أقمار الصحافةالرئيسية

محمد تهامي الصالحي.. حكاية شهيدٍ، وأبٍ لم يرَ طفلته الأولى

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

محمد تهامي الصالحي.. أقمار الصحافة إعداد: طارق وشاح

وُلِد محمد في مخيم البريج وسط قطاع غزة في 14 سبتمبر 1994، حيث ترعرع بين أصوات القصف وهمسات التحدي.

في ذلك المكان، حيث يمتزج الألم بالأمل، أمسك بالكاميرا لا كأداة للعمل، بل كرسالة يحملها. كان يرى في كل صورة فرصةً لتغيير واقع قاسٍ، وفي كل لقطة بذرة أمل لكسْر الحصار.

صحفي بقلب شاهد

لم يكن محمد مجرد صحفي يوثق الألم، بل كان شاهدًا يعيش المعاناة بقلبه قبل عدسته.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

تخرج من كلية الصحافة والإعلام عام 2015، ليبحث بعينه الثاقبة عن اللحظات التي تستحق أن تروى للعالم. عمل مع وكالة “Fourth Authority” للتصوير الصحفي، وأصبح اسمًا معروفًا بين زملائه بشجاعته وإنسانيته، ناقلًا الواقع بكل مصداقية بلا تزييف.

لم يكتفِ بنقل الخبر، بل سعى لصناعة جيل جديد يحمل الرسالة، فتحول من مصور إلى مدرب يشارك شغفه ومعرفته مع الشباب الطامحين من الخريجين.

قصة حب لم تكتمل

لم يكن محمد مجرد رقم أو اسم في قائمة، كان قصة حب ناقصة.

تزّوج من حبيبته “مايا مناع” وكان ينتظر بشوقٍ وشغف مولوده الأول. “مسك“، التي أحبها قبل أن يراها، وتعلّق بها من أول لحظة سمع بها نبض قلبها.

تقول والدته ام معز الصالحي : ” محمد كان يحمل بيده كاميرا باتت هي من تحمل صورته وذكرياته. كان يوثّق الحدث، فأصبح هو الحدث. كان يصنع التاريخ، ليشهد على الحق والحقيقة.”

رصاصة قناص وغُصة أبدية

في صباح السابع من أكتوبر 2023، توجه محمد لتغطية الأحداث بالقرب من الحدود الشرقية لمخيم البريج، وقبل أن يغادر، نظر إلى زوجته “مايا” وقال لها كلماته الأخيرة، التي ستظل محفورة في ذاكرتها إلى الأبد: “أنا بحبك، بس بحب الجنة أكتر.”

في الميدان، حيث كان يقف شامخًا خلف عدسته، مرتديًا خوذته وسترة الصحافة المكتوب عليها “PRESS” بوضوح، باغته رصاص قناص إسرائيلي غادر. سقط جسده، لكن عدسته ورسالته ظلتا شاهدتين على جريمة اغتيال متعمدة، انتهاك صارخ لكل مواثيق القانون الدولي التي تحظر استهداف الصحفيين وتكفل حمايتهم كمدنيين.

الوصية الأخيرة: مسك

كان أكبر حلم لمحمد هو أن يصبح أبًا، لكن القدر كان أسرع ، ففي 29 أكتوبر 2023، بعد 22 يومًا من استشهاده، ولدت طفلته “مسك”.

جاءت إلى عالم يخلو من ضحكة أبيها ، إلى حضن دافئ خالٍ من صورته، هي الابنة التي رآها والدها في منامه فقط، والوصية الأخيرة التي حملت اسمه وإرثه .

ذكرى لا تموت

رحل محمد الصالحي في التاسعة والعشرين من عمره، لكن عدسته تركت وراءه عالمًا من الصور والشهادات الإنسانية لا يموت ، لقد كان بطلًا من نوع آخر، لم يحمل سلاحًا سوى كلمته الصادقة وعدسته الملتزمة ، ولم يختر المعركة لكنه اختار أن يكون في قلبها لينقل الحقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى