شبكة الخامسة للأنباء - غزة
تقرير خاص | محمد وشاح
تصادف اليوم الذكرى الأولى لعملية الهروب البطولية ، “نفق الحرية” التي نفذها ستة أسرى من سجن جلبوع، وكسرت هيبة الكيان الإسرائيلي المزعوم ومرغت أنف قادته في التراب
الحكاية
في السادس من سبتمبر 2021، تمكن ستة أسرى فلسطينيين من انتزاع حريتهم من سجن “جلبوع” الإسرائيلي الأشد حراسة وتحصيناً، الأمر الذي شكل ضربة قاصمة للمنظومة الأمنية “الإسرائيلية”، وحققت العديد من الأهداف الوطنية، وباتت تشكل هاجساً لقادة الكيان حتى وقتنا الحاضر.
وحفر الأسرى النفق في ظروف ليست طبيعية في عمق الأرض بلا ظروف عمل أو حياة بحيث ينخفض مستوى الأوكسجين ولا تتوفر الإضاءة والمعدات اللازمة لذلك.
ونجح الأسرى بالخروج من تحت بلاطة مساحتها 60 سم في مراحيض غرفة رقم 2 من القسم 5 في سجن “الجلبوع” الذي بني عام 2004 وهو يُصنّف “بالأكثر حصانة”.
من هم أبطال نفق الحرية ؟
الأسرى الذين تمكنوا من الهروب الكبير من سجن جلبوع والتي باتت أسماءهم وألقابهم حاضرة في كل شارع وفي كل بيت هم مهندس العملية محمود عبد الله عارضة من عرابة، معتقل منذ عام 1996، ومحكوم مدى الحياة، ومحمد قاسم عارضة من عرابة معتقل منذ عام 2002، ومحكوم مدى الحياة، ويعقوب محمود قادري من بير الباشا معتقل منذ عام 2003، ومحكوم مدى الحياة، وأيهم نايف كممجي من كفر دان معتقل منذ عام 2006 ومحكوم مدى الحياة، وزكريا زبيدي من مخيم جنين معتقل منذ عام 2019 وما يزال موقوفا، ومناضل يعقوب انفيعات من يعبد معتقل منذ عام 2019.
الطريق إلى الحرية
من نفق صغير في جدار سجن جلبوع كان الخزي للمنظومة الأمنية الاسرائيلية، حيث شكل الهروب حالة من الذهول والصدمة لدى كيان الاحتلال بعد أن تم كشف فتحة النفق على بعد أمتار قليلة خارج أسوار السجن وأن طول النفق الذي حفروه يصل إلى عشرات الأمتار.
فقد واصل الأسرى الستة عملية الحفر تحت الأرض لمدة 9 أشهر بما توفر من أدوات حادة ليصلوا حتى بُعد 25 مترا تحت الأرض من الجانب الآخر لجدار السجن.
صرّف الأسرى التراب المحفور في دورة المياه والمواسير والتي سُدّت أحيانا وهو الأمر الذي كاد أن يعطّل مواصلة العمل على حفر النفق لألّا يُكشف أمرهم.
الاستنفار العام في الكيان
أعلن قادة الاحتلال في حينها، الاستنفار العام بحثاً عن الأسرى الفارين بمشاركة عشرات الطائرات المروحية والمسيرة كما باشرت عملية تفتيش واسعة في المنطقة المكتظة بالقرى والبلدات القريبة من الحدود مع شمالي الضفة الغربية وصولاً لحدود الأردن.
مسؤولون كبار في شرطة الاحتلال وصفوا عملية الهروب بأنها أحد أخطر الحوادث الأمنية بشكل عام في حين وصفه آخرون بأنه إخفاق كبير جدا يكشف عن أوجه قصور خطيرة للغاية في المخابرات والأمن.
واعتبر رئيس وزراء الإحتلال “نفتالي بينيت”، آنذاك أن فرار الأسرى الفلسطينيين من سجن جلبوع أمرًا خطيرًا ويحتاج لمعالجة المنظومة كلها.
ووصف كثير من المراقبين هذه العملية بأنها هشمت المنظومة الأمنية للكيان الوهمية الغاصب التي سعت إلى تكريسها سنين عديدة.
أمل بعد الإحباط..
طُرِحت قصة “الهروب الكبير” بانتزاع الأسرى حريتهم لبضعة أيام، قضية الأسرى الفلسطينيين عامة في سجون الاحتلال مجددا وبقوّة على الرأي العام الفلسطيني والدولي، ليعيد تذكير الشعب الواقع تحت الاحتلال والعالم أن الأسرى المعزولين في السجون والزنازين، لهم الحق بنيل الحرية والعيش بكرامة بلا قيود الاحتلال ،ساهمت العملية في رفع الروح المعنوية في الشارع الفلسطيني، ورفع الوعي بمختلف القضايا ليس قضية الأسرى فقط، كما شاهدنا التفاعل معها على المستوى العالمي، وتداعياتها الكبيرة على الاحتلال الذي جنّد كل إمكانياته ليعيد هيبته.
محاكمة الحرية
قضت محكمة الاحتلال عقوبة السجن الفعلي لمدة 5 سنوات وغرامة مالية بقيمة 5 آلاف شيكل (1500 دولار)، وسجن -مع وقف التنفيذ لمدة 8 أشهر- لمدة 3 سنوات، على كل واحد من الأسرى الفلسطينيين الذي شاركوا في عملية “نفر الحرية” والفرار من “جلبوع”.
وتضاف هذه الأحكام التي صدرت بحق الأسرى الستة إلى محكوميتاهم السابقة، وذلك باستثناء الزبيدي وانفيعات، اللذين كانا موقوفين بدون محاكمة.
وتعالى صوت الأسير البطل يعقوب قادري، في المحكمة بعد صدور الحكم “لا يهمنا ما هو القرار بحقنا، المهم أننا صنعنا المستحيل، واستطعنا أن نخترق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ووجهنا الصفعة لكم، وما كان بالنسبة لإسرائيل وأجهزتها مستحيلا، نحن وصلنا إليه”.
ورغم إعادة اعتقال الأبطال الستة بعد فرارهم، إلا أن هذه العملية تسببت في حرج بالغ وفضيحة كبيرة لقادة الاحتلال، وأعادت في الوقت ذاته قضية الأسرى المنسية إلى طاولة المفاوضات.