مقالات الخامسة

مسيرة الاعلام والتصعيد الذي ما كان

شبكة الخامسة للأنباء - غزة

بقلم د. سفيان ابو زايدة
لقد تم تجاوز حقل الالغام مؤقتا دون انفجار شامل للوضع رغم استفزازات اليمين المتطرف في اسرائيل سيما ما حدث من صدامات خلال اقتحام المستوطنين لباحات المسجد الاقصى وكذلك الاصرار على مرور المسيرة من باب العامود و الحي الاسلامي وصولا الى حائط البراق بدل من دخولها من باب الخليل القريب من حائط البراق كمان كان يحدث في السنوات الماضية.
كان هناك تقديرات ان تكون هذه المسيرة الاستفزازيه في اهدافها و خط سيرها ان تؤدي الى الانفجارات.
الطرفان الرئيسيان في هده المعادلة ، فصائل المقاومة في غزة و اسرائيل ، كلاهما تعامل مع الامر بمنتهى الجدية مع اعلان حالة الاستنفار القصوى بكل ما يعني ذلك من استعدادات لحدوث مواجهة محتمله رغم حرص الاطراف علي عدم الذهاب الى هذا المربع سوي مكرهين.
اسرائيل ومنذ اكثر من اسبوع و الطائرات بدون طيار( الزنانات) لم تفارق سماء غزة طوال النهار و الليل مع تعزيز قوات على الحدود و اعادة انتشار لبطاريات القبة الحديدية ترافقها تصريحات نارية من قبل القيادات العسكرية و السياسية بان الرد الاسرائيلي سيكون غير مسبوق في حال دخول غزة علي خط المواجهة.
في غزة فصائل المقاومه اتخذت كل الاستعدادات اللازمة من اجل التعامل مع سيناريو العدوان ، خاصة يوم امس خلال المسيرة . الناس في غزة وفي غالبيتهم العظمى و على الرغم من تعاطفهم الشديد مع القدس و اهلها واستعدادهم للتضحيه من اجلها كانت تضع يدها على قلبها و تدعو الله ان لا تتورط غزة في حرب اخرى تعمق من جراحها التي لم تتعافى بعد من عدوان العام الماضي.
لقد تنفس اهل غزة الصعداء، و انا اولهم ،عندما مر هذا اليوم دون الضغط على الزناد ، حتى اولئك الذين يسخرون من عدم دخول غزة على خط التصعيد بينهم و بين انفسهم يقولون الحمد الله ان الامور عدت بسلام.
بدون التقليل من شأن المقاومة في غزة و التهديدات التي اطلقتها من هناك و التي حُسب لها الف حساب و تعاملت اسرائيل معها و مازالت بمنتهى الجدية ، ودون المبالغة في هذه القدرات و تأثيرها الاستراتيجي على مجريات الصراع يجب الاخذ بعين الاعتبار ان غزة ليست قوة عظمى. غزة ليست كوريا الشمالية او روسيا او الصين ، لذلك يجب عدم المبالغة في هذه القوة و تأثيرها ، وثانيا المعركة حول القدس و المعركة مع الاحتلال لا تحسم في جولة قتال و لا تحسم خلال مسيرة الاعلام و لا تحسم من منطقة جغرافيه واحده او بأسلوب كفاحي واحد.
القدس بكل ما تعنيه من اهميه لنا كفلسطينيين و على اهميتها في هذا الصراع الدائر على هذه الارض هي قضية كل الفلسطينيين و قضية كل العرب و قضية كل المسلمين و الصراع حولها يحسم بالنقاط و بالتراكم و لا يحسم لا بضربة و لا بصاروخ و لا يحسم بعواطف.
اسرائيل التي تمتلك القوة اكثر منا بكثير لم تستطع حسم الصراع على القدس بالضربة القاضية حتى بعد احتلالها عام ٦٧ و بعد ان اعلنتها عاصمة موحده و ابدية كما يقولون و بعد ان وسعت مساحتها الى عشرة اضعاف و احاطتها بسلسلة من المستوطنات و عزلت المدينة عن باقي المدن الفلسطينية من الشمال و الجنوب و بعد ان اتخذت كل الاجراءات العنصرية من اجل تهجير سكانها ومع ذلك خذوا بعض المعلومات التي قد تفيد في فهم الصورة.
اولا: رغم كمل الاجراءات الاسرائيلية بحق اهل القدس الا انه ما زال يعيش ما يقارب ٣٥٠ الف فلسطيني ، اي حوالي ثلث السكان هم من الفلسطينيين

ثانيا: رغم كل التحفيز الاسرائيلي و الادعاء بتوحيد المدينه ،شرقها وغربها ، وهنا لا اتحدث عن شعفاط و عناتا و قلنديا و الرام التي هي خارج جدار الفصل العنصري، و لا اتحدث عن الاحياء الفلسطينية خارج الاسوار مثل العيسوية و الشيخ جراح و الطور وصور باهر . اتحدث هنا عن البلدة القديمة و باب العامود و الاحياء الفلسطينية داخل الاسوار ، الغالبية العظمى من الاسرائيليين لم يكونوا في هذه الاماكن و لا يعرفونها.
ثالثا: الغالبية العظمى من اليهود المتدينين يلتزمون بقرار المرجعيات الدينية بعدم جواز الدخول الى باحات المسجد الاقصى ويعتبرن الدخول في هذا المكان هو من اكبر الكبائر حيث الاعتقاد ان هيكل النبي سليمان كان هناك و ان قدس الاقداس و عظام سيدنا يوسف مدفونه هناك ، و بما انه غير معروف بالضبط اين مدفونه حسب اعتقادهم، لذلك حرام شرعا تدنيس هذا المكان. فقط قله قليلة من المستوطنين و اليمين المتطرف لاسباب قومية اكثر منها دينية هم الذين يقتحمون الاقصى و يدنسون هذا المكان.
رابعا: رغم الاجراءات الاسرائيلية في القدس و التعامل معها على انها العاصمة الابدية ورغم كل المحفزات الاقتصادية لتطويرها و تشجيع الاستيطان في احياءها ، على الرغم من ذلك ما زالت القدس متخلفه اقتصاديا بالمقارنة مع المدن الاسرائيلية الكبرى، لذلك يحاولون ليل نهار القول بأنها عاصمتهم الموحده و الابدية و التي ستبقى موحده .
على اية حال ، الصراع حول القدس سيتواصل في الايام و الاسابيع و الاشهر و السنوات المقبله. و الصراع هنا على الروايه و على الايمان الديني و على الحجارة و على عدد السكان و على الهوية و هو صراع غير منفصل عن القضية الفلسطينية ككل، وبالتالي حسم هذا الصراع لن يكون بمعزل عن حسم الصراع على الدولة و الهوية الفلسطينية.
الخلاصة ، ادارة هذا الصراع تحتاج الى ارادة و عقل و قوة و وحدة موقف و اعادة بناء للنظام السياسي الفلسطيني و لا يحتاج الى عواطف و شعارات كبيرة و مبالغة بالقوة احيانا او التسخيف من القدرات في احيانا كثيره خاصة من باب المناكفات السياسية.
من اجل حسم الصراع على القدس و لكي نحقق اهدافنا الوطنية نحن بحاجة الى وحدة موقف و ووحدة حال و وحدة نظام سياسي . نحن بأختصار بحاجة الى خارطة طريق جديدة تراكم على ما تم تحقيقه من انجازات و تتخلص من كل السلبيات و المعوقات التي تثقل علينا المسير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى