مجتمع الخامسة

جائزة نوبل للسلام

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

جائزة نوبل للسلام.. على مدار سنوات، لم يخفِ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رغبته العلنية في نيل جائزة نوبل للسلام. تحدث مرارًا، صراحةً وتلميحًا، عن استحقاقه لها نتيجة خطواته في السياسة الدولية، خاصة ما يُعرف باتفاقات “أبراهام” التي طُبّعت فيها العلاقات بين بعض الدول العربية ودولة الاحتلال. ومع اقتراب استحقاقات انتخابية جديدة، واحتمال عودته إلى البيت الأبيض، يتجدّد السؤال: هل يمكن أن يُمنح ترامب هذه الجائزة الرفيعة؟ وماذا لو حدث؟

السلام الحقيقي لا يُقاس بعدد الصور الموقَّعة أو الرحلات الجوية التي تُفتَتح بين العواصم، بل يُقاس بعدد القضايا العادلة التي تم حلّها. يُقاس بمدى التزام القادة الكبار بميزان العدالة بين جميع الشعوب، دون استثناء أو تحيّز. فإذا كان دونالد ترامب يتطلع فعلًا إلى نيل هذه الجائزة، فإن الشعب الفلسطيني لن يعارض ذلك، ولكن فقط عندما يقوم بواجبه كرئيس للقطب الأقوى في العالم، ويستغل هذه القوة في إنفاذ القانون الدولي، لا في طمسه أو تحريفه.

ليست القضية الفلسطينية أزمة مستعصية كما يروج البعض، بل هي اختبار حقيقي لكل من يزعم أنه يسعى للسلام. ليُمنح ترامب جائزة نوبل عندما يُطبّق قرارات الأمم المتحدة التي تمنح الفلسطينيين حقهم الكامل في تقرير مصيرهم، ويعترف بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كما أجمعت على ذلك قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة.

ليُمنح ترامب الجائزة عندما يدعم بوضوح تنفيذ قرار 194، الذي يضمن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم الأصلية التي طُردوا منها منذ أكثر من سبعين عامًا، وعندما يرفض بوضوح التوطين القسري الذي ينتهك حقوق الملايين من الفلسطينيين الموزعين قسرًا في المنافي والمخيمات.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

ليُمنح ترامب نوبل عندما يُعيد السفارة الأمريكية إلى تل أبيب، احترامًا للقانون الدولي الذي يعتبر القدس الشرقية أرضًا محتلة، لا “عاصمة موحّدة”، وعندما يفتح سفارة لدولة فلسطين في واشنطن، كما تفعل معظم دول العالم، اعترافًا بحق الفلسطينيين الطبيعي في التمثيل الدبلوماسي والسيادة السياسية.

ليُمنح ترامب الجائزة عندما يُجبر دولة الاحتلال على إعادة كل ما سُرق من الشعب الفلسطيني، من أراضٍ وثروات ومقدرات طبيعية، ويوقف سطوها المستمر على المياه والغاز، وعلى أموال الضرائب والموارد البحرية والبرية التي هي من حق الشعب الفلسطيني أولاً وأخيرًا. لا تُمنح نوبل لمن حوّل المعاناة إلى “صفقة”، أو من استبدل العدالة بالمال المشروط، أو من تعامل مع القضية الفلسطينية وكأنها ورقة انتخابية، لا قضية تحرر وكرامة.

لن يكون الفلسطينيون حجر عثرة أمام أي جهد حقيقي للسلام العادل، ولن يترددوا في دعم كل من ينصفهم، مهما كان اسمه أو لونه السياسي. بل سيكونون أول المصفّقين لأي رئيس أمريكي يُقر بالحق ويطبقه، لا يديره ظهره. وعندما يتحقق ذلك، فإن جائزة نوبل لن تكون مجرّد تكريم، بل اعتراف مستحق بصناعة سلام حقيقي.

لكن إلى أن يتحقق هذا، تبقى الجائزة أكبر من أن تُمنح على أساس مجاملات أو حسابات مؤقتة. السلام ليس دعاية، والعدالة ليست شعارًا. ومن أراد نوبل، فطريقها يمر من فلسطين، بالحق، لا بالتحايل عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى