قرار مجلس الأمن.. مهددات كثيرة وفرص قليلة
شبكة الخامسة للأنباء - غزة

د. أحمد حسني
قرار مجلس الأمن الدولي (2803)، هو نتاج طبيعي لميزان العدالة المختل، الذي ينحاز تاريخيًا للقوي ولا يلقي بالًا لحقوق الضعيف، وهو في ذات الوقت نتاج سلسلة طويلة من المغامرات والعبث والمقامرة بشعب بأكمله، دون مراعاة لموازين القوى أو بمصالح الناس، ودون أي مسؤولية وطنية عن أكثر من مليوني إنسان تركوا وحدهم تحت القصف والدمار والتشريد والجوع والمرض، ودفعوا وحدهم ثمن قصر النظر و العنتريات والمكابرة التي دمرتنا ودمرت قضيتنا لعقود قادمة.
هذه الوصاية الجديدة التي قد تطول بحيث يتم تمديدها بعد عامين (وفق البند الثامن من مشروع القرار) بالتشاور مع الأطراف المعنية، والتي في مجملها تشكل ترتيبات أمنية واقتصادية تعيد هندسة ديموغرافيا ما تبقى من قطاع غزة وتخلق واقع سياسي جديد وممتد، وتضع اشتراطات مطاطة صعبة القياس للدخول في مسار سياسي (قد يفضي إلى دولة فلسطينية ما)، تضعنا أمام ساعة الحقيقة التي تستوجب وقفة مع الذات وتجرد من منطق الشعارات إلى خطوات سريعة تقلل من مخاطر ومثالب القرار وهي (كثيرة) وتبني على بعض الفرص (القليلة) فيه وتنميها، وتنزع كل الذرائع أمام تحقيقها، وعلى رأسها مسألة السلاح الذي أضحى عبئًا علينا، فلا يمكن بحال اختزال حق شعبنا الثابت والأصيل في مقاومة المحتل بالسلاح وحده.
هذا كله يتطلب قيادة واعدة متجددة ومؤهلة تبدأ بشكل جاد وحقيقي بإصلاحات جذرية تطال النظام السياسي الفلسطيني برمته، ليس لأنها اشتراطات مسبقة بل لأنها مصلحة ومطلب شعبي دائم، بحيث تنسق هذه القيادة مع هيئة فاعلة في غزة قادرة على استخلاص العبر والاستفادة من الدروس والتجارب المريرة، وغير مرتهنة لفصائل النكبة التي جلبت لنا كل هذه الكوارث، وجاهزة لبذل التضحيات في سبيل الخروج من هذا النفق المظلم بأقل الخسائر، وإبعاد شبح التهجير والفصل الجيوسياسي بين جناحي الوطن.





