لـنُعيد النظر في النظام الانتخابي القائـم للمجالس المحلية
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
الكاتب: ربحي دولـــة
ساعات قليلة ويتم إغلاق باب التسجيل للقوائم الانتخابية لانتخابات البلديات في المرحلة الثانية ، هذه الانتخابات التي ينتظرها الكثير من المواطنين ومن الراغبين في الترشح او تغيير المجالس الحالية.
أرى أن هذه الانتخابات وفي ظل قانون الانتخاب المعمول به رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٥ والذي ينصُ على أن طريقة الترشح تكون عبر القوائـم، وتكون تركيبة المجالس وفق التمثيل النسبي لكل قائمة من الأعضاء حسب عدد الأصوات التي حصلت عليها تلك القائمة ويفوز المُرشح وفق ترتيبه في القائمة: فاذا حصلت قائمة على خمس مقاعد يكون الأعضاء من واحد الى خمسة هم مُمثلي تلك القائمة.
ولعل المتابع لكل الانتخابات التي جرت في المجالس المحليـة مُنذُ اعتماد هذا القانون ثلاث دورات انتخابية وهذه هي الرابعة يرى أن نتائج الانتخابات تُدلل على أن القوائم الحزبية بدأت تضعف نتائجها بين كل دورة وأخرى وأن القوائم المُستقلة والتي تشكلت ببُعد عائلي حتى وإن كان أعضاؤها من أبناء التنظيمات وخاصة حركة فتح لها نصيب الأسد في النتائج، وهذا دليل على التزاحم الكبير للمُرشحين الذين يُريدون التواجد داخل القوائم والتزاحم الأكبر على المقاعد المُتقدمة، وهذا التزاحم أدى الى إحداث العديد من الإشكاليات في إنتقاء الأشخاص واختيار مواقعهم داخل القائمة ، خاصة أن الجميع يبحث عن شخوص لهم حصة انتخابية كبيرة ويستطيعون الحصول على أكبر عدد من الأصوات من داخل تجمعاتهم سواء العائلية أو دائرة العلاقات، وهذه الطريقة من الانتقاء جعلت من الكفاءة آخر ميزة تحتاجها أي قائمة في المُرشح الذي يقع عليه الاختيار.
من خلال الاطلاع على التجارب السابقة للمجالس المحلية على مستوى الوطن فإن المُلاحظ أن الانتخابات تُفرز مجالس مُتناحرة في العديد من المُدن والقرى وخاصة تلك التي يترشح فيها أكتر من قائمتين ولا يوجد حسم لأي قائمة انتخابية، وبالتالي تضطر لعقد تحالفات للفوز برئاسة المجلس، وهذه التحالفات ممكن أن تكون مصدر إضعاف وليس مصدر قوة، وخاصة اذا كانت مبنية على تقاسم الصلاحيات او اقتسام لموقع الرئيس بين أكتر من شخص، وهذا يؤدي الى إضعاف للعمل والآداء بسبب أن هذا الاتفاق هو إدارة لأزمة حدثت نتيجة الانتخابات، وليس وضع كل الخلافات جانباً والتفرغ للبحث في كيفية خدمة البلد ورسم السياسات التي من شأنها تسخير كل الامكانات لتطوير الآداء وتوفير كل ما يحتاجه المواطن في مدنهم وقراهم لأن العمل في أجواء مُستقرة يمكنهم من التفكير بهدوء تؤدي الى مُخرجات جيدة قابلة لإحداث تغيير ملموس على حبات المواطن ومواكبة كل التطورات وتسخيرها لتطوير وازدهار مُدنهم وقراهم.
إن المجالس البلدية أثبتت دائماً وفي الأزمات التي يعيشها شعبنا وخاصة خلال العامين الماضيين في ظل الجائحة التي أصابت العالم أنها الأقرب على المواطن وخدمته وبقيت وحدها الى جانب بعض الوزرات المُختصة تعمل بكل جد واجتهاد لتلمس حاجات المواطن في كل المجالات لتعزيز قدرة تحمله لهذا الجائحة التي اثقلت كاهل كل دول العالم أجمع.
أرى أنه من أجل الحفاظ على قوة هذه المجالس لابد من إعادة النظر في النظام الانتخابي المعمول به لنعود الى نظام انتخاب الشخص لا القائمة وبالتالي نُقلل من عدد المُتنافسين لأن كل مرشح تراوده نفسه على الترشح يُفكر جيداً قبل الإقدام على الترشح وخاصة أن الانتخاب الفردي يُظهر حجم الشخص الحقيقي لدى المواطنين لأن نظام القوائم فيه الكثير من المؤهلين يختبئون خلف القوائم ويملكون قاعدة انتخابية كبيرة، أكبر بكثير ممن تحصل عليه القائمة في نهاية يوم الاقتراع.
إن المجالس البلدية هي مجالس تحمل رسالة وطنية تؤديها مُنذ تأسيسها، ومن تابع الاجراءات التي اتخذتها دولة الاحتلال بحق رؤساء البلديات بعد انتخابات العام ١٩٧٦ والتي حققت نتائج عكس ما أرادها الاحتلال، حيث فازت قوائم منظمة التحرير وخسر المقربين من ما تُسمى الاداره المدنية الاحتلالية، فأبعدت ما أبعدت وحاولت اغتيال آخرين، حيث استمرت هذه المجالس في رسالتها الوطنية حتى يومنا هذا.
إن لهذه المجالس من أهميه في إدارة الحياة اليومية للمواطن وهي في حالة اشتباك دائم مع الاحتلال لحماية المواطن والمُحافظة على الأرض التي تحاول دولة الاحتلال السيطرة عليها، وهذا كله يتطلب من صناع القرار في حكومتنا التفكير جيداً في نظام انتخابي يُمكننا جميعاً من إفراز مجالس قوية مُتماسكة قادرة على حمل الأمانة بكل اقتدار وهمها التفكير في مصالح البلد والمواطن بعيدة كل البعد عن التناحر والخلافات.