أقمار الصحافةالرئيسية

رشدي ومحمود السراج.. مصوران صحفيان جسدا الثبات والإنسانية لتبدد أحلامهما صواريخ الاحتلال

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

رشدي ومحمود السراج .. أقمار الصحافة إعداد: آمنة غنام

عندما تثبت في بلادك هذا يعني أنك تتحدى كيان الاحتلال والذي سيجعلك هدفًا مشروعًا له، المصور الصحفي الشهيد رشدي السراج رفض الخروج من غزة إلا إلى السماء، فكانت الشهادة هي خاتمة الثبات.

ولد المصور الصحفي الشهيد رشدي السراج عام 1992م في مدينة غزة ، حيث نشأ وترعرع ودرس في مدارسها، لم تختلف طفولته عن باقي أبناء الشعب الفلسطيني، لذلك كان يحلم أن يكون مستقبله مخالفًا للصورة المؤلمة التي اعتاد أن يكون عليها الفلسطيني، تزوج من شروق العيلة وأنجب وحيدته “دانية” التي قال في يوم ميلادها هي دانية من القلوب فأسميناها دانية..

تميز رشدي في عمله حيث كان من المؤسسين لشركة “عين ميديا” في غزة مع رفيق دربه الشهيد الصحفي ياسر مرتجى الذي ارتقى في مسيرات العودة عام 2018، فشغل منصب رئيس تحريرها ، وعمل مصور معتمد لدى وكالة الغوث ، وغطى الأحداث الميدانية لصالح وسائل إعلام دولية .

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

كما عمل منسق للإنتاج لدى وسائل إعلام أخرى بما في ذلك الإذاعة الوطنية العامة الفرنسية RFI، حيث كان ينسق عمل الصحفيين الأجانب في المنطقة، إلى جانب عمله في الترجمة معهم مما ساعد في تسهيل التغطية الإعلامية للأحداث في غزة .

محاولة يائسة لإطفاء النور

زوجته الصحفية وصانعة الأفلام شروق العيلة اعتبرت أن اغتيال زوجها رشدي ما هي إلا محاولة يائسة لإسكات الصورة وإطفاء النور بعد أن دمر الاحتلال كل ما طالته صواريخه في غزة من بشر وحجر ومؤسسات وبيوت ضمن حرب الإبادة التي يمارسها في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.

تقول عن فقدانها لرشدي: “لم أفقد فقط شريك حياتي، لقد فقدت سندي وملهمي، لقد خططنا لحياتنا القادمة سويًا لكني مرغمة من أجل دانية أكملها وحدي تقضمني الحسرة بأن هذه الطفلة ستكبر يتيمة “.

وصفت شروق زوجها رشدي بأنه متجددًا مفعمًا بالأمل والأحلام، كان يحلم أن يكسر أسوار حصار غزة وصولًا للعالمية، أملًا بأن يكون لغزة صوتًا لا يقهر، لكن الاحتلال لم يمهله فكانت صواريخ الموت بالمرصاد.

شروق أعادت تشغيل الكاميرا وسط الخطر، ليس فقط وفاءً لزوجها الشهيد، بل وفاءً لغزة الجريحة، وصوتًا للغزيين تحت الحصار ومن بين الركام، رغم ما حدث، فهي لم تتوقف عن نضالها، بل تقف من جديد، تحاول أن تقوم بعملها وعمل زوجها في الوقت ذاته، فقد حصدت “الجائزة الدولية لحرية الصحافة لعام 2024″، تكريمًا لشجاعتها في نقل أحداث الحرب.

الصباح الأخير

في الثالث عشر من أكتوبر 2023 كانت الصواريخ تنزل على غزة بلا هوادة والتحدي الأكبر الذي يخوضه الفلسطيني أن يبقى صامدًا.. كتب رشدي على صفحته عبر منصة “فيسبوك”: ” لن نرحل .. سنخرج من غزة إلى السماء.. وإلى السماء فقط “.

وبعد أسبوع كان قد نزح رشدي وزوجته وطفلته إلى منزل والده د.يحيى السراج رئيس بلدية غزة، في حي تل الهوا غرب المدينة. وفي صباح الثاني والعشرين من أكتوبر بدأت الصواريخ تضرب الحي استهدف القصف منزلًا قريبًا منهم. فنزلوا إلى الطابق السفلي، ليضرب صاروخًا آخراً منزلهم .

أصيب رشدي إصابة بالغة فيما أصيبت زوجته وطفلته إصابة أقل خطورة من إصابته. نقلته عائلته إلى مستشفى القدس ولكن ما هي إلا دقائق حتى ارتقى إثر إصابة بالغة في رأسه.

ارتقى رشدي وهو يرفض النزوح والاستسلام لواقع الحرب الأليم، استشهد وهو يحمل في مخيلته أحلام تفوق غزة ودمارها..

محمود ووجع الفراق

بعد ارتقاء رشدي بقيَّ شقيقه محمود يتجرع وجع الفراق، فعلاقته برشدي كانت استثنائية فرغم ضغوط العمل. كان الشقيقان يحرصان على تخصيص وقت للعائلة والأصدقاء. لأنهما يدركان جيدًا أن تلك الأوقات لا تعوض ولا تعود.

ولد محمود في السادس من أغسطس عام ٢٠٠٠، في مدينة غزة، ومنذ صغره، أظهر اهتمامًا كبيرًا بالتصوير الصحفي والإعلامي. مما دفعه لدراسة هذا المجال وتطوير مهاراته بشكل مستمر، وكان معروفًا بين زملائه بمهنيته العالية. وحرصه على نقل الحقيقة بكل أمانة وصدق.

كما عرف محمود بحبه للجميع وسعيه الدائم لتقديم المساعدة والعون لكل من يحتاجها. كانت روحه المعطاءة وإنسانيته الفياضة صفات بارزة في شخصيته.

رشدي ومحمود السراج

ثمن الإنسانية

في الخامس عشر من مارس 2025، كان محمود في مهمة صحفية تغطي نشاطًا إنسانيًا لفريق مؤسسة “الخير” البريطانية في بلدة بيت لاهيا. وأثناء استعداد الفريق للانطلاق، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية السيارة التي كانوا يستقلونها. مما أدى إلى استشهاد 9 أشخاص، بينهم محمود السراج، بالإضافة إلى زملائه الصحفيين بلال عكيلة ومحمد الغفير، ومساعديهم.

ارتقى رشدي ومحمود وعشرات المصورين والصحفيين الفلسطينيين. ويبقى السبب الأول لاستهدافهم محاولة الاحتلال المستميتة لإخفاء حقيقة الإبادة الجماعية التي تمارسها في قطاع غزة.. قد يتمكن الاحتلال من إسكات الصوت، لكنه لا يستطيع دفن الحقيقة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى