مقالات الخامسة

ما هي الخيارات الممكنة في الواقع الحالي لحرب الإبادة المستمرة

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

كتب: فراس ياغي

الكثير من المحللين يطرحون سيناريواهات مستندة لمبدأ الإحتمالات الرياضية السياسية دون الأخذ بعين الإعتبار واقع الحال السياسي في دولة الإحتلال، لذلك تكون تلك الإحتمالات مجرد نظريات ليس لها ارجل في الواقع، عليه، نضع النقاط التالية:

أولا- وقف إطلاق نار دائم وإنتهاء الحرب غير ممكنة مع نتنياهو وحكومته، بل الممكن هو التصعيد وتوسيع المعركة
ثانيا- تمرد في الليكود غير واقعي، لان ما حدث في حزب الليكود كما حصل في حركة فتح، حيث تم شطب كل منافسي نتنياهو، ولم يبقى من النخب القادرة على منافسته احد، لا غالانت ولا نير بركات ولا يولي إدلشتاين بقادرين على تحدي نتنياهو، اما الباقي فهم تحت مسمى “السحيجة”
ثالثا- لا الحريديم ولا حزبي الصهيونية الدينية “سموتريتش وبن غفير” ممكن ان يقفوا مع المعارضة حتى لو فرضنا انهم إختلفوا مع نتنياهو، فقط “سموتريتش وبن غفير” سيسقطون الحكومة إذا أنهت الحرب
رابعا- المعارضة في دولة الإحتلال غير قادرة على إسقاط نتنياهو حتى لو إنضم إليهم غانتس وإيزنكوت
خامسا- قيادة الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية في أضعف حالاتهم ولا يستطيعون فرض متطلباتهم على المستوى السياسي، بل على العكس يحاولون إثبات قدرتهم على جلب الامن للدولة لذلك نرى حجم المجازر والإبادة والتطهير العرقي، وهذا ضمن مفهوم سياسة الأمن القومي غير المعلنة، بحيث يكون أمام الفلسطيني خيارين “التطهير او التهجير”، نفس نظرية “الحسم” السموريتشية
سادسا- نظرية الامن القومي السابقة لدولة الإحتلال إنتهت وفشلت في السابع من أكتوبر وما بعده وفي جبهة الشمال، لذلك هناك تحديثات عليها اساسها “الحسم” حتى لو إستغرق ذلك سنين، و “المنع” اي القيام بحروب إختيارية واستباقية وبدون سقف زمني…المقصود ان دولة الإحتلال ستبقى في حالة حرب مستمرة حتى تستطيع ان تعيد وضعها لسابق عهده داخليا وإقليميا، طبعا هذا قد يؤدي لإنهيارها كما قال الجنرال “إسحق بريك”
سابعا- لا ضغوط أمريكية حقيقية على دولة الإحتلال، ولا إجراءات عملية أوروبية “عقوبات” ولا مواقف إقليمية عربية حازمة “سحب سفراء وقطيعة بالحد الأدنى”، لذلك دولة الإحتلال بقيادة نتنياهو مستمرة حتى النهاية خاصة ان كل الدعم العسكري والإقتصادي قائم أمريكيا
ثامنا- جبهات الإسناد والتي تقريبا تحولت إلى مفهوم حرب الإستنزاف فعاليتها لم تصل لدرجة الضغط لوقف العدوان، بل على العكس قد تؤدي لتوسيعه بما يستدعي التدخل الامريكي لحماية دولته “إسرائيل” التي هي درة تاج إستراتيجيته في منطقتنا، والجبهة الوحيدة القادرة على إحداث فرق حقيقي ضاغط، هي جبهة الضفة الغربية إذا ما تحولت لإنتفاضة شعبية وفقا لمسار إنتفاضة الأقصى الثانية
تاسعا- كل ما يطرح من خطط ومفاوضات خاصة من الامريكي هدفه شراء الوقت لإستمرار العدوان التي لا نهاية لها في المنظور القريب او المتوسط

إذا السؤال المركزي، كيف يمكن إيقاف العدوان؟ وما هي الأدوات لذلك؟

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

العديد ممن لي علاقة قريبه معهم قلت لهم منذ البداية وفي الشهر الأول للعدوان:
1- المعركة طويلة جدا جدا وستصل إلى مفهوم حرب الإستنزاف، وستشمل عدة ساحات وجبهات
2- ورقة الأسرى مهمة ويجب التمسك فيها، لكنها ليست هي الحاسمة او التي تؤدي لوقف العدوان، لذلك لم اتحمس لفكرة الهدنة في شهر نوفبر/ تشرين ثاني من العام الماضي، لأن بقاء المدنيبن رغم انه عبء إلا انه كان يمكن أن يشكل ورقة أكثر ضغطا، ولكنها كما قلت ليست حاسمة
3- قلنا منذ البداية ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين اول، لا علاقة له بما قبله، ويجب النظر للتحديثات الأمنية لدولة الإحتلال من منظور إستراتيجي محض، أي التعامل معها على انها واقع يتم العمل على تحقيقه وبغض النظر عن خسائر الإحتلال
4- قلنا أن الأمريكي منخرط في العدوان وجزء منه والتعارضات مع نتنياهو لن تصل لمفهوم التناقض، وهي ستعمل على منع الهزيمة لدولة الإحتلال حتى لو إضطرت للدخول بكل قوتها العسكرية، لذلك أشرنا لحظتها لأهمية وضرورة ان تتعرض مصالحها في المنطقة للخطر الحقيقي وبغير ذلك لن يتم التأثير على موقفها، ولن تعمل على الضغط على دولة الإحتلال لوقف العدوان

اخيرا، أين يكمن الضعف والإستعصاء؟

أولا- في الموقف العربي المرتهن والمتعاطي مع الامريكي
ثانيا- الموقف الرسمي الفلسطيني المرتهن أيضا للامريكي
ثالثا- دور الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية غير الضاغط على النظام العربي الرسمي
رابعا- إرتهان الموقف الدولي للتحركات الأمريكية فقط

إذا، ما العمل؟

الخيارات كلها محدودة وكلها تشير فقط لمنهج واحد ووحيد “الصمود والمقاومة” والعمل لتفعيل جبهة الضفة أكثر والمراهنة على إستنزاف الجيش والإقتصاد، بحيث يؤدي لتغيير في المشهد السياسي في دولة الإحتلال أو حدوث تمرد لقيادة الجيش بسبب عظم الخسائر والإنهاك ” هنا التمرد ليس بمفهوم دول العالم الثالث، يعني انقلاب، بل بمفهوم الإستنجداد بالولايات المتحدة للتدخل المباشر إما عسكريا لإنقاذه وهو المرجح، وإما سياسيا بالضغط على نتنياهو لإنقاذ الجيش ودولة الإحتلال من الإنهيار، أيضا المراهتة إلى حد ما على الموقف الدولي الممكن تغيره في لحظة ما غير معروفة للضغط على أمريكا اولا قبل دولة الإحتلال وهذا لن يكون دون موقف عربي وإسلامي أكثر حزما

الأمور أعقد مما يتم تناوله تحليليا، فالمسائل ليست فقط مصالح نتنياهو الشخصية، بل النظريات الجديدة للامن القومي الذي يتم تبنيها والتي يدعو لها مستشار الامن القومي السابق والمقرب من نتنياهو “يعقوب عميدرور” والذي تحدث قديما عن أهمية طول المعركة للوصول للحسم النهائي
لاحظوا مسألة مهمة ان الحركة الوطنية الفلسطينية منذ عام 1948 وهي تقدم التنازل وراء التنازل بإسم الواقعية والشرعية الدولية ولم تحصل على شيء ولن تحصل على شيء مستقبلا، لذلك هكذا قيادة قد تأخذنا لتنازل اكبر مما يتصوره البعض، وعليه فهي غير مؤتمنة على التمسك بالحقوق، وهنا تكمن مصيبة الشعب الفلسطيني، والمراهنة من بعض الإستراتيجيين في دولة الإحتلال على هكذا قيادة، أي على تحقيق تنازل جديد تعمل عليه أمريكا عبر قاعدتها العسكرية الجديدة “الميناء”، وعبر مقترح تعيين مستشار امريكي برتبة رفيعة يكون هو “بريمر” غزة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى