شبكة الخامسة للأنباء - غزة

موسم بلا زيتون.. في غزة، لا يعني الخريف فقط بداية موسم الزيتون، بل هو فصل يحمل ذاكرةً جماعية من الفرح واللقاء والعمل الجماعي تحت ظلال الشجر، لكن خريف هذا العام لم يأتِ كما تعوّد أهالي القطاع. جاءت الأرض، لكنها محترقة، مشققة من الدمار.
بعد عامين من الحرب والدمار الشامل الذي اجتاح كل شيء، فقدت غزة واحدة من آخر ملامح الحياة الطبيعية فيها: “موسم الزيتون”، فالأشجار التي لطالما وقفت صامدة، قُطعت، واقتلعت، وجُرفت، أو احترقت بفعل القصف، مئات الدونمات من أراضي الزيتون، خاصة في المناطق الحدودية والريفية، باتت اليوم أرضًا خالية، أو محرّمة على أصحابها بفعل الاحتلال.
يقول أبو جميل، مزارع من شمال القطاع: “أنا وأولادي كنا ننتظر هذا الموسم لنعتاش منه، اليوم لا شجر، ولا زيت، ولا حتى ظل نقعد تحته، رجعت على الأرض لقيتها صحراء”.
بهذه الكلمات البسيطة لخّص وجع آلاف العائلات التي كانت تعتمد على هذا الموسم للبقاء.
الحرب لم تكتفِ بتدمير الإنسان، بل امتدت لتخنق الأرض، وتغتال دورة الحياة.
ولأن موسم الزيتون ليس فقط مصدر دخل، بل طقس اجتماعي وثقافي وديني، فإن غيابه عن حياة الغزيين ليس مجرد خسارة اقتصادية، بل ضياع لذاكرة ورمز وصمود.
في ظل هذا الدمار يبقى السؤال..
من يُعيد لغزة خُضرتها؟ من يُرمم علاقة أصحابها بالأرض؟ ومن يجبر كسور المزارعين الذين وجدوا حقولهم أطلالاً أو في يد الإحتلال؟
إنه موسم بلا زيتون..لكن القلوب لا تزال متمسكة بالجذور، ولو تحت الركام.





