ياغي لـ”شبكة الخامسة”: خطة المساعدات الأميركية الإسرائيلية التفاف على المجاعة وقانون الإنسانية
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

أكد الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي، أن المبادرة الأمريكية الإسرائيلية المقترحة لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة جزء من خطة منسقة بين الطرفين، تهدف إلى استغلال الوضع الإنساني في غزة لصالح أهداف سياسية بعيدة عن معالجة أزمة المجاعة بشكل حقيقي.
وأوضح ياغي في تصريح خاص لـ”شبكة الخامسة للأنباء”، أن المبادرة الضخمة التي تحدث عنها “ستيفوت كوفي” في مجلس الأمن تتزامن مع الوضع الميداني المتدهور في القطاع، الذي يعاني من نقص حاد في المواد الغذائية والدواء بسبب الحصار والعدوان المستمر، تهدف إلى إنشاء أربعة مراكز لتوزيع المساعدات، بحيث يخدم كل مركز نحو 300 ألف فلسطيني، ليصل المجموع إلى حوالي 1.2 مليون نسمة من سكان غزة.
وأبدى ياغي اعتراضه على آلية التوزيع وفق “نظام السعرات الحرارية”، واصفًا إياها بالتقنين الغذائي غير الإنساني، يحاكي أنظمة المعتقلات، حيث يتم تحديد حصص الأفراد وفق عدد السعرات، وسط رقابة مالية مرتبطة بتمويل عربي، في ظل رفض دول كالإمارات المشاركة في الخطة.
وأشار إلى أن “مؤسسة غزة الإنسانية” المشرفة على التوزيع ليست جهة معروفة سابقًا في العمل الإنساني، واستخدامها يعكس سعيًا لجعل المساعدات أداة ضغط سياسي،وهو ما يخالف القوانين الدولية التي تشترط أن تكون المساعدات الإنسانية غير مشروطة بأي شروط سياسية أو أمنية.
أكد ياغي أن الخطة الأميركية الإسرائيلية المقترحة لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، لا تتناسب بأي شكل مع الاحتياجات الفعلية لسكان القطاع، واصفًا إياها بأنها محاولة مكشوفة للتحايل على القانون الدولي وتحويل المساعدات إلى أداة سياسية.
و أضاف: “أن سكان قطاع غزة، الذين يعيشون كارثة إنسانية متفاقمة، بحاجة إلى ما لا يقل عن 500 شاحنة يوميًا من المواد الغذائية والطبية والطاقة، لتلبية الحد الأدنى من احتياجات الحياة، وأن هذا الرقم قد يكون غير كافٍ بالنظر إلى حجم الدمار والمجاعة القائمة حاليًا، و أن ما يُروج له تحت مسمى “خطة إنسانية” ليس سوى آلية مضلّلة لتقديم المساعدات ستتحول تدريجيًا إلى جزء من أدوات الحرب، وليس وسيلة إنقاذ”.
وتابع ياغي حديثه قائلا: “إن الرفض الفلسطيني والدولي، من الأمم المتحدة والصليب الأحمر، يكشف أن المبادرة لا تهدف لحل الأزمة الإنسانية، بل لفصل غزة عن حماس وإقصائها من المشهد، بتوزيع المساعدات عبر مؤسسات دولية فقط”.
واعتبر أن الحديث عن استلام حماس للمساعدات ليس إلا وسيلة للضغط عليها، وأن ربط المساعدات بالمواقف السياسية يُعد خرقًا أخلاقيًا وقانونيًا، مؤكدًا أن إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان للسيطرة على قطاع غزة وإبعاد المقاومة الفلسطينية عن المشهد المدني في القطاع.
و انتقد ياغي المبادرة الأميركية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة، معتبرًا أنها تمهّد لتهجير قسري منظم تحت غطاء “المناطق الآمنة”، التي وصفها بأنها معسكرات اعتقال خاضعة لسيطرة أمنية مشددة لن يُسمح بالدخول أو الخروج منها إلا بعد فحص أمني تحدده إسرائيل والولايات المتحدة، ما يهدف إلى حشر السكان في مناطق محددة بين محور موراج ومحور فلادلفيا، ضمن خطة لإحكام السيطرة الكاملة على القطاع.
وأشار إلى أن هذه المعسكرات ستُحاط بأسلاك شائكة وتُدار عبر بوابات أمنية إسرائيلية، ما يجعلها وسيلة فعّالة للسيطرة على حركة السكان، وذريعة لتهجير طويل الأمد تحت مسمى “إعادة التوطين”.
و حذّر ياغي من خطورة الأبعاد السياسية للمساعدات التي تُقدم في غزة بإشراف أميركي إسرائيلي، معتبرًا أنها تُستخدم كأداة ضغط عبر تقنينها وفق نظام “السعرات الحرارية”، ما يُشبه آلية التعامل مع المعتقلين، ويحوّل حياة الناس إلى معادلات غذائية مشروطة.
وأوضح أن توزيع المساعدات الأسبوعية عبر “كوبونات” يقيّد قدرة السكان على تلبية احتياجاتهم الأساسية، ويُستخدم لإقناعهم بمغادرة القطاع تحت وطأة الحاجة، في سياق استراتيجية أميركية تهدف إلى إعادة تشكيل الواقع السياسي في غزة.
ولفت إلى أن هذا التوجه يفسر التباين بين نتنياهو، الذي يدفع نحو استمرار الحرب، وترامب، الذي يسعى لفرض رؤية أميركية تتجاوز حماس والسلطة الفلسطينية، من خلال أدوات إنسانية ظاهرًا، وسياسية فعليًا، للسيطرة على القطاع.
وأكد ياغي أن الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة تشكيل الواقع السياسي في غزة بما قد يؤدي إلى تهجير السكان أو فصل القطاع عن الضفة الغربية والقدس. كل هذا يتم تحت ستار “المناطق الإنسانية” التي تتماشى مع قرارات الشرعية الدولية وتوصيات محكمة العدل الدولية.
وفي ختام تصريحه، قال ياغي: “إن أمريكا تسعى للسيطرة على ثلاثة مستويات أساسية وهي الأمن، المساعدات، والسكان. عبر فرض هيئة قيادية جديدة تحت إشراف أمريكي مباشر، بينما تسعى إسرائيل لتجميع السكان في ما يشبه معسكرات اعتقال تمهيدًا لتهجيرهم، في وقت تواصل الولايات المتحدة العمل على تنفيذ سياساتها ببطء وثبات”.