رفح عقب النزوح الكبير ..من منطقة آمنة لشوارع خالية
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

تمسك المواطنون في حي تل السلطان غرب رفح بالبقاء في منازلهم حتى اللحظة على الرغم من أن مدينة رفح باتت غير آمنة منذ تنفيذ الاحتلال االإسرائيلي عملية برية شرق المدينة في 6 مايو الجاري ، المدينة التي كان يقطنها أقل من 300 ألف نسمة قبل اندلاع الحرب، لكنها أصبحت آخر ملاذ للنازحين الذين أجبروا على مغادرة منازلهم، حيث يُقدر عددهم بأكثر من مليون شخص.
ولا يزال هذا الحي “ينبض بالحياة”، رغم مغادرة غالبية النازحين فيه إلى وجهات مختلفة، ويقول الخطيب للجزيرة نت إن العملية العسكرية البرية في شرق المدينة أصابت السكان والنازحين بالفزع، وفضل كثيرون النزوح خشية اتساعها نحو باقي أحياء ومناطق المدينة.
وتبدو شوارع رفح خالية بينما تواصل العائلات الفرار بحثا عن الأمان، ويواجه أفرادها إرهاقا مستمرا، وجوعا وخوفا، حيث لا مكان آمنا في قطاع غزة، بحسب بيانات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
نزوح كبير
بخط وهمي رسمه بـ”قوة النيران” يقسّم الاحتلال مدينة رفح -أصغر مدن القطاع- إلى نصفين: غربي وأكبر أحيائه تل السلطان، وشرقي يضم مخيمي “يبنا” و”الشابورة” للاجئين، وأحياء البرازيل والجنينة والسلام والشوكة، وغيرها من مناطق قريبة من معبر رفح مع مصر والسياج الأمني الإسرائيلي، وقد تحولت هذه المناطق إلى “مدن أشباح”.
وتعتبر الحركة من بعد مفترق زعرب شرقا محفوفة بخطر شديد، رغم أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية لم تشمل كل هذه المساحة، لكن الناس تخوفت من عملية كبيرة وواسعة، وكثير من السكان والنازحين قرروا مغادرة المدينة، تحسبا من مصير يشبه ما حدث في مدينة خان يونس المجاورة.
وتشير تقديرات دولية ومحلية إلى أن زهاء 800 ألف فلسطيني نزحوا عن مدينة رفح حتى اللحظة، غالبيتهم من الذين أجبروا على مغادرة مناطق سكنهم، عقب اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، حيث كان “تل السلطان” أحد أكثر الأحياء استقبالاً للنازحين، واكتظت بهم منازل الأقارب والأصدقاء، ومراكز الإيواء، والخيام المنتشرة في الشوارع والأراضي والميادين والساحات العامة.
مزاعم الإنسانية
تقول وكالة “أونروا” إن النازحين غادروا غالبية مراكز الإيواء في رفح، ولجؤوا إلى المواصي في خان يونس ودير البلح، التي باتت مكتظة بشكل لا يطاق، وتعاني من أوضاع إنسانية مزرية.
ورغم أن مواصي رفح لا تقع في نطاق ما حددها الاحتلال بـ”المنطقة الإنسانية الموسعة”، التي تبدأ من خان يونس حتى شمال دير البلح في وسط القطاع، وفضلا عن أجواء الرعب التي يعيشها النازحين في تلك المنطقة، فإنهم يعانون في تدبير المياه والاحتياجات الأساسية.
وتوقفت حركة تدفق المساعدات إثر اقتحام الاحتلال لمعبر رفح وإعادة احتلاله، وتقول “الأونروا” إن العملية العسكرية الحالية في رفح تؤثر بشكل مباشر على قدرة وكالات المساعدات على إدخال الإمدادات الإنسانية الحيوية.
سجن كبير
تأثرت الخدمات والنظافة في مدينة رفح بشكل مباشر، نتيجة شح الوقود اللازم لآليات جمع وترحيل النفايات، وتشغيل آبار المياه الرئيسية، وبحسب الصوفي فإن طواقم البلدية يتعذر عليها العمل في شرق المدينة ووسطها، وقد باتت تفتقر للخدمات الأساسية وأبرزها المياه.
عبر رفح الذي يعتبر المنفذ الوحيد للغزيين نحو العالم الخارجي، ومنع سفر المرضى والجرحى ودخول المساعدات، إضافة لإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد، كحكم بالإعدام البطيء على 2.2 مليون غزي.
وبإغلاق هذين المعبرين _معبر رفح ومعبر كرم أبوسالم _ يتحول القطاع إلى “سجن كبير”، ووفقا لمدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة فإن “استمرار إغلاق المعبرين ينذر بمجاعة”، ويقول للجزيرة نت إن احتلال معبر رفح أوقف تدفق المساعدات الإنسانية، وحرم أكثر من 10 آلاف جريح ومريض من فرصة السفر للعلاج بالخارج.
وأدت العملية العسكرية في شرق رفح إلى خروج مستشفى أبو يوسف النجار الحكومي الوحيد عن الخدمة، إضافة إلى مراكز الرعاية الأولية في شرق المدينة ووسطها، ولا تتوفر حاليا ثلاجات لحفظ الموتى أو وحدة لغسيل الكلى، وكثير من الخدمات الطبية الأخرى، ويقول رئيس بلدية المدينة إن حياة من تبقى في المدينة، والجرحى والمرضى، في خطر شديد.
وتبذل وزارة الصحة ومنظمات دولية جهودا مضنية لإعادة تشغيل مستشفى ناصر الحكومي في خان يونس، التي انتقلت إليها أعداد من النازحين جلهم من سكانها الأصليين الذين فضلوا استصلاح أجزاء من منازلهم المدمرة والإقامة فيها عن حياة الخيام.