العدوان على قطر..والقمّة وما بعدها
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الكاتب: طلال عوكل
بينما يتواصل التلاعب الأميركي المكشوف، بشأن إمكانية استعادة خطّ المفاوضات، للإفراج عن الرهائن ووقف الحرب العدوانية على قطاع غزّة، تستمر العملية العسكرية قُدماً نحو تدمير مدينة غزّة، وإفراغ سكّانها منها بالقتل أو الجوع والمرض، أو تكبيدهم معاناة الهجرة القسرية نحو الجنوب.
الحديث عن إمكانية العودة لطاولة المفاوضات، واللقاءات التي يُجريها ستيف ويتكوف مع قطر، ليس إلّا لإضاعة الوقت، وتمديده لصالح ارتكاب المجازر واستمرار التدمير في مدينة غزّة، وكل أنحاء القطاع.
الإدارة الأميركية التي تتبادل مع دولة الاحتلال، عمليات التضليل لم تعد كما نتنياهو مهتمة على ما يبدو بالإفراج عن الرهائن عَبر المفاوضات، حتى لا تواجه سؤال وقف الحرب الدموية، وأسئلة «اليوم التالي».
دونالد ترامب يقول أمام وسائل الإعلام إنه لم يطّلع على تقرير الأمم المتحدة الذي يتحدث عن حرب إبادة جماعية ترتكبها الدولة العبرية، وإنه لم يطّلع سوى على ما وقع في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر. ولتأكيد شراكة إدارته، لما تقوم به الأخيرة تعلن إدارته عن صفقة أسلحة بـ 6,4 مليار دولار.
لا يعترف ترامب بأنه يجرّ بلاده، نحو عزلة دولية متزايدة كما هو حال شريكه في دولة الاحتلال، الذي يعترف أخيراً بأن دولته، تواجه عزلة دولية متزايدة، وتعاني اختناقاً اقتصادياً.
الولايات المتحدة لم تتوقّف عن بذل كل جهد ممكن، للضغط على الدول التي تعترف أو تتّجه نحو الاعتراف بدولة فلسطين، لكنها فشلت في وقف هذا «التسونامي».
للمرّة السادسة منذ «طوفان الأقصى»، ترفع المندوبة الأميركية «الفيتو» في وجه مشاريع قرارات، لوقف الحرب الإبادية وإدخال المساعدات الإنسانية.
14 دولة في مجلس الأمن و142 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مقابل الولايات المتحدة في مجلس الأمن، وعدد قليل معها من الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعني أن المجتمع الدولي بأسره يتحوّل عن دعم الشركاء الأميركيين والإسرائيليين.
لا حلول لدى إدارة ترامب، التي يجرّها نتنياهو، نحو هذه العزلة، بل نحو المجهول، دون أيّ ضمانات، لتحقيق الأهداف سواء المعلنة، أو غير المعلنة تجاه القضية الفلسطينية والشرق الأوسط.
نتنياهو يقرّ علناً بهزيمة السردية الإسرائيلية، ويرى أن الحل هو تخصيص المزيد من ملايين الدولارات في مجال الإعلام.
وإزاء العزلة وتدهور الأوضاع الاقتصادية، يرى أن سياسة الاعتماد على الذات «نموذج إسبارطة» هو الحل، متجاهلاً أن كيانه، اعتمد في قيامه ومنذ نشأته على المعونات والهبات الخارجية، وأن الزمن يختلف بصورة جذرية.
كلّ المؤشّرات، تفيد بأن الحلف الأميركي الإسرائيلي مستمرّ في شنّ وتوسيع الحروب في المنطقة، فلا حلّ عاجلاً في قطاع غزّة، ولا حلّ مقبولاً للمجتمع الدولي في الضفة الغربية، ولا حلّ في لبنان، أو حتى في سورية.. ويعتقد ترامب أن مشكلته الرّاهنة هي معالجة التوتّر بين قطر ودولة الاحتلال، بعد عدوان الأخيرة عليها.
قد يكون ترامب شعر بالرضا، من مخرجات القمة العربية الإسلامية الأخيرة التي انعقدت، بطلب من قطر لمواجهة العدوان عليها، وبأن تلك المخرجات تجاهلت النبرة الجدّية العالية، التي اتسمت بها خطابات بعض الرؤساء في القمة.
غير أن الإدارة الأميركية تجاهلت، التطورات التي أعقبت القمّة، ولم تعلّق عليها حتى الآن، وكأنها لا تريد أن تصدق ما يجري أو أنها على ثقة بقدرتها على احتواء تلك التطوّرات المهمّة.
العرب في قمتهم لم يتخذوا قراراً بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك، ولا يبدو أن الإدارة الأميركية تأخذ على محمل الجدّ اجتماعات المجلس العسكري المشترك لمجلس التعاون الخليجي.. ولكن، ثمّة ما يدعو واشنطن وتل أبيب للقلق من ردود الفعل العملية، التي أعقبت الرسالة الإسرائيلية التي تشير إليها عملية قصف الدوحة.
السعودية التي تقيم علاقات تحالف إستراتيجي مع الولايات المتحدة تقرر التوقيع على اتفاقية دفاع مشترك مع باكستان الإسلامية النووية.
وزير الدفاع الباكستاني، أعلن مباشرة بعد توقيع الاتفاقية أن قدراتها النووية ستكون متاحة للسعودية، عند حاجتها لذلك. الباكستان المرتبطة بعلاقة وثيقة مع الصين، كانت قد أعلنت خلال حرب الـ 12 يوماً على إيران، أنها تقف بكل قوة إلى جانب الأخيرة.
أما مصر، فإنها تذهب نحو تركيا، حيث ستجري معها مناورات، في شرق المتوسط، فيما يبدو أنه مؤشر على تطوّر كبير في علاقات البلدين، استشعاراً لمخاطر قادمة معلوم مصدرها.
الإمارات العربية المتحدة، اتخذت خطاً مغايراً، حيث ذهبت لتوقيع اتفاق دفاعي مع الهند، الموالية للولايات المتحدة والمرتبطة بعلاقة وثيقة مع دولة الاحتلال، رغم ميولها الأخيرة نحو الصين خلال قمّة شنغهاي.
وفي تطوّر مثير، أيضاً، الرسالة العلنية المفتوحة التي وجّهها «حزب الله» اللبناني إلى السعودية، في خطاب يدعو للمصالحة، ودفن الخلافات الماضية، خصوصاً في ضوء فشل المحاولات الأميركية، في الضغط على الدولة العبرية للمساعدة في تمكين الحكومة اللبنانية من محاصرة الحزب وسلاحه.
وبين هذه وتلك، تشير التطوّرات إلى تحسُّن العلاقات الإيرانية المصرية، والإيرانية السعودية، فيما يعني أن الكل في المنطقة يُعيد تعريف العدوّ الرئيس.
هكذا تفشل الولايات المتحدة، فيما كانت تسعى إليه منذ سنوات، بإقامة حلف «ناتو» عربي إسلامي، من «الدول المعتدلة» يكون الكيان المحتل جزءاً منه وبقيادة أميركية.
لقد أفشل نتنياهو كل تلك التوقعات، والأهداف بما في ذلك، توسيع دائرة «اتفاقات أبراهام»، ويواصل الاعتقاد بأن السبيل الأمثل لتحقيق ذلك، هو القوة، والهيمنة.
نتنياهو يخوض حروباً لتحقيق أهداف غير واقعية، لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط، وإقامة الدولة اليهودية على كامل أرض فلسطين التاريخية، لكنه في الواقع يخوض حرباً ضدّ كيانه، تهدد كل مجالات الحياة فيها، والأنكى أنه يجرّ الدولة العُظمى إلى الهاوية.