شبكة الخامسة للأنباء - غزة

خاص الخامسة للأنباء – تقرير محمد الذهبي:
يقف الشارع الفلسطيني شاخص البصر، منذ أيامٍ عقب دعوات حركة حماس في قطاع غزة عبر اجتماع قوى العمل الوطني ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات السياسية المختلفة لإجراء الانتخابات المحلية.
وتضم هيئات الحكم المحلي في قطاع غزة خمسة وعشرين هيئة، ونحو مليون ناخباً حكمتهم ظروف قطاع غزة السياسية من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية منذ نحو ثمانية عشر سنة.
وكان أهالي الضفة الغربية قد توجهوا لصناديق الاقتراع لاختيار الهيئات المحلية لديهم لثلاث دورات، في حين اشترطت حماس في كل مرة شمولية هذه الانتخابات، بحيث تنعقد بالتزامن مع انتخابات رئاسية وتشريعية، في حين ربطت السلطة الفلسطينية برام الله انعقاد الانتخابات الرئاسية والتشريعية بأن لا انتخابات دون القدس المحتلة، ما حال بين الغزيين وحقهم في الوصول إلى صناديق الاقتراع.
جديّة عالية من حركة حماس..
ويؤكد ذو الفقار سويرجو، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، على أن هناك جدية عالية هذه المرة لدى حركة حماس لإجراء الانتخابات المحلية، مستدلاً على ذلك بأن تجربتها في الاستفراد بهذا الملف أصبحت عالية التكلفة.
وأضاف سويرجو في حديثٍ خاص بـ الخامسة للأنباء، أن هناك ضغوطات حقيقية من الشارع الفلسطيني على حركة حماس، لاسيما من الفصائل والمجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية، تحملها مسئولية عدم مقدرة تلك المجالس على تلبية الحد الأدنى من الخدمات للناس وافتقارها للقدرة على جلب التمويل اللازم لعملها.
وأوضح أن ضغوطات خارجية من مؤسسات دولية ربطت بين وجود حركة حماس في البلديات وعدم القدرة على التمويل،، لغياب النهج الديمقراطي في تشكيل المجالس المحلية.
وبينّ سويرجو أن الموقف من ربط الانتخابات البلدية بالانتخابات التشريعية هو موقف إجماع وطني وضرورة ملحّة لإعادة الحياة للنظام السياسي الفلسطيني.
وأضاف “إصرار الرئيس محمود عباس على عدم الذهاب للانتخابات التشريعية لسنوات طويلة جعل من هذا المطلب أمراً معيقاً للملفات أخرى، وأيضاً أمراً محرجاً لحركة حماس في ظل قيام الحكومة في الضفة بإنجاز الانتخابات البلدية والمجالس المحلية للمرحلة الأولى والثانية وتأجيل المرحلة الثالثة بسبب موقف حماس الرافض لما يحدث”.
وشدد على أن هذا الأمر لم يعد مقبولاً لدى الشارع الفلسطيني والدولي، مما جعل حماس مضطرة للذهاب لهذا الخيار لتخفيف الأعباء عن كاهلها ومحاولة جلب التمويل.
صفريّة نتائج اجتماع العلمين..
وتأتي دعوات حركة حماس بغزة لعقد انتخابات المجالس المحلية وإصرارها على تلبية دعوتها وتحشيد القوى الإعلامية والوطنية والسياسية في هذا الجانب، عقب اجتماع العلمين الذي ضم فصائل العمل الوطني والإسلامي، لتؤكد على صفرية النتائج التي توصل إليها الاجتماع، وعلى عودة الفصائل بخفي حُنين، الأمر الذي جعلها تحذو هذا المنحى للتنفيس عن المواطنين من جانب، وإشعارهم بأنهم حصلوا ولو على جزءٍ بسيطٍ من حقوقهم الديمقراطية بعد ثمانية عشر سنة من فشل تحقيق أدنى حدود الديمقراطية في قطاع غزة المحاصر.
سبب موافقة حماس على تجزئة الانتخابات..
ويؤكد مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي، على أن حركة حماس خلال الفترة الماضية، وعقب إعلان تجميد الانتخابات الرئاسية في شهر مايو 2021، أصرت على أن تكون الانتخابات شاملة.
ويقول في تصريحاتٍ لـ الخامسة، أن حركة حماس نتيجة الضغط المتواصل عليها من قبل الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني وافقت على إجراء انتخابات محلية.
وأوضح أن موافقة حركة حماس على إجراء انتخابات محلية هي خطوة مهمة يجب البناء عليها واستثمارها جيداً.
وبينّ الكاتب والمحلل السياسي أن التطورات السياسية في ظل تعطل ملف المصالحة واستمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي، والعديد من المتغيرات الإقليمية والدولية، أدت لموافقة حركة حماس على إجراء هذه الانتخابات.
وأظهر استطلاع رأي محلي، أن نحو 77% من الغزيين يؤيدون إجراء انتخابات محلية في قطاع غزة، ما يعني أن غالبية الشارع الغزي مؤيد لهذه الخطوة، بل ومتعطش لإجرائها، فيما يقف نحو 23% من الجمهور المحلي موقف الرافض لهذه الانتخابات.
مدى الجهوزية لعقدها..
وعن إمكانية إجرائها بعد سنوات من عرقلتها، قال ياسر موسى، عضو لجنة الانتخابات المركزية، أن تنظيم الانتخابات المحلية في قطاع غزة أمرٌ ممكن وواقعي، لكنه يحتاج إلى قرار سياسي وتكليف رسمي من الحكومة الفلسطينية برام الله للجنة الانتخابات المركزية.
وأوضح موسى أن المسؤولية المباشرة في التكليف بإجراء الانتخابات هي لوزير الحكم المحلي في الحكومة، وقال “إن الانتخابات من المفترض أن تجرى تحت مظلة توافق وطني فلسطيني وفي ظروف ومناخات إيجابية”.
وأضاف “سبق أن جرت في الضفة الغربية بشكلٍ منفصل، وهذا قابل للتطبيق في غزة في حال صدر قرار بذلك”.
ومن الناحية الإجرائية، قال موسى “إذا صدر التكليف فلجنة الانتخابات المركزية ستتوجه إلى غزة، ثم تقوم بتحديث سجل الناخبين والبدء في الإجراءات العملية ضمن جدول زمني للانتخابات يتضمن نشر شروط الترشح وأسماء المرشحين وصولاً إلى صناديق الاقتراع”.
الحصار دافع حقيقي..
رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سلامة معروف تحدث عن ملف الانتخابات المحلية قائلاً “هناك عديد من المعيقات التي تعرقل عمل الهيئات المحلية القائمة بقطاع غزة، وعلى رأسها الحصار الذي أدى إلى تقييد قدرة البلديات على التواصل الخارجي وجلب المشاريع لصالح البنى التحتية”.
وأكمل “إن سنوات الحصار شهدت شحاً كبيراً في إدخال المعدات اللازمة لعمل البلديات، خاصة الآليات الثقيلة اللازمة لعمل البنى التحتية، وقد ظهر جلياً بعد عدوان 2021 حجم الدمار الكبير في إمدادات شبكات المياه والصرف الصحي ومحطات المعالجة وغيرها، والذي زاد من تعقيدات وصعوبة عمل المجالس المحلية”.
إجازة الصيدليات بغزة.. خطوة على طريق الإصلاح أم أزمة جديدة للمواطنين؟
وأرجع معروف التدني في قدرة البلديات على القيام بمهامها إلى اعتداءات الاحتلال المتكررة على قطاع غزة، والتي استهدف فيها بشكل واضح البنى التحتية، مما خلف حاجة هائلة للترميم والتطوير”.
وقال “إن اتحاد البلديات واللجنة المكلفة بحصر أضرار البنى التحتية قدرت احتياجات هذا القطاع المباشرة بنحو 70 مليون دولار من أجل إعادة تهيئة شبكات المياه والصرف الصحي”، مضيفاً “لا نتحدث عن تطوير البنى التحتية بقدر ما نتحدث عن ترميم هذه الشبكات لتغطية احتياجات القطاع”.
فرصة للخروج من عنق الزجاجة..
وترى حكومة غزة في الانتخابات المحلية فسحة أمل للخروج من عنق الزجاجة، حيث صرح معروف بأن “الانتخابات إذا قدّر لها أن تتم من المفترض أن ترفع بالحد الأدنى -الفيتو- الموجود لدى بعض الجهات الدولية في التعامل مع المجالس المحلية بغزة، على اعتبار أنها منتخبة بشكلٍ ديمقراطي، ولا ذريعة لمحاصرتها والتضييق عليها أو إيقاف مشاريعها التي يمكن أن تساهم في خدمة المواطنين”.
ويبقى أهالي قطاع غزة، على حافة الحلم والأمل، بأن يمارسوا حقهم الديمقراطي الطبيعي والمشروع كبقية شعوب العالم، في الانتخاب واختيار من يمثلهم ويدافع عن حقوقهم، بل ويعزز أحلامهم ويساعد في نموها، فهل تنفتح صناديق الأمل هذه المرة أمامهم للخروج من واقعٍ بات يقضّ مضاجعهم ويؤرّق أحلامهم؟