مقالات الخامسة

نعم..محاكمة نتنياهو قضية تافهة

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

سهيل كيوان

إنه صادقٌ مئة بالمئة، نعم، الرئيس الأميركي دونالد ترامب. على ماذا كلُّ هذا الضّجيج حول محاكمة نتنياهو التي بدأت منذ العام 2020، ولم تعد تنتهي، مثل حكاية إبريق الزيت؟ ولماذا كل هذه الجهود لإثبات وجود عدالة وقانون في دولة إسرائيل، وأنّ القانون فوق الجميع؟
ترامب يدعو لإنهاء المحاكمة، وهذا سوف يؤثّر تأثيرًا حاسمًا على مجريات محاكمة نتنياهو، وخصوصًا على رئيس الدّولة الذي يستطيع منح عفو عن المتّهم نتنياهو.

ترامب يعلنها بوضوح: لولانا لما صمدت إسرائيل. دعونا الآن من قضية هامشية مثل قضية محاكمة نتنياهو، كي نمضي إلى ما هو أهم بكثير، فهنالك صفقات كبيرة مهمّة نستطيع تحقيقها.

نتنياهو مطلوب للجنائية الدولية كمجرم حرب، فماذا تعني محاكمته على فساد وسجائر وشمبانيا لإثبات عدالة غير موجودة أصلًا!

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

لقد تحوّلت محكمة نتنياهو إلى مهزلة، إنها محاكمة مجرم حرب في ذمته أرواح عشرات الآلاف من المدنيين والأطفال، ولكنه يُحاكَم على رشوات تافهة! نعم، يجب أن يحصل على عفو من رئيس الدولة. أوّلًا لأنّ نتنياهو يمثّل أغلبية الشّعب الإسرائيلي، ويمثّل أولئك الذين ينهبون بيوت الفلسطينيين ومتاجرهم في قطاع غزّة والضّفة الغربية، يمثّل أولئك الذين يحرقون بيوت ومحاصيل الفلسطينيين في الضّفة الغربية، يمثّل الفاشية في أقذر تجلياتها.

محاكمته على زجاجات شامبانيا وبضعة ملايين من الدولارات هي قمّة المهزلة، نعم، يجب العفو عن نتنياهو، فهذه قضية تافهة مقارنة بما يجري على أرض الواقع.

ترامب أظهر لنتنياهو حجمه الحقيقي على الملأ، عندما أعلن أنّه أمره بإرجاع الطائرات المتجهة إلى إيران بعد إعلان وقف إطلاق النار.
بمعنى آخر، أنا الذي حميت إسرائيل من الصواريخ الإيرانية، وهذا كلّفنا الكثير، وأنا الذي قصفت الفرن الذرّي الأكثر تحصينًا في إيران لأجل إسرائيل وفي فترة رئاستك، ومنحتك الشّعور بالنّصر، وأنا الذي أرغمت إيران على قبول وقف إطلاق النار، ولولاي أنا، ترامب شخصيًّا، لكان وضعك تعيسًا. إذًا، عليك أن تسمع الكلام.

ترامب يريد إسدال الستار على حقبة نتنياهو، كي يستطيع التعامل مع حكومة أو رئيس حكومة أكثر مرونة، متحرّرًا من الحسابات الشّخصية التي تعيق كل مبادرة لوقف الحرب في غزّة يقترحها ترامب أو مبعوثه ويتكوف.

كانت إسرائيل تبدو كبلدٍ مستقل ومختلف جوهريًّا عن المحميّات الأميركية والبريطانية في المنطقة العربية، إلا أنّه في الأزمات الحقيقية، يظهر التعلّق المصيري بأميركا والغرب. رغم القدرات الإسرائيلية الذاتية الهائلة، إلا أنّها تثبت مرّة بعد مرّة أنّ وجودها مرتهن بالرّدع والدعم الأميركي اللامحدود.

في تاريخ العلاقات بين أميركا وإسرائيل لم تحدث خلافات جوهرية. في العام 1956، عندما رفضت أميركا العدوان الثلاثي على مصر، الذي شاركت فيه إسرائيل مع فرنسا وبريطانيا، وذلك في إطار صراع أميركا مع حليفتيها على النفوذ في الشرق الأوسط.

وخلافات طفيفة مع الإدارات الديمقراطية حول الاستيطان في الضفة الغربية، وفي قضية الجاسوس بولارد، وآخر الخلافات كان عدم رضى إسرائيل عن الاتّفاق النوويّ الذي وقّعه الرئيس أوباما مع إيران عام 2015، والذي ألغاه دونالد ترامب عام 2018. ولكنّها لم تكن ولا مرّة خلافات استراتيجية، فهي مثل زعل الابن المدلّل من والدته، أو عدم رضا الوالد الحنون عن تصرّف ما لابنه المدلّل.

سيضطر المسؤولون في إسرائيل إلى الرضوخ لطلب ترامب في العفو عن نتنياهو، واعتباره بطلًا منتصرًا ومنقذًا لإسرائيل. فترامب يؤكّد: “أنّنا انتصرنا، فلا تخرّبوا فرحة النّصر بمحاكمة نتنياهو، كي تكون النهاية سعيدة، فهناك ما يجب القيام به بعد نتنياهو، ويفترض وجود رئيس حكومة أكثر مرونة كي تستطيع الحكومات العربية التعامل معه في تطبيع أو توقيع اتفاقات سلام جديدة، كالتي يريدها ترامب”.

من ناحية أخرى، هنالك من لم يكتفوا بما تحقّق حتى الآن ضد إيران، ويقلّلون من إنجازات نتنياهو، ويريدون استغلال الفرصة والاستمرار في الحرب، حتى تفكيك قدرات إيران الصاروخيّة التقليدية، إضافة إلى إنهاء برامجها النووية، ومحاولة إنهاء حكم آيات الله في إيران، لطيّ صفحة “محور المقاومة”.

ترامب يصرُّ على أن الانتصار قد تحقّق بفضله، ويثني على شجاعة نتنياهو، والآن لدينا مصالح، فإيران دولة إقليمية كبيرة، ولا نريد دفعها إلى أحضان منافسي أميركا، وعلى رأسهم الصّين، لا نريد إغلاق باب التفاهم معها.

نتنياهو، بدوره، فرِح بتوصية ترامب بالعفو عنه، ونشرها على صفحته، مُقرًّا بهذا بجرائمه الجنائية الصغيرة من رشوات واختلاسات، لتبقى الجرائم الكبيرة، جريمة إبادة شعب، التي ما زال يخوضها بهمجية لم يعرف التاريخ البشري الحديث مثيلًا لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى