هاني حبيب: القدس.. ما بين القنصلية الأميركية.. والملف الصيني!
شبكة الخامسة للأنباء - غزة
تقوم اليوم، المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل بزيارة إلى إسرائيل هي الأولى بعد زيارتها الأخيرة بعد ثلاث سنوات. زيارات ميركل المتتابعة لإسرائيل كانت بعد استجابة الاحتلال لشروطها لكي تقوم بهذه الزيارات بعد موقف هدم الخان الأحمر. الاحتلال أرجأ عملية الهدم أكثر من مرة استجابة لضغوط ميركل وقد ترجمت المستشارة هذا الموقف في البيان الصادر عن اجتماع المستشارة الألمانية مع المعارضة الإسرائيلية أثناء زيارتها قبل ثلاث سنوات، وجاء فيه أن هدم الخان الأحمر هو جريمة حرب وانتهاك للقانون الدولي، وعلى المجتمع الدولي المساعدة في وقف هدم الخان الأحمر من خلال تكثيف الضغوط على الحكومة الإسرائيلية.
الولايات المتحدة تكرر موقفها الرافض لتوسيع البناء في المستوطنات، إلاّ أنها لم تفعل ما فعلته ميركل ولم تضغط باتجاه تأكيد موقفها بشكلٍ واضح، ويقال إنّ اجتماع بينيت مع بايدن نهاية آب الماضي قد تناول هذه المسألة بالاتفاق على قنوات اتصال هادئة بحيث لا تشكّل هذه المسألة توتراً بين الجانبين، أمّا بينيت وإثر عودته من واشنطن قال لقادة المستوطنين إنه رفض طلب بايدن بخصوص البناء في المستوطنات، وأنّ إسرائيل سوف تستمر في البناء الاستيطاني لتلبية احتياجات النمو السكاني حسب زعمه.
ما يفسر الموقف المرتبك غير الضاغط على إسرائيل من قبل إدارة بايدن حول هذا الملف أنّ هذه الإدارة تتجنب توتير العلاقات مع الإدارة الإسرائيلية كما كان الأمر عليه إبان إدارة أوباما وحكومة نتنياهو، وتخوفاً من أنّ مثل هذا التوتّر قد يشجع المعارضة اليمينية بزعامة نتنياهو إضافة إلى اليمين المتشدد داخل حكومة بينيت، من أن تتكلل مساعيهما للإطاحة بحكومة بينيت التي تنظر إليها إدارة بايدن باعتبارها الأفضل في التعامل معها مقارنة مع البدائل الأخرى، خاصة في حال عودة نتنياهو إلى رئاسة الحكومة من جديد.
إلاّ أنّ إدارة بايدن تحاول أو تمارس ضغوطها باتجاهٍ آخر والمتعلق بفتح القنصلية الأميركية في القدس، إذ إنّ هناك قراراً بهذا الشأن إلاّ أنّ موعد التنفيذ ما زال عالقاً بالنسبة لإسرائيل، فإن فتح القنصلية يضعف إلى حدٍ كبير الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة للدولة العبرية في عهد ترامب، وإنّ من شأن ذلك إعادة الأمر على ما كان عليه قبل القرار المذكور للاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، إذ إنّ المطروح هذه المرة مكانة القدس بالدرجة الأولى.
ويبدو أنّ تنفيذ القرار المتعلق بفتح القنصلية يرتبط بملفات أخرى أحدها الملف المتعلق بالعلاقات الاسرائيلية – الصينية، خاصة أنّ هذا الملف على رأس قائمة جدول أعمال المحادثات التي سيجريها رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيان حولتا هذا الأسبوع في واشنطن، إثر تحذير أميركي جديد من أن التعاون الاسرائيلي – الصيني، يُشكّل اختراقاً كبيراً في الحرب الباردة بين إدارة بايدن والصين في اتجاهين اقتصادي وأمني، ذلك أنّ الصين لاتزال تساهم في مشاريع أمنية إستراتيجية في مجال البنية التحتية، خاصة مشروع تحديث وإدارة ميناء حيفا، فهناك خشية من أن تقع التقنيات الإسرائيلية المتطورة تحت السيطرة والاستنساخ الصيني، وقبل أن يصل حولتا إلى واشنطن قامت إسرائيل بالتفاتة لبناء الثقة حول هذا الملف، عندما أجّلت الاعلان عن الشركة الفائرة ببناء خطين الأخضر والبرتقالي الجديد للقطار الخفيف في مدينة تل أبيب، وذلك في سياق مساومة بين ملفات مختلفة كالاستيطان وإيران والقنصلية، إضافة إلى الملف الصيني.
إنّ التوازن الذي تنشده إدارة بايدن ما بين الضغط على إسرائيل على ملف الاستيطان من ناحية والخشية من سقوط حكومة بينيت، من شأنه إتاحة المجال أمام تفاعل القنوات المختلفة بين سائر الملفات التي أشرنا إليها، وهو ما يحيل إدارة بايدن إلى أن تكون أكثر حساسية في اتخاذ القرارات المناسبة التي تخدم رؤيتها ومصالحها، وهذا ما تستفيد منه إدارة بينيت ويحوّل هشاشتها إلى نقطة قوة في العلاقة مع واشنطن، ذلك أنها تدرك أنها مطلوبة كي تبقى وتستمر، ما يجعلها أكثر قدرة على التلاعب بل والضغط على إدارة بايدن، وليس العكس.