شبكة الخامسة للأنباء - غزة
الخامسة للأنباء – خاص محمد الذهبي:
هل يسعد الفلسطينيون بعيدهم بلا أُضحية؟ في ظل تدهور الوضع الاقتصادي واستشراء البطالة بفعل حالة الحصار المتواصل ضد قطاع غزة منذ ما يزيد عن ستة عشر عاماً، وما ترتب على ذك من انعدام لفرص الالتحاق بالوظائف واستيعاب الخريجين في المؤسسات سواء الحكومية منها أو الخاصة والدولية، يأتي عيد الأضحى المبارك على شعبنا بغير بهجته المعتادة.
الشعب الفلسطيني المحب، المعروف بعطائه اللامتناهي بين شعوب العالم، كيف لا وهو الشعب الذي قدّم التضحيات وما زال، منذ نحو خمسة وسبعين سنة من احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وهو الشعب الذي وضع بصمته في جميع دول العالم من حيث البناء والارتقاء والتعليم والتنمية والطبابة وغيرها من المجالات.
ولم تتوقف حالة الحصار الصعبة التي يعانيها المواطن الفلسطيني عند حدود قطاع غزة، بل امتدت في ظل عيد الأضحى المبارك لتصل إلى مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة، فهذه المرة.. قد يزورنا العيد بغير ثوبه الأحمر..
غلاء فاحش ودخل محدود..
سجلت أسعار الأضاحي في قطاع غزة لهذا العام ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بالسنوات السابقة، حيث بلغ متوسط سعر الكيلو الواحد من لحوم الأضاحي (العجول 32 شيقلاً، والخراف خمسة دنانير أردنية ونصف) بحسب ما ذكره رئيس نقابة مربي الدواجن والإنتاج الحيواني بغزة مروان الحلو.
وأشار الحلو إلى أن كيلو لحم العجل سجل زيادة وصلت إلى ثلاثة شواقل للكيلو الواحد عن العام الماضي، في حين سجل كيلو لحم الخروف زيادة بلغت نحو دينار أردني واحد خلال 2022.
وأرجع سبب ارتفاع أسعار الأضاحي إلى الغلاء الفاحش على أسعار الحبوب والأعلاف عالمياً، مضيفاً “الغلاء جاء من البلد المُنتج والمُصدر وليس حكراً أو استغلالاً من التجار أو أصحاب المزارع في قطاع غزة”.
ونوه إلى أن قطاع غزة يستهلك في موسم الأضاحي نحو 15 ألف رأس عجل، وأكثر من 20 ألفاً من الأغنام، يتم استيرادها من –إسرائيل- وبعض الدول الأوروبية.
وقال “تم تشكيل لجنة مختصة لمتابعة أسعار العجول والأغنام في الأسواق ولا توقعات بارتفاع آخر عليها”، مشيراً إلى أنهم لن يسمحوا بأي استغلال للمستهلك.
الغلاء يفوق القدرة الشرائية للمواطن..
ويشتكي المواطن الغزي من الارتفاع الملحوظ على أسعار لحوم العجول والأغنام، حيث قد يدفع ذلك كثير منهم إلى العزوف عن الأضحية باعتبار أنها تفوق قدراتهم المالية.
وقال المواطن صابر أحمد (43 عاماً) لـ الخامسة للأنباء “أحرص على شراء الأضحية كل عام كونها من السنن المؤكدة”، مشيراً إلى أنه ادخر في السنوات الأخيرة ثمن الأضحية طيلة شهور السنة، حتى يتسنى له تقديم ذلك القربان لله عز وجل في موعده رغم ظروفه الاقتصادية التي وصفها بالـ مستورة.
فيديو: الأضاحي في غزة.. أسعار زي النار وطقوس منزوعة البهجة
ويعتبر صابر الأضحية في عيد الأضحى أكثر أهمية من العيدية، حيث يقول أنه يفضل الأضحية على العيدية نظراً لأهميتها في الشريعة الإسلامية كسنة مؤكدة.
وفرة في الأضاحي..
وفي السياق، أكدت وزارة الزراعة في غزة، في تصريحاتٍ صحفيةٍ لها على وجود وفرة في الأضاحي بجميع أنواعها هذا العام، مشيرةً إلى استمرار إدخال المزيد من الكميات المطلوبة حسب الاحتياج.
وأوضح أدهم البسيوني، المتحدث باسم الوزارة أن الأضاحي المتوفرة مطابقة للمواصفات، إذ تخضع جميعها للفحص المخبري عند إدخالها إلى غزة للتأكد من سلامتها من أي أمراض.
إقبال ضعيف ومخاوف من الكساد..
ويرى تجار المواشي أن الإقبال على شراء الأضاحي لهذا العام ضعيف، فقال المزارع يوسف الشيخ أنّ الإقبال على شراء الأضاحي لهذا العام ضعيف حتى هذه اللحظة، بسبب أن الأسعار مرتفعة مُقارنةً بالأعوام السابقة.
وأضاف لـ الخامسة “إنّ أسعار الأضاحي لهذا العام مرتفعة مقارنةً بالأعوام الماضي التي سجلت ارتفاع خفيف، وذلك بسبب ارتفاع أسعار استيرادها، والارتفاع الكبير بأسعار الأعلاف”.
مقارنة الأسعار بالعام الماضي..
نحو تسعة وثلاثين ألف رأساً من الماشية تم إدخالها إلى قطاع غزة بحسب إحصائيات وزارة الزراعة التي اطلعت عليها الخامسة للأنباء مؤخراً، موزعة بين العجول والخراف، تتراوح أسعار العجول منها ما بين سبعة عشر، وحتى ثلاثة وعشرين شيقلاً تتغير بزيادة ونقص الطلب، والأغنام ما بين خمسة إلى خمسة ونصف دينار أردني.
بينما خلال العام الماضي، والذي شهد ارتفاعا طفيفاً في الأسعار عن سابقه، فقد بلغ سعر الكيلو من لحم العجل القائم إلى عشرين شيقلاً، في ين سجلت الخراف والأغنام أسعاراً مشابهة لما سبق ذكرها.
أساليب لتجاوز الأزمة..
الحالة الاقتصادية السيئة أدت لابتكار أشكال جديدة تساعد الراغبين في الأضحية على القيام بذلك، مثل شرائها بالتقسيط على دفعات مالية، فيما يُتوقع أن تسهم الجمعيات الخيرية والإغاثية العاملة في القطاع في تحسين الإقبال على شراء الأضاحي من خلال عمليات الذبح التي تتم بشكلٍ كبير من أجل التوزيع على الأسر الفقيرة والمحتاجة في غزة.
ومن الجدير بالذكر أن الجمعيات والمؤسسات الخيرية والإغاثية العاملة في القطاع تلعب دوراً بارزاً في موسم الأضاحي، وهو الأمر الذي يسهم في تحريك عملية الشراء للمواشي خلال الأيام الأخيرة التي تسبق عيد الأضحى.
الضفة والقدس ليست بأفضل حال..
يقول سند. ن (27 عاماً)، أنه اعتاد كأهل القرى في رام الله على الوفاء بالأضحية في كل عام، وأنه لا يمكنه تجاوز هذا الأمر رغم غلاء المعيشة وسوء الظروف الاقتصادية وغلاء المواشي.
وأشار ن. لـ الخامسة إلى أنه يعتقد أن سبب الغلاء الرئيسي في الأضاحي هو ارتفاع التكاليف، حيث يصل سعر كيلو لحم الخاروف القائم إلى اثني عشر دولاراً، مما يجعل الأضحية تصل في كلفتها الإجمالية إلى حوالي 750 دولاراً (ألف دينار أردني).
وتابع “في الأعوام الماضية كان سعر الأضحية حوالي 1000-1500 شيقل، وهي أسعار كانت بمتناول اليد، أما الآن فإن الأسعار ترتفع والرواتب والمدخولات على ما هي عليه، الناس تريد أن تقدم الأضاحي كجزء من المناسك الدينية، ولكن ضيق الحال لا يمكننا من ذلك”.
سوء الظروف الاقتصادية، وضعف القدرة الشرائية بسبب الغلاء الفاحش في أسعار المواشي لهذا العام، مسيطرة على السوق الفلسطينية عامةً، لاسيما وأن تكلفة الأضحية في العاصمة المحتلة تزيد أيضا عن 800 دولار أميركي، فهل يسعد الفلسطينيون بعيدهم بعيداً عن مناسكه الإسلامية؟