مقالات الخامسة

القربان والهيكل

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الكاتب: هبه بيضون

في تجهيزاتهم لعيد الفصح اليهودي الذي يصادف مساء يوم الجمعة القادم الموافق 15 نيسان أي ليلة الفصح السبت، قامت ما تسمى ب “جماعات الهيكل” اليوم الأثنين بعمل محاكاة على أرض الواقع لما يسمى بتقديم ” قربان الفصح” في منطقة القصور الأموية في القدس، عاصمة فلسطين الأبدية المحتلة، والذي يقومون به تعبيراً عن شكرهم لله الذي أنقذهم من مصر، وذلك في مؤشر خطير جداً على قيام الصهاينة بإجراءات تنفيذية على الأرض للتسريع من عمليات تهويد المسجد الأقصى المبارك ، وتكريس ادعاءاتهم حول ” الهيكل المزعوم” من خلال إحياء هذه الفكرة بتقديم القرابين، والذي يعتبر من أهم الطقوس التوراتية بالنسبة إليهم.

يعتبر تقديم القرابين المرحلة التي يختتمون فيها شعائر يؤدونها كل عام في باحات المسجد الأقصى، بحيث يقومون بما يسمى ب” الانبطاح أو السجود الملحمي”، ولكن لم يسبق لهم أن قاموا بتقديم القرابين في المسجد الأقصى من قبل، أيّ منذ هدم الهيكل المزعوم، إلّا أنهم – وبما لا يدع مجالاً للشك- يطمحون ولديهم نية القيام بذلك هذه السنة، إيماناً منهم أنهم يحيّون بصورة رمزية هيكل معبدهم المزعوم. إلّا أنهم قاموا بهذه الطقوس التلمودية في سنوات سابقة في مناطق قريبة من المسجد الأقصى، أي أنهم كانوا يقتربون تدريجياً من المسجد، حيث قدّموا القرابين في أعوام سابقة في كل من قرية لفتا، وبالقرب من جبل الطور/ جبل الزيتون، وتم ذبحها أيضاً بالقرب مما يسمى ” كنيس الخراب” في حارة المغاربة في البلدة القديمة في القدس، وكذلك عند السور الجنوبي للمسجد الأقصى، وقاموا بالذبح في سوق اللحامين الذي يطل على المسجد الأقصى، وكان آخرها في كنيس بالقرب من حائط البراق..

واستعداداً لهذا اليوم فإنه قد تمّ تدريب طبقة الكهنة ، أو ما تسمى ب” السنهدرين” منذ سنوات على هذا الفعل في المدارس التلمودية.

وبالعودة إلى دراسة بعنوان: ” العبادات في اليهودية ، القربان المقدس أنموذجاً” أجريت للباحثه هديل علي قاسم من جامعة بغداد ونشرت عام 2019 ، تطرقت الباحثة في المبحث الثالث من دراستها إلى أدلة من التوراة توجب القرابين، ومنها ما جاء في سفر الخروج وسفر المزامير، وعند استعراض تلك الأدلة من الآيات، لم أجد فيها دليلاً واحداً على ذكر وجوب تقديم القربان لإحياء الهيكل المزعوم، وذلك لسبب بسيط ، يتلخص في كلمة ” المزعوم”، ما يبطل ادعاءاتهم وكذبتهم التي كذبها كهنهم وصدّقوها، وأرادوها ذريعة لتهويد المسجد الأقصى وممارسة شعائرهم الاستفزازية فيه.

إنّ الصمت العربي والإسلامي جعل الصهاينة يقتربون كل عام أكثر من الذي سبقه باتجاه الأقصى، حتى بلغ بهم الصلف هذا العام عن إعلان نيتهم إقامة شعائرهم المزعومة داخله، والطلب من المسلمين – وبكل وقاحة- لأول مرة منذ احتلال القدس عام 1967 ، إخلاء الأقصى المبارك يوم الجمعة القادم لتقديم قرابينهم وذبائحهم داخله ، بما في ذلك من تنجيس ومس بحرمته .

والسؤال الذي يطرح ذاته هو، ماذا نحن فاعلون كعرب وكمسلمين لمنع الاقتحام القرباني الدموي القادم بعد عدة أيام، وما الإجراءات التي سيتم اتخاذها للاحتجاج الرسمي “لدولة الكيان الصهيوني” على هذا الفعل والطلب منها أن تمنع وصول تلك الجماعات الصهيونية إلى الأقصى وتدنيسه، صحيح أن أهل القدس ومرابطيها سيتصدون إلى الاقتحامات، إلّا أنه في هذه المرة قد تتطور الأمور بحجم الاستفزاز والفعل المشين الذي سيقومون به داخل الأقصى المبارك، وتتحول الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى