أحمد أبو عيشة .. الشهيد الذي كان كالندى
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

أحمد أبو عيشة.. أقمار الصحافة إعداد: طارق وشاح
أحمد سلامة أبو عيشة، قلمه كان سلاحه وكلماته رصاصته، ذلك الصحفي الشاب الذي حول شاشة حاسبه الصغير إلى منبر للعالم، ووثق بصدق معاناة شعبه.
ميلاده وتعليمه
ولد أحمد في مدينة غزة عام 1991، ونشأ في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ودرس في مدارس المخيم، ثم التحق بجامعة الأزهر ودرس بكالوريوس في اللغة العربية والإعلام من ،ودرجة الماجستير في الأدب من جامعة الأزهر عام 2019، ثم حصل على درجة الدكتوراه في النقد والأدب من جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية من السودان عام 2025 .
عمله وإنجازاته
عمل محررًا صحفيًا في وكالة فلسطين اليوم، لكنه لم يكن مجرد باحث أكاديمي بل كان ينزل الى الميدان كصحفي يحمل قلمه وكاميرته، وفي حرب 2023-2025 رفض النزوح رغم كل التهديدات وأصر على مواصلة عمله الصحفي، فكان صوتاً للحقيقة على مدار سنوات عمله.
تميز أحمد بحبه وإبداعه، وتميزه في عمله، وشجاعته في نقل الحقيقة وتغطية حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة ، متحديًا كل الظروف والصعاب.
عقد قرانه تحت القصف .. ولم يدرك فرحته
في مشهد يختزل فيه كل معنى الصمود عقد أحمد قرانه قبل استشهاده بأشهر تحت القصف ، كأنه ينتزع الفرح من بين براثن الحرب، مبتسمًا لخطيبته كمان لو كان يقول “الحرب لن تسرق أحلامنا” لكن القدر لم يمهله، فارتقى أحمد شهيدًا قبل أن يلبس خاتم الزواج، تاركاً خلفه صورة ذلك اليوم الذي عقد فيه قرانه، يوم كان الفرح فيه أشبه ببذرةٍ زرعوها في أرض محترقة، آملاً أن تنمو ذات يوم .
عائلته تروي جانبًا من سيرته
كان ابنًا وأخًا مطيعًا ، تقيًا نقيًا ، مرضيًا، حنونًا وطموحَا، كان ينتظر أن تنتهي الحرب حتى يعقد زفافه على خطيبته .
يقول شقيقه الأكبر أبو إبراهيم :
كان أحمد أخي الصغير جسديًا لكنه كان أكبرنا قبًا وحكمة، كنا نعلم أن الله منحنا أحمد نعمة خاصة، فكان يعطي الآخرين قوة يستمدها من إيمانه، لا من بطولات وهمية.
ذكرى زميلٍ لا يُنسى
قال أحد زملاؤه عنه: كان ساكنًا.. في كل شيء في صوته، في نظراته، حتى في خطواته التي تمر بهدوء كأنها لا تريد أن تُقلق الأرض، وما رفَع صوته يومًا، وما طلب شيئًا لنفسه.
ويضيف:
عملت معه حوالي 3 سنوات في مهنة، لم أعرف عنه إلا أنه كان مثالاً للأخلاق، والهدوء، منتميًا لدينه ووطنه.
وداع قمر الصحافة
استُشهد أحمد بتاريخ 10 يوليو 2025م، بعد أن استهدفته طائرة مسيرة أثناء تواجده في حديقة منزله الواقع في منطقة السوارحة جنوب غرب مخيم النصيرات، لكن سيرته تحولت إلى شاهد على زمن يُقتل فيه الصحفيون لأنهم يروون الحقيقة .
هكذا كان أحمد .. قنديلًا من نور انطفأ في جسده، لكن نور كلماته لا يزال يضيئ درب الحقيقة، رحل وهو يُمسك بقلمه كأنه يُمسك بيد وطنه، تركتنا وحيدين في زمنٍ صار فيه قلم الصحفي أثقل من جبال، وصوته أخطر من الطائرات.