الفلسطينيون و الاسرائيليون يتبادلون اللكمات
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

الكاتب | سفيان أبو زايدة
على الرغم من الاستعدادات الأمنية الاسرائيلية و اتخاذ كل ما يلزم من اجراءات نظراً لحساسية شهر رمضان الا أن ما كانوا يتمنون عدم حدوثه قد حصل ، أربع هجمات خلال أسبوعين تركت خلفاها أربعة عشر قتيلا في بئر السبع و الخضيرة و بني براك و تل أبيب.
وعلى الرغم أن الأربعة عمليات لا علاقة تنظيمية او فكرية بين منفذيها الا أن هذه الحقيقة بالنسبة للاسرائيليين لا تخفف من قلقهم و خوفهم أن هناك وضع امني مختلف عما كان سائدا خلال الأشهر الأخيرة التي اتسمت بالهدوء النسبي.
أسئلة كثيرة تدور في الأذهان حول طبيعة الردود الاسرائيلية على هذه العمليات و التي وفق تقديراتهم لا يوجد أي ضمانه أن لا يكون هناك عمليات مشابهة خلال الأيام و الأسابيع المقبلة. سواء كان المنفذين من الذين يحملون الهوية الاسرائيلية كما حدث في بئر السبع و الخضيرة أو فلسطينيين من محافظات الضفة كما كان الحال في هجومي بني براك و شارع ديزنقوف في تل أبيب.
و السؤال هو هل الحكومة الاسرائيلية التي تترنح بعد فقدانها للاغلبية البرلمانية قادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية باجتياح الضفة الغربية او على الأقل شمالها و شن عدوان جديد على غزة في حال اسنادها للضفة ام ان الامر غير ممكن بسبب عدم حالة
الاستقرار السياسي؟ سيما ان هناك جدل داخل المؤسسة الأمنية الاسرائيلية من ناحية و جدل بين السياسيين انفسهم في كيفية التعامل مع الوضع الأمني في الضفة الغربية خاصة في كل ما يتعلق بابقاء الضفة مفتوحة امام سوق العمل الاسرائيلي و استمرار دخول عشرات الآلاف من العمال يوميا رغم الوضع الامني المتوتر أو فرض اغلاق شامل على الضفة بالتوازي مع توسيع عمليات الجيش الاسرائيلي خاصة في شمال الضفة قبل ان يعاد فك الحصار من جديد.
حتى الآن الرأي السائد هو استمرار فتح معابر الضفة أمام العمال الفلسطينيين لأن اغلاقها يعني تدهور الوضع الاقتصادي و حشر الفلسطينيين في الزاوية مما سيخدم هذا الامر الجهات التي ترغب في التصعيد و ترغب ان تدخل كل الضفة على خط المواجهة وليس فقط شمالها و بالتحديد جنين و مخيمها و ريفها. بل التقديرات في حال الاغلاق ان حالة الغليان و التمرد و الصدام مع قوات الاحتلال ستنتشر في كل المحافظات.
أصحاب هذا الرأي في استمرار بقاء الضفة مفتوحة قد يستطيعون فرضه حتى الآن و الاكتفاء بالاجراءات الامنية التي تم اقرارها من اغلاق الثغرات في الجدار الفاصل و تعزيز قوات الجيش بقوات اضافية و زيادة وتيرة الاعتقالات و المداهمات اضافة الى الاجراءات الامنية داخل المدن الاسرائيلية خاصة الاماكن العامة لمنح الاسرائيليين الشعور بالامان .
لكن أصحاب هذا الرأي لن يستطيعوا استمرار الدفاع عنه في حال حدوث عمليات اخرى تؤدي إلى سقوط قتلى في صفوف الاسرائيليين . حينها ستكون الخيارات محدودة في اغلاق شامل و ربما تنفيذ عملية عسكرية كبيرة على غرار السور الواقي التي نفذها الجيش الاسرائيلي عام ٢٠٠٢ عندما تم اعادة الاحتلال فعليا للضفة الغربية.
لن يكون هناك مشكلة أمام حكومة نفتالي بنت التي تترنح ومن المتوقع سقوطها بعد الانتهاء من اجازة الكنيست الاسرائيلي أو على الاقل بقاءها مشلولة، لن يكون لديها مشكلة من اتخاذ قرارات تتعلق بالوضع الامني إذا ما أوصى الجيش الاسرائيلي و أجهزته الامنية على اتخاذها و لن يكون هناك مشكلة لتنفيذ ما يراه ضروريا للسيطرة على الوضع ، سيما بعد ان اعلن نفتالي بينت بعد هجوم شارع ديزنقوف ان يد الجيش و اجهزة الامن غير مقيدة و ليس هناك أي خطوط حمراء لاعادة السيطرة على الوضع الأمني، على الرغم من ادراكهم بأن اجتياح الضفة او حتى شمالها فقط قد يؤدي الى انعكاس الوضع على غزة و يأخذون بعين الاعتبار انهم سيجدون انفسهم في حرب شامله مع الفلسطينيين .
في كل الأحوال كل من هو عاقل سواء في اسرائيل او اي مكان اخر في العالم يدرك بأن هذا الصراع بين الفلسطينيين و الاسرائيليين سيتواصل الى ان يكون هناك حل سياسي عادل يعطي الفلسطينيين حقوقهم و يؤمن لهم العيش في دولتهم المستقلة. و ان الحلول العسكرية من اجتياحات و اعتقالات و تدمير التي فشلت في السابق ستفشل ايضا في المستقبل.
انشغال العالم اليوم في ازمات عالميه كبرى و حالة الانقسام و التشظي الداخلي الفلسطيني الذي تستفيد منه اسرائيل جيدا و التجاهل الاسرائيلي الرسمي لاي خيار سياسي بما في ذلك الرفض للعودة الى طاولة المفاوضات على اساس حل الدولتين الذي يتلاشى مع مرور الزمن لا يعالج المشكلة ولا يخدم حتى المصالح الاسرائيلية حيث الهروب من حل الدولتين يكون فقط باتجاه واحد و هو تعزيز خيار حل الدولة الواحدة الذي هو اسوء بكثير بالنسبة للاسرائيليين من حل الدولتين. الى ذلك الحين للاسف الشديد سيواصل الاسرائيليون و الفلسطينيون تبادل اللكمات و الصفعات رغم عدم تكافؤ الفرص.