تقارير

“أسرلة التعليم” احتلال جديد لغزو العقول وطمس الهوية

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

تقرير خاص – ندين عثمان- الخامسة للأنباء

تستمر المساعي الإسرائيلية إلى طمس الهوية الفلسطينية, ومحو التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني الذي مازال منذ عام 1948 حتى يومنا هذا يقاوم ويناضل لاسترداد حقه وأراضيه المحتلة, وترسيخ تاريخ أن فلسطين كانت ومازالت عربية عاصمتها القدس الشريف.


ضغوطات إسرائيلية لأسرلة المناهج


تحاول إسرائيل محاولات جدية و كبيرة للسيطرة على التعليم في القدس، “فالتعليم يعكس حالة سياسية، حتى أن المنهاج في شرقي القدس يختلف عنه في الأراضي المحتلة عام 48 فهو يركز على ترويج الرواية الإسرائيلية أكثر، لإخراج جيل بعيد عن قضيته ومفاهيمه الإسلامية”.


حيث أخذت أساليب أسرلة التعليم تتعدى تلك الطرق التقليدية إلى برامج تعليمية غير منهجية تدعو إلى قبول الآخر المحتل بوصفه إنسانًا عاديًا، بخلاف الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للاحتلال ومستوطنيه. و أن تلك السياسات تؤدي إلى نشأة بيئة تعليمية متدنية، وانخفاض مستوى التحصـيل لـدى الطلبة، وانخفاض مستوى تأهيل المعلمين، وعدم تطبيـق إلزاميـة التعلـيم أسـوة بالمـدارس الإسرائيلية غربي مدينة القدس، كما تتفشى في هذه المدارس ظاهرة انتشـار المخـدرات بـين صفوف الطلبة تحت بصر سلطات الاحتلال.
وأيضا تستغل بلدية الاحتلال في القدس الأزمات المالية وشح الميزانيات التشغيلية وسيلة للضغط والقبول بالسياسات التعليمية اليهودية من خلال الدعم المالي المشروط الذي يوفر أرضية للتدخل في سياسات التعليم في مدارس القدس الفلسطينية والخاصة.

أساليب الأسرلة


في عام 2022, أخذ التعليم بمحاولة التصدي لهذه السياسة العنيفة من قبل الاحتلال, حيث تم فتح مدارس الأوقاف الإسلامية لاستيعاب هؤلاء الطلاب جنبًا إلى جنب مع المدارس الأهلية والخاصة، ومنذ ذلك الوقت يتبع أساليب مختلفة لفرض المنهاج الإسرائيلي.
ولكن كان للاحتلال رأيا اخر فمع تطبيق المنهاج الفلسطيني في المدارس الفلسطينية، بدأت قضية السيطرة الإسرائيلية على التعليم بالعودة بشراسة وهاجموا المناهج الفلسطينية، وحاولوا فرض السيطرة الجماعية على الشعب الفلسطيني، عبر السطو على التاريخ وتزويره وتقسيم الجغرافيا، ومحاولة شن حرب على الكينونة والهوية والثقافة الفلسطينية، ضمن خطة لتشويه مضامين المنهاج الفلسطيني حيث كانوا يشطبون باللون الأسود كل ما له علاقة بالانتماء الوطني، بداية من شعار فلسطين، وأي كلمات داخل النصوص، كشهيد، ونضال، وغيرهما , وبعد سنوات أصبحت سلطات الاحتلال تعيد طباعة الكتب الفلسطينية، وتبتر النصوص أو تتركها ورقة بيضاء فارغة، ولاحقًا أضافوا مواد أخرى تُماشي السياق المعرفي الإسرائيلي.

الهدف من إدخال المنهاج الإسرائيلي؟


إدخال المنهاج الإسرائيلي في المدارس الفلسطينية يهدف إلى أن يتعلم الطلاب أن القدس هي عاصمة إسرائيل، وأن المسجد الأقصى هو حائط البراق، وانه لا توجد نكبة فلسطينية بل هناك ما يسمى بالاستقلال. يريدون أن يتعلم الطلبة الفلسطينيون عن الشخوص والرموز الدينية والسياسية الإسرائيلية مثل موشي بن ميمون، والتعلم عن الشخصيات التي لعبت دوراً في نكبة الشعب الفلسطيني مثل بن غوريون ومناحيم بيغن وغيرهما. إنهم يريدون فرض رؤيتهم على المسار التربوي والتاريخي لتنشئة غير وطنية وتشويه وعي الطالب الفلسطيني، بهدف إخراجه من دائرة الفعل والانتماء لكي تسهل السيطرة عليه”.

فلسفة تربوية جديدة


وفي ورقة بحثية بعنوان: “الوعي العام للشباب الفلسطيني في مدارس شرق القدس” للباحثة رهام زهد، أظهرت أن تطبيق المنهاج الإسرائيلي في المدارس الفلسطينية بشرقي القدس، وبخاصة العلوم الإنسانية، كالتاريخ والجغرافيا والمجتمع، يهدف إلى غرس مفـاهيم جديدة تعبر عن فلسفتها التربوية، فأهداف التعليم ومناهج التعليم الإسرائيلية تفتقر إلى ذكر الهوية القومية الجماعية للمجتمع العربي الفلسطيني من جهة.


وشددت زهد على أن الأمر لا يقتصر على تجاهل الهوية القومية للطالب العربي الفلسطيني، “بل إن مناهج التدريس الإسرائيلية مشبعة بتعليم مواضيع عن الدين والتاريخ اليهودي”.

وبينت في دراستها أن وزارة “المعارف الإسرائيلية” بادرت مع بلدية الاحتلال في عام 1967 إلـى تشـريع حزمة من القوانين وإصدار العديد من الأوامر العسكرية، منها الأمر العسكري رقم 107 الـذي تم بموجبه حظر تدريس 55 كتابا مدرسياً.

ولإلحاق الضرر بالتعليم في مدينة القدس، عملـت سلطات الاحتلال في ذلك الوقت على تعيين مدرسين في المدارس العربية لا يحملون مؤهلات تربويـة وفنيـة تتيح لهم حق ممارسة مهنة التعليم، فكثير منهم حمل فقط شهادات الثانوية العامة. كما تم حذف كل ما له صلة بالقضـية الفلسـطينية والشعب العربي الفلسطيني وجميع الآيات القرآنية التي تحث على الجهاد، والنصوص المتعلقـة بالصراع اليهودي الصهيوني – العربي الإسلامي، وكل ما له علاقة بالوحدة العربية والإسلامية.

ومن جهة أخرى قال القيادي في حركة فتح نجيب القدومي أن القوى والفصائل الفلسطينية ترفض بكافة الأشكال الابتزاز المالي الذي تمارسه ما يسمى بوزارة المعارف الاسرائيلية على إدارات المدارس في القدس المحتلة وسياسة التهويد العلني والمبطن تجاهها مؤكدة حقها الفلسطيني كشعب تحت الاحتلال باختيار المنهاج الذي يتم تدريسه للطلبة في مدارس القدس.

وأضاف أن القوى والفصائل الفلسطينية ستحافظ على الارث الوطني والتاريخي ولن تمحوه محاولات التزوير والتزييف الاسرائيلية ولن تنال منه سياسة التمييز والقهر والاجبار ولا سياسة القمع والتهجير القسري والتمييز العنصري الذي تمارسه سلطات الاحتلال في القدس.

وفي إطار تأكيد الهوية أكد القدومي أن أولياء امور الطلبة ينظمون وقفات احتجاجية ضد الممارسات الاسرائيلية ويوزعوا المناهج الفلسطينية على الطلبة لتأكيد التصدي للمساعي الاسرائيلية،

وتابع أن هذه الممارسات تستهدف الجيل الحالي وجيل المستقبل بهذا التزوير الواضح والتمييز العنصري المكشوف، ويستدعي هذا وقفة عربية واسلامية صادقة تجاه محاولات السلطات الاسرائيلية لفرض وقائع على الارض وعلى الفكر وعلى الجيل الجديد الذي تخطط لابعاده عن تاريخه وتراثه وفكره.

في حين ينظر الفلسطينيون إلى التعليم بأنه خيط النجاة الوحيد لبناء مستقبل أفضل لأبنائهم، وحفاظهم الوحيد على الارث الوطني الذي يرسخ حق الفلسطينيين في أرضهم, إذ يردد البعض أن “التعليم هو أداة لتمكين” أفراد يعيشون في مجتمع يعاني من تضييق الاحتلال وحصار متوصل للبلاد .
ولكن يظهر الواقع في القدس أن التعليم أضعف من أن يحمل آمال المقدسيين في التمكين وتحسين أوضاعهم، فهو بحد ذاته يبحث عمّن يسند ظهره ويدعمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى