شبكة الخامسة للأنباء - غزة
خاص الخامسة للأنباء
مات الرئيس ،الرئيس بخير ،الرئيس أصيب بوعكة ،تضاربت الأنباء واتسعت رقعة الشكوك ، ولا مصدر رسمي لتبيان الحقيقة ، الجدل اتسع أكثر فأكثر حتى ترقب الشارع كلمة وصفت بالهامة ،فلم يظهر بها الرئيس عباس الذي شارف على ال87 عاماً ،بل تحدث بصورته وأرفقت لاحقاً له صورة لم تبرهن صحتها من مكتبه برام الله.
لا جدل بأن الأعمار بيد الله، لكن الوعكات الممتالية التي تصيب الرئيس عباس، تثير قلق وترقب جميع الأركان السياسية في فلسطين و “اسرائيل”.
ماذا في اليوم التالي بعد رحيل الرئيس؟
من سيخلفه؟
في وقت تزداد فيها حدة الخلافات الفتحاوية الداخلية من جهة، ومواقف متباينة للفصائل والقوى الأخرى.
فقد حاورت شبكة “الخامسة للأنباء” محللون سياسيون لقراءة تحليلاتهم والوقوف على أهمها ..
عدة سيناريوهات متوقعة
أبرز هذه التحليلات والإجابة على هذه التساؤلات كانت للحقوقي والسياسي صلاح عبد العاطي: “تطرح وفاة الرئيس لأي سبب من الأسباب جملة من التعقيدات والتحديات وعمق الأزمة الفلسطينية الراهنة، في ظل النظام السياسي الفلسطيني الحالي القائم على التفرد، الرئيس يملك ثلاث صفات وبالتالي فيما يتعلق بحركة فتح، تعقد الحركة اجتماع للجنة المركزية يتم من خلاله انتخاب رئيساً للحركة من بين أعضاء لجنتها المركزية، وحسم رئاسة الحركة يعني حسم باقي المواقع الأخرى، أما فيما يتعلق بالمنظمة، يستمر أمين سر المنظمة الذي تم تعيينه لفترة من الزمن في إدارة المنظمة حتى تجرى انتخابات أو يعاد انتخاب رئيس لمنظمة التحرير من قبل أعضاء اللجة التنفيذية، أما فيما يتعلق بالسلطة، الأصل وفق القانون أن يستلم رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة لمدة 60 يوم تجرى من خلالها انتخابات رئاسية وعلى ضوئها يحدد من هو رئيس السلطة القادم”.
تعقيدات بالجملة
ويرى عبد العاطي أن هناك مجموعة من الإشكاليات والتعقيدات قد تواجه انتقال مناصب الرئيس الثلاثة ما بعد رحيل عباس، وأن الإشكالية لا تكمن في الثلاث سلطات وكيفية انتقالها فقط، في ظل غياب المجلس التشريعي وحله وإنما الاشكالية أعظم من ذلك بكثير، حركة فتح ليست بخير وهي في أزمة عميقة بسبب عمليات الاقصاء وغياب وحدتها، إلى جانب الصراع ما بين مكوناتها المختلفة على أي من الرئاسات الثلاث، فاللجنة المركزية لفتح لم تطرح حتى الآن داخل أروقتها ماذا بعد وفاة الرئيس؟ ربما الذهاب إلى حالة من الصراع والاقتتال بين مكونات اللجنة المركزية لحركة فتح، وفي حال توافقت حركة فتح على خيارها للرئاسة، فهي لم تحسم بعد خيارها السياسي للاستمرار في أوسلو وبقاء السلطة، أو تغيير وظيفتها، أو الانتقال من السلطة للدولة، أو إصلاح منظمة التحرير التي لم تعد إلا إطار شكلي وبند من بنود موازنة السلطة الفلسطينية.
شكل السلطة بعد الرحيل؟
وحول شكل السلطة أجاب عبد العاطي بأن: “الأصل أن يكون هنالك اتفاق وطني على برنامج وأيضاً على السلطة، هل نريد بقاء السلطة بعد تغيير وظيفتها وجعلها سلطة خادمة للمشروع الوطني وخادمة لمصالح المواطنين ونقل وظيفتها السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد تفعيلها، أم نريد إلغاء السلطة ونقل كل مؤسسات السلطة إلى مستوى مؤسسات الدولة، أم نريد تشكيل حكومة تابعة لمنظمة التحرير”.
ويرى عبد العاطي، “نحن أمام إشكالية حقيقية وهناك سناريوهات عدة، السيناريو الأول: فيما يتعلق بالسلطة أن الترتيبات التي جرت مؤخراً في إطار نقل مجموعة من الصلاحيات للسيد حسين الشيخ، تهدف إلى سد حالة الفراغ وفق رأي واتجاه محدد في
السلطة يضمن من خلاله استمرار السلطة بذات الطريقة وذات الكيفية، هذا يتم من خلال:
- نقل صلاحيات المجلس التشريعي للمجلس الوطني، وبالتالي نقل السلطة لرئيس المجلس الوطني السيد روحي فتوح لمدة 60 يوم، تجري خلالها انتخابات رئاسية، ولكن الانتخابات لن تجري إلا في حال ضمان نجاح مرشح حركة فتح في حال توافقت فتح على مرشح وحيد لها، وبالتالي قد نكون أمام رئيس مستمر ولايته الي أمد طويل يجري هندسة بقائه دون إجراء الانتخابات.
- -أو أن يتم نقل السلطة لرئيس منظمة التحرير السيد حسين لمدة مؤقته 60 يوم، وبالتالي يبقى المؤقت دائم تحت مبررات مختلفة من بينها عدم قبول إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس أو غيرها من المبررات في إطار مشهد يغيب فيه الاتفاق الوطني على نقل السلطة.
- أو أن يكون هناك رئيس لحركة فتح أو رئيس للمنظمة ثم رئيس للسلطة، وبكل الأحوال هناك خلاف جدي في هذا المجال، وبالتالي هذا الأمر يتطلب توافقاً وطنياً بين كل مكونات الحالة الوطنية.
انتهاء دور المحكمة الدستورية
أما عن سيناريو تولي رئيس المحكمة الدستورية الذي جرى تعيينه من قبل الرئيس عباس، يوق عبدالعاطي: “بتقديري هذا السيناريو مستبعد خاصة ما بعد إتمام الترتيبات التي جرت في المجلس المركزي مؤخراً”.
ناصر اليافاوي كاتب ومحلل سياسي
تحدث اليافاوي: “لابد الإشارة إلى رزم من التساؤلات، لماذا كل هذا الاهتمام من قبل الصحف بصحة الرئيس محمود عباس، وتسليط الضوء على ذلك، يبدو أن الأمر يتم إدارته من قبل صحف إسرائيلية، يقف ورائها دهاقنة استخبارات، بهدف إرباك المشهد، والرئيس محمود عباس يبقى بشرا وسيموت كأسلافه من القادة”.
سيناريو تعيين نائب للرئيس
وحول السيناريوهات المتوقعة لما بعد رحيل الرئيس عباس قال اليافاوي: “إن خلو منصب الرئيس دون وجود من يخلف الرئيس بشكل قانوني، أدى لطرح تعيين شخصية في منصب نائب للرئيس يملئ الفراغ في حالة حدوثه، وذلك عن طريق انتخابه بشكل مباشر من المجلس المركزي الفلسطيني، باعتبار أن المجلس المركزي هو من ممد للرئيس والمجلس التشريعي بعد انتهاء المدة القانونية، وهو المؤسسة الوحيدة القادرة على اختيار هذا المنصب، في ظل صعوبة عقد المجلس الوطني لاختيار شخص تولي المنصب”.
سيناريو تعيين رئيس المحكمة الدستورية
ويرى اليافاوي: “قرار تشكيل المحكمة الدستورية من قبل الرئيس محمود عباس، مطلع هذا الشهر (إبريل/نيسان 2016) يحمل دلالات عدّة، ما يعني أن تشكيلها من قبل الرئيس محمود عباس جاء استعداد لما مرحلة ما بعده، وهي في الواقع محاكاة واستحضار للمشهد المصري بعد مرحلة الرئيس محمد مرسي، هذا السيناريو قابل بنسبة كبيرة وهو أحد أكثر السيناريوهات إمكانية للتحقق، خاصة بعد حل المجلس التشريعي، وعدم وجود رئيس للمجلس التشريعي، ورئيس المحكمة الدستورية سيكون البديل لمدة تتراوح من 60 يوماً إلى ستة أشهر”.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى اللداوي
حول الأخبار المتداولة عن صحة الرئيس عباس، مدى دقتها يقول اللداوي: “صحة الرئيس الفلسطيني الفلسطيني محمود عباس محل اهتمام الفلسطينيين جميعاً، وغيرهم من صناع القرار المحلي والإسرائيلي، والدولي والإقليمي، فقد شغل المراقبين والمتابعين، والمحبين والكارهين، والطامعين والطامحين، والخصوم والمتنافسين، وعامة الفلسطينيين وخاصتهم، لكننا أمام حقائق موضوعية وسنن إلهية، والأخبار باتت شبه متواترة، وعلى درجةٍ عاليةٍ من الصحة والدقة، فالرئيس غائبٌ عن الصورة، فلا يُرى ولا يُسمع، ولا يشارك في أنشطة ولا يظهر في فعاليات، ولا يعقب ولا يصرح، ولا يزور ولا يزار، ولا يستقبل ولا يودع، وزاد في الأمر غموضاً وتعقيداً محاولاتُ إظهاره الزائفة، ودبلجات صوته المكشوفة، والأخبار المغلوطة والمتناقضة، فهذه كلها تشير أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن في المقاطعة ما يخشى المسؤولون من إعلانه والكشف عنه، فالإعلان عنه قبل التهيئة صدمة، والكشف عنه قبل الترتيب فوضى”.
الأمر يصل لما بعد الموت ..
ويعتقد اللداوي: “الأمر لا يتعلق فقط بالموت والحياة، والغياب القسري والوفاة الطبيعية، بل يتعلق في حال تجاوز الموت الذي لا مفر منه، إلى الصلاحية والقدرة، والصحة والأهلية، الأمر الذي يجعل الساحة الفلسطينية أمام خياراتٍ ثلاث لا رابع لها، فإما أن يكون الرئيس الفلسطيني قد توفي فعلاً أو أنه على فراش الموت، وأن المعنيين منشغلون في الإخراج والتسوية، أو أنه أمام الاستقالة الجبرية لتدهور الصحة وفقدان الأهلية، وتسليم “الأمانة” إلى غيره، أو أن يبقى صورةً تحكم وتوقيعاً يرسم، وتوكل القيادة الفعلية إلى فريقٍ حوله، ممن يعلمون حالته ويعرفون كيف يسيرون الأوضاع باسمه، كما لو كان بينهم فاعلاً يأمر وينهى، ويصدر القرارات ويوقع المراسيم”.
الدستور المغيب والمجهول
قال اللداوي: “لن يقبل الأوصياء والأعداء، ولا المتنافسون والمرشحون، بتطبيق القانون الأساسي الفلسطيني “الدستور”، ويسلموا السلطة لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب د. عزيز دويك، تماماً كما حصل مع روحي فتوح الذي كان يشغل ذات المنصب عند وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ولعلهم لا يخالفون الدستور الفلسطيني لأول مرةٍ، إذ دأبوا على مخالفته كثيراً، وعدم الاعتماد عليه أبداً، وعليه فلا ينتظرن أحدٌ تطبيق الدستور، والانتقال السلس السلطة، تمهيداً لانتخاباتٍ رئاسية جديدة.
اليوم التالي لغياب الرئيس..
وحول اليوم التالي لغياب الرئيس عباس أجاب اللداوي: “اليوم التالي لغياب الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيكون يوماً مختلفاً، فيه ستطلع الشمس من مشرقها، ولكن التطورات لن تكون عاديةً، ولن تغرب شمس الأحداث بسهولةٍ في مغربها، فقد تتفلت الأجهزة الأمنية، وتخرج عناصرها عن السيطرة، وفيهم من المقاومين الكثير، ومن المعادن الوطنية النفسية الطاهرة التي تحن إلى ماضيها التليد وأصلها الناصع، وقد تندلع اشتباكاتٌ بين المتنافسين، تستخدم فيها الأسلحة النارية، ولدى المتنافسين ما يكفيهم من السلاح والأزلام لخلق معركةٍ وخوض اشتباك، أما الفلسطينيون فإنهم حتماً سيرفضون مرشحي العدو والأوصياء الدوليين والإقليميين، ولن يقبلوا “بكرازاي” فلسطيني يعينه العدو وتباركه القوى العظمى، وتعترف به الأنظمة العربية وتمنحه شرعيتها الرسمية، وهي شرعية جبرية وسلطة واقعية، تمارس بالقهر وتفرض بالقوة، وسيكون للقوى الفلسطينية الفاعلة كلمتها الوطنية ورأيها المستقل، وعندها من السبل والآليات للتعبير عن رأيها وفرض قرارها، وهي على الأرض فاعلة وعندها الأغلبية، ومعها الكثير من أحرار حركة فتح الغيورين على قضيتهم، والمتطلعين لاستعادة دورهم الرائد”.