطنية في زمنه، وأيضا بشعارات كبرى، “سيف الدين الحج أمين..بدنا نحرر فلسطين”، مع إشادة غير طبيعية من قادة دول المحور هتلر وموسوليني لتلك المواقف، التي كان من نتائجها ما نتج..وهو ما يتكرر بشكل شبه تطابقي مع مجريات التطورات الراهنة”، شعارات وتحالفات نافخة في سور من يعتقد حقا أنه قاد “نصرا وطنيا”، وتغييبا لواقع تدميري غير مسبوقـ وضمن ترتيبات استغلالية لمصالح ذاتية مع قوى التآمر ذاتها.
الحديث عن “أم النكبات” الكبرى 1948 وشقيقتها الصغري 2023، لا يجب أن يبقى في “سردية الوهم السياسي” دون حساب سياسي، كي لا تنتشر آثارها بما يجعل من معالجتها عصيا معصيا، فيصبح الندم في خدمة مشروع تحطيم كل ما كان من مكاسب “رؤية سياسية” هزمت رؤية الحصار الذي أريد له أن يكون، فكسرته قيادة الثورة المعاصرة، منظمة ودولة وسلطة بقيادة المؤسس الخالد ياسر عرفات، رؤية سياسية وضعت فلسطين على خارطة “التكوين الكياني”، لكن البعض يريد لها هدما وعودة إلى ما كان تشريدا وتيها، وفتح باب “التهويدية” التي انحسرت ببناء السلطة الوطنية الفلسطينية، ما قبل المؤامرة الكبرى عليها منذ العام 2005 بطرق مختلفة.
الحديث عن “أم النكبات” في مايو 1948، يجب أن يكون قاطرة وقف مسار الشقيقة الصغرى “أم النكبات” 2023، برؤية سياسية تخرج عن سياسة نفق ظلامي ترفع راية وطن بديلا لراية فئة، رؤية تمنح فلسطين استكمال أضلع وجودها التكويني في المنظومة الدولية، تطارد مرتكبي جرائم الإبادة منذ 1948 وحتى مايو 2024، مع تنامي حركة عالمية تضامنية قادرة ان تكسر عامود العدوانية حربا وأداة.
مباشرة، على قيادة حركة حماس نقل ملف المتابعة بعد فشل التأثير الى الشرعية الفلسطينية الرسمية، بكل عوراتها السياسية وتشوهها الذي يراه كل وطني، لكنها هي ولا غيرها ممثلا رسميا لفلسطين شعبا وقضية، ونقل الملف بضمان مصر واللجنة العربية المكونة حديثا بمسمى “السداسي العربي”.
خطوة حماس بنقل ملف العمل الى الرسمية الفلسطينية بكل ما لها تحفظات، هو المسار الأكثر جدوى وطنية لحصار لما بات واضحا لـ “أم نكبات”، وقطعا لطريق استخدامها غطاءا لمزيد، أو عقبة لما يجب أن يكون، فلا إعادة عمار بحماس أبدا..تلك المسألة التي على قيادتها التفكير بها من الآن.
درس “أم النكبات” الأهم، كيفية قطع الطريق على إكمال مخطط التدمير الكياني لما هو “بقايا كيان”، دون البقاء في نفق الصغائر السياسية..فلا سيف تكويني مع سيف الوهم التدميري..والنوايا الحسنة مكانها “جهنم السياسية”.
ملاحظة: في يوم 4 مايو 1994، أعلن الخالد المؤسس قيام أول سلطة فلسطينية فوق أرض فلسطين..مسمار التكوين الأول سيبقى قائما شو ما حاول المتآمرين غير ذلك.. للخالد وصانعي المجد الوطني المعاصر قبضة شعب طائر الفينيق..
تنويه خاص: حديث البنتاغون حول قضية فتح الممر البحري أمام المساعدات الإنسانية لأهل قطاع غزة، مناورة لقطع الطريق على محكمة العدل الدولية لاتخاذ إجراءات إضافية ضد دولة الفاشية اليهودية…إعلان مدفوع الأجر بدماء شعب فلسطين ..يا عرب!