ثابتحكايا في زمن الحربطوفان الأقصى

ليلة في حضن الوجع: قصة وداع عائلة أبو شعبان لابنها الشهيد

ليست هذه الحكاية الأولى، ولن تكون الأخيرة، لكنها واحدة من آلاف القصص التي تكتبها غزة بالدمع والدم

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

حكايا في زمن الحرب إعداد:سهر دهليز

ليست هذه الحكاية الأولى، ولن تكون الأخيرة، لكنها واحدة من آلاف القصص التي تكتبها غزة بالدمع والدم. في ليلة الجمعة، فجعت حارة كاملة في قطاع غزة بنبأ استشهاد الشاب إبراهيم أبو شعبان. لم تكن هناك حاجة لكلمات مواساة، فالصمت وحده كان يملأ المكان، والمشاعر أعجز من أن تُروى.

حين وصل نبأ استشهاد إبراهيم، اتخذ والده، *أحمد أبو شعبان*، قرارًا استثنائيًا دون الاكتراث لأراء المحيطين:
“هاتوا ابني ينام عندي الليلة، وبكرة الصبح يطلع من بيته عريس.”
قرار مفاجئ وصعب في آنٍ واحد، لكن الأب المفجوع أراد أن يمنح ابنه وداعًا يليق به… من بيته، وسط أهله، وبين من يحب.

ورغم محاولات الأصدقاء والأقارب إقناعه بتأجيل الدفن حتى الصباح دون المبيت، أصرّ الأب المكلوم، ليُحمل إبراهيم على الأكتاف، ويوضع جثمانه الطاهر في صالة المنزل، المكان الذي كان يجمع الأحبة… وتحول هذه المرة إلى مكان وداع أبدي.

قناة واتس اب الخامسة للأنباء

قضت العائلة ليلة كاملة بجواره. التفوا حوله، لم يتركوه لحظة واحدة. لم يُغطّوا وجهه، بل أبقوه مكشوفًا، وكأنهم يخشون أن ينسوا ملامحه.
وبصوت يختنق بغصة الحزن والألم والد الشهيد إبراهيم قال: “كنا كلنا حوله، حتى ساعات الصباح الأولى، نحكي معه، نبكيه، ندعو له، ونقبّله كأننا نوقظه من نومه.”
والدته كانت تهمس له كما اعتادت، وخطيبته بقيت تحدّق فيه طويلاً بصمت موجع، وكأنها تحاول حفر صورته في ذاكرتها للأبد. إخوته وأخواته، المغتربون منهم والحاضرون، أولاد عمومته، أصدقاؤه، جيرانه… لم يكن أحد غائبًا.

هذه ليست قصة بطولية من فيلم درامي، بل مشهد يومي في غزة، حيث الفقد أصبح طقسًا، والشهادة قدرًا. إبراهيم لم يكن أول شهيد في الحي، ولن يكون الأخير، لكن وجعه مختلف، لأنه ترك وجعًا يشبه الجرح المفتوح في صدر من عرفه.

هنا غزة… حيث الشهداء يعودون إلى بيوتهم لليلةٍ أخيرة، قبل أن يرحلوا عرسانًا إلى السماء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى