الضــربــة الأمـيركـيـة بأدواتها الاستراتيجية
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الكاتب: نبيل عمرو
لا يزال الغموض يلف نتائج العملية العسكرية الأميركية التي نفذت ضد ثلاثة مواقع نووية رئيسة في إيران.
ترامب أعلن أنه أنهى المشروع النووي الإيراني، ودعا إيران إلى مفاوضات سلام.
طهران أعلنت أن الضربة الأميركية محدودة الأثر وليست من النوع الذي لا يستوعب ولا يعالج، وأنها ماضية في مشروعها الوطني – النووي – وبعض الأصوات ارتفعت بعبارة الرد المزلزل.
إسرائيل، احتفلت على مستوى الحكومة والمعارضة، ونتنياهو استولى على العملية بأن نسبها لبرنامجه الذي أطلقه مبكراً للقضاء على المشروع النووي، وهذا يصلح للاستخدام الانتخابي.
كل التطورات المستقبلية أي منذ ما بعد الضربة الأميركية تتوقف على رد إيران، السياسي قبل العسكري، وهذا ما يفترض بحثه في دوائر صنع القرار الإيراني.
إيران كما عرفناها في كل المعارك المتصلة بها، تتريث ولا ترد فوراً، وغالباً ما يكون ردها محسوباً وأحياناً متفقاً عليه.
الجديد المؤثر في نوعية الرد وحجمه، أن الطرف المباشر هذه المرة هو أميركا، والهدف المباشر هو أغلى ما تملك القيادة الإيرانية وهو المشروع النووي، وهذا وضع القيادة السياسية والعسكرية في إيران أمام تحدٍ لا يحتمل الردود الرمزية كما يجعل من الرد السياسي وفق المتطلبات الأميركية إذعاناً يمس الكرامة والمصداقية، بما يشبه تجرع السم وهو مصطلح إيراني يستخدم حين الإقدام على تنازلات فادحة.
والسؤال.. هل فوتت إيران فرصة المحادثات التي تمت مع الثلاثي الأوروبي رغم ما قال عنها الرئيس ترامب إنها ليست بديلاً عن المحادثات مع أميركا، وإن إيران لو منحت الثلاثي طرف خيط كوسيط فلربما يكون الوضع أفضل مما وصلت إليه الأمور الآن، كان الأفضل لإيران لو ناورت في هذا الأمر.
الضربة الأميركية التي استخدمت فيها أسلحة استراتيجية كنوع الطائرات والقنابل الضخمة والصواريخ الموجهة من البحر، قالت لإيران.. الهدف هو المشروع النووي فقط… أمّا الدولة الإيرانية حال تخليها عنه يمكن أن تكون شريكاً في السلام، وهذه الرسالة التي انطوت عليها الضربة يمكن وصفها بالتحذيرية رغم أنها من العيار الثقيل.
الأمور تطورت لتصل حد الوقوف وجهاً لوجه بين إيران المجردة من الأذرع، وأميركا التي تنسق حرفياً مع ذراعها الإسرائيلية، لتدير الحرب بعد الضربة عسكرياً وسياسياً وعلنياً من موقعها الطبيعي فيها.
إن المسار السياسي الذي بدأ في جنيف بصورة اختبارية سوف يُنحّى جانباً إلى أن يحتاجه العرّاب الأميركي ليس كطرف معترف به في مجال الحل، بل كذراع سياسية مساعدة لا أكثر ولا أقل.