أسئلة حول اجتماع المركزي
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
الكاتب: مصطفى ابراهيم
عُقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بأغلبية ونصاب قانوني كما أرادت وخططت له حركة فتح، والرئيس محمود عباس، الذي يدرك أن ثمن هذا النصاب هو تمزيق الساحة الفلسطينية وعلى حساب المصالحة والوحدة الوطنية، وسيبقى فاقدًا الشرعية الوطنية، من أجل تعزيز نظام سياسي وقيادة فقدت الشرعية والمشروعية، حتى بالعدد الكبير من الحضور وبروبغاندا الكوتة النسائية.
الفلسطينيون يدركون حجم الضغط والمقايضات التي تمت بين حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الصغيرة، ولا وجود لها في الشارع الفلسطيني، سوى البحث عن استمرار ضخ حصصها المالية من وزارة المالية، وامتيازاتها ومصالحها، ومناصب عبارة عن تكملة عدد لاستكمال شكل مؤسسات المنظمة.
هذه الفصائل تدرك ان الوعود بالالتزام بقرارات المجلس المركزي السياسية في العام 2015، و2018 ستبقى حبر على ورق من دون أي تغيير، وسياسة الرئيس عباس واضحة ولن تتغير.
تمنى الفلسطينيون لو جاء إجتماع المجلس المركزي وحدويا بعد فشل المشروع السياسي للرئيس عباس، وترسيخاً لمبدأ الديمقراطية في النظام السياسي الفلسطيني. إلا انه اختار أن يكون المجلس فئوياً وتعبيراً فاضحاً عن سمته الرئيسية خلال العقود الماضية، وهي التفرد والاقصاء، وانتظار الوعود الأميركية وتعميق التبعية لإسرائيل، عن طريق تهيئة السلطة لقيادة جديدة ترسخ تعزيز السلطة كأداة إسرائيلية.
فماذا سيحقق الرئيس عباس من انعقاد المجلس المركزي؟ خلال السنوات الماضية تغول الاحتلال الإسرائيلي بشكل خطير في حياة الفلسطينيين ويمارس سياسة استعمارية استيطانية ومحاولاته مستمرة في حسم الصراع.
والسلطة كل همها تقديم خدمات امنية مقابل تسهيلات اقتصادية وامتيازات لقيادة السلطة، وهل استطاعت رفع حاجز عسكري واحد من بين مئات الحواجز التي تقطّع أوصال الضفة الغربية المحتلة؟
المتابع لسيرة الرئيس عباس وسياسته وحكمه، أنه وعد الفلسطينيين باستمرار النضال الفلسطيني لنيل الحقوق الوطنية وإنهاء الاحتلال عن جميع الأراضي الفلسطينية 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية وتحقيق “حل عادل” لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وليس “حق عودة” اللاجئين.
وهل انعقاد المجلس المركزي بهذه الطريقة سيعمل على تعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتمتين أواصر الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، والعمل من خلال برنامج عمل وطني، وتطوير المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، وفي رعاية مصالح وحقوق اللاجئين الفلسطينيين في المنافي والشتات.
وهل حقق انعقاد المجلس المركزي مشاركة جميع القوى والفصائل والتيارات السياسية والاجتماعية والشبابية في صياغة القرار الوطني، وتفعيل مؤسسات ودوائر المنظمة، وتطوير عمل البعثات الدبلوماسية الفلسطينية، وهيئات الجاليات الفلسطينية في دول العالم.
وهل سيعمل المجلس على اتخاذات جذرية ثورية للتصدي لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني بكل أشكاله، ووقف حملات الاعتقال اليومية وتدمير البيوت، وزيادة المستوطنات وعنف وارهاب المستوطنين وعمليات التجريف وتخريب المزارع والممتلكات، ورفع الحصار والاغلاقات، ورفع الحواجز، وإلغاء القيود على حركة المواطنين وتنقلهم في وطنهم وعلى المعابر.
بالطبع لا. فالرئيس أكد في خطابه أمام المجلس تمسكه بخيار السلام الاستراتيجي وإقرار برنامج السلام الفلسطيني، والالتزام المستمر باحترام الاتفاقات الموقعة، وبقرارات الشرعية الدولية، وانتظار الادارة الامريكية باستئناف ما تسمى العملية السلمية، ووسيلتها المفاوضات لإنجاز التسوية النهائية.
هل سيتخذ المجلس فرارت جذرية بالدفاع عن القدس وعمليات الاستيطان والتهجير، وإعطاء الأولوية لدعم صمود الفلسطينيين في القدس، التي ما تزال تتعرض لأبشع عمليات الاستيطان والحصار وهدم المنازل والإفقار وحملات الضرائب والتهجير.
وماذا عن أوضاع الفلسطينيين الكارثية التي يعيشونها، وتفشي البطالة والفقر والفساد والمحسوبية، والتزامات فلسطين بعد التوقيع على جملة من الاتفاقيات الدولية وغياب المشاريع والخطط والسياسات التنموية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والإسكانية في القدس، وحشد الدعم من الدول والمؤسسات واللجان والصناديق العربية.
وما هي الخطط والبرامج الذي سيتخذها المجلس للدفاع عن الأسرى والمعتقلين وجعلها أولوية وطنية، وأن يتصدر النضال للإفراج عن أسرى الحرية في سجون الاحتلال الإسرائيلي جدول العمل الوطني.
وفي الوقت الذي كان يتم التحضير لانعقاد المجلس كانت تجري اشتباكات مسلحة بين عائلتين في الخليل والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وشعارات سيادة القانون وبناء دولة القانون والمؤسسات والمساواة والتسامح، لتكريس التعددية السياسية.
وضمان الحريات الأساسية وفي مقدمتها حرية التعبير وحرية العمل السياسي وتشكيل الأحزاب، لبناء دولة المؤسسات، والفصل بين السلطات. كل ذلك لم يبقى منه سوى رماد التفرد والتغول على المؤسسات وسحب صلاحياتها ووضعها في كف السلطة التنفيذية.
وكما هو معلوم فان شعار الخيار الديمقراطي من خلال الانتخابات، وضمان حرية العمل السياسي لجميع الفصائل والأحزاب، والذريعة انتظار الموافقة الإسرائيلية لإجراء الانتخابات في القدس.
ما نراه ونعيشه هو التغول على القضاء والمجتمع المدني، ومظاهر الفساد واستغلال المنصب والنفوذ، سيدة الموقف وشعارات تطوير أداء الجهاز الحكومي وفعاليته، وتكريس أسس الشفافية والنزاهة والمحاسبة، هي للاستهلاك اليومي.
عقد المجلس المركزي وقرارته متوقعة ومعلومة والعنوان واضح، والرئيس عباس ما يزال يمارس ما يفكر وما يؤمن به، واستفرد بحركة “فتح” ومنظمة التحرير والقرار الفلسطيني برمته، وينتظر موافقة امريكا وإسرائيل على البدء في مفاوضات، وركونه للوعد الأمريكي حتى أصبح وهماً.
وستظل المنظمة غطاء لتكريس التبعية للاحتلال وتثبيت شخصيات تعمل لمصالحها على حساب القضية والمشروع الوطني، ومن دون تطوير، ولم تعد كما كانت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده.