“الخامسة للأنباء” .. نحو صحافةٍ حرّة

بقلم/ عماد سليم محسن
إعلامي وباحث في الشؤون السياسية

سُئل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عن أحوال الصحافة في بلاده، ومن سأله تحدث عن حال الصحافة في لبنان، وفي حينه كانت دور النشر في بيروت تأخد مكان الصدارة في العالم العربي كله، فأجاب عبد الناصر: “في لبنان يوجد حرية الصحافة، ولكن لا توجد فيه صحافة حرّة”!!!

أن تكون الصحافة حرةً يعني أنها تلتزم المهنية، وشرف الدفاع عن الحقيقة، وفضيلة نقل كل ما هو جديد للجمهور، مع الالتزام المطلق بالمسؤولية الاجتماعية، والمحافظة على كلمات الصحافة المفتاحية الثلاث: (دقّة، موضوعية، حياد).

افتقدت الساحة الإعلامية الفلسطينية في العقدين الماضيين وجود صحافةٍ قادرةٍ على النهوض بمسؤولياتها التزامًا بمصلحة الوطن، وانحازت الصحف والمواقع الإخبارية ووسائل الإعلام المختلفة للأجندات، وباتت الصحافة الحزبية هي سيدة الموقف، ونزفَ بسبب ذلك دمٌ طاهرٌ زكيٌ ضمن الاحتراب الداخلي ومقتلة البرامج المتناحرة، وغاب صوت العقل وضاعت البوصلة وانحرفت اتجاهات القائمين على نقل الحقيقة للجمهور، فكان الانقسام الذي طال كل شيء بما في ذلك الإعلام الفلسطيني.

تأسست “الخامسة للأنباء” قبل أربعة أعوامٍ كشبكةٍ إعلاميةٍ إخباريةٍ حرةٍ وموضوعية، واختار القائمون عليها يوم الثالث من مايو آيار، الذي يصادف اليوم العالمي لحرية الصحافة، موعدًا لانطلاقتها، لتنهض بواجباتها تجاه جمهورها الفلسطيني والعربي، وتختار الأقدار لها أن تواجه الامتحان الأصعب، بأن تقف على تغطية أحداث العدوان على غزة منذ يومه الأول، ليرتقي رئيس تحريرها وأحد مؤسسيها وهو يغطي بنفسه تفاصيل العدوان، وتصعد روح الصحفي القدير سعيد الطويل (أبو رضوان) في تأكيدٍ على ربط الشعار بالواقع، والانحياز للحقيقة مهما كلف الأمر ومهما عظُمت التضحيات.

نبارك للخامسة ذكرى انطلاقتها، ونجدد دعوتنا ووصيتنا لجوقة الصحفيين والصحفيات الذي يواصلون رحلة البحث عن الحقيقة، ويستمرون في أداء (مهنة المتاعب) في بلاط صاحبة الجلالة (الصحافة) بألا يتخلوا عن استقلاليتهم وموضوعيتهم وانحيازهم لصوت المواطن، وألا يشغلهم شاغل عن واجب الدفاع عن الوطن وإعلاء كلمته، والارتقاء بالأداء على المنصات وصولًا إلى لحظةٍ نردد فيها بفخرٍ وإعجاب: “لدينا في فلسطين صحافة حرة”.